وقف الرئيس المخلوع للمرة الثانية خلف القضبان ليكون خير شاهد على قوة وصلابة وإرادة هذا الشعب العظيم.
وإذا كنت كتبت يوما ما عن سقوط بن على وبداية سقوط مبارك مقالا بعنوان "سجل يا تاريخ" فليس هناك أبلغ من مشهد المخلوع خلف القضبان وأتصور أن رفاقه من المستبدين فى العالم العربى وحول العالم سوف يمعنون النظر فى المشهد ويفركون أعينهم بأيديهم غير مصدقين أن كبيرهم الذى علمهم السحر والاستبداد يقف اليوم للمرة الثانية خلف القضبان.
تابعت صحف العالم وهى تسجل على صدر صفحاتها الأولى صورة الرئيس المخلوع وهو يرقد على سريره فى قاعة المحكمة وبعض الصحف علقت على ذلك بقولها "خلف القضبان ولكن نائما"، لن ندعوه للوقوف مثله مثل غيره ليس فقط رحمة به ولكن لأنه لا يستطيع أن يواجه شعبه واقفا ففضل الهروب بالنوم فوق سريره..
لا يهمنا إن كان واقفا أم راقدا
مقيدا أم طليق اليدين
ما يهمنا أنه وللمرة الأولى فى تاريخ مصر يحاكم حاكمها
ويوضع خلف القضبان وأين فى مقر أكاديمية الشرطة التى احتمى ببلطجيتها طوال فترة حكمه
ما يحدث هو انتصار يضاهى لحظة إعلان تنحى المخلوع فى الحادى عشر من فبراير الماضى.
صفحة من تاريخ مصر أظنها على وشك الانطواء..
صفحة أثلجت الصدور وخففت من لوعة ألم فراق الشهداء وآلام الجرحى الذين يعانون من طول جراحهم وإهمال المسئولين لهم.
صفحة جديدة بدأت وعلينا أن نفكر كيف نخط سطورها
وكيف نكتب حروفها
كيف نبنى لأجيالنا بيتا من لبنات وحدتنا لحظة خروج مصر فى ميدان التحرير
كيف نصنع الغد من وقود الفرحة التى غمرت الصدور حين سقط الطاغية
يجب أن نوقف التفكير فى الماضى بكل آلامه وجراحه ومآسيه، دعونا نفكر فى الغد..
دعوا القضاء يفصل فى أمر المخلوع ورفاقه
ودعونا ننصرف إلى العمل
لا يجب أن يلعب بنا بقايا النظام هذه اللعبة القذرة ويدخلوننا فى أتون جدال عقيم حول المحاكمة وتطوراتها، أو حول المواد وفق الدستورية وملاحقها..
يجب أن ننتبه إلى مايريده هؤلاء ونكون أكثر حرصا على عدم تحويل المحاكمة إلى مأتم للشهامة ومندبة على النخوة لأننا نحاكم رئيسا فاسدا..
لا يجب أن تلفتنا المحاكمة عن استحقاق الثورة وحق الشعب فى حكم نفسه بنفسه واختيار حكومة مدنية تدير شئون البلاد وتعد العدة لبناء دستور جديد يعبر عن إرادة الأمة بكل مكوناتها.
آخر السطر
قد يطول مشهد المحاكمة وقد يمتد، ولا ينبغى علينا أن نضيع وقتنا فى البحث عن الأسباب والمبررات والدخول فى مساجلات لأن خطة الدفاع عن المتهمين خلف القضبان مبنية على أحداث حالة من السجال العام بحيث تتحول المحاكمة الى قضية اخلاقية ينشغل بها الرأى العام وربما يحدث صدام بين بلطجية النظام القديم وأهالى الشهداء والجرحى يكون سببا فى تعليق التقدم نحو المستقبل!!