كشفت السفيرة منى عمر مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية أن عددا من قادة وزعماء أفريقيا يعتبرون المحاكمة العلنية للرئيس السابق حسنى مبارك إهانة كبيرة لقائد مسن ومريض، فى حين أكدت أن علنية المحاكمة كانت السبيل الوحيد لتهدئة الشارع المصرى.
وأكدت السفيرة منى عمر فى حوار خاص مع "اليوم السابع" على تقديرها لمشاعر أسر الشهداء فهى أم لثلاثة أبناء وجدة لحفيدتين "جنا وجود"، وقالت "لو كان عندى ولد أو ابنة استشهدا فى هذه الثورة يمكن كنت أبقى عايزة أروح أكله بأسنانى، ولكن من الناحية المهنية للأسف بعض الدول الأفريقية المجاورة تلومنا على كيفية التعامل مع محاكمة مبارك، ويرون ذلك من واقع تقاليدهم الأفريقية والقبلية، ويقولون أنه لا داعى لإحضار شخص مسن مريض ومحاكمته أمام الناس، وأكثر من رئيس جمهورية تحدث معنا فى هذا الشأن من منطلق تقديرهم لمصر، وليس تدخلا فى شئوننا، منهم رئيس تنزانيا وأيضا وزراء فى تشاد".
وأضافت: أنا مع محاكمة مبارك وصدور حكم ضده فى حالة إدانته، ولكن علنية المحاكمات قد تثير الانقسام بين الناس ما بين التعاطف وطلب القصاص، مؤكدة "علينا أن ندرك أن هناك فترة تقاضى لإثبات الاتهامات الموجهة للرئيس السابق ونظامه، وللأسف لو لم يتم التوصل إلى الأحكام التى يرغبها الناس، فإن "الشارع هيولع"، وهذا غير مطلوب والمفروض أن نقبل أحكام القضاء لأن المحاكمات لا تخص الرئيس فقط ولكن هناك وزراء وأشخاص بينهم مظلومين.
وأشارت السفيرة عمر إلى أن الناس تريد ما يشفى غليلها، ولو أننا نضع أسس لمجتمع جديد لابد أن يرتكز على احترام القانون وقرارات القضاء، ويكفى ما حدث من انتهاكات للقوانين على مدار الفترة الماضية، لأن الوضع فى البلد أصبح صعبا بالنسبة للكثير من الناس، موضحة أن محاولة اغتيال الرئيس السابق فى أديس أبابا كانت محورا أساسيا فى إهمال مصر لأفريقيا، حيث كان الرئيس لا يهتم بحضور المؤتمرات الأفريقية، مما كان يثير حفيظة بعض الدول الإفريقية، إلا أن الوضع تغير تماما الآن واستطعنا إعادة العلاقات بشكل جيد.
واعترفت السفيرة منى عمر بوجود نفوذ لإسرائيل فى أفريقيا، ولكنه لا يتجاوز بأى حال من الأحوال الدور المصرى، قائلة :"بالطبع عندما تترك فراغ فى مكان ما فإن طرف آخر يهتم بملأ هذا الفراغ "، مؤكدة على أن مصر أقوى من إسرائيل فى أفريقيا والعلاقات المصرية الأفريقية لا يمكن مقارنتها بالعلاقات الإسرائيلية الأفريقية بشهادة التاريخ.
وتابعت السفيرة منى عمر "زادت الاستثمارات المصرية فى الفترة الأخيرة وبدأ رجال الأعمال يتوجهون إلى أفريقيا، إضافة إلى الوفود الشعبية، وهذا توجه جيد لأننا فى وزارة الخارجية لم نكن نعانى فقط من غياب الرئيس، ولكن أيضا من غياب البرلمان ومنظمات المجتمع المدنى والإعلام، فمهما يكن فوزارة الخارجية هيئة حكومية لا تستطيع التوغل داخل المجتمعات الأفريقية مثلما يستطيع الإعلام على سبيل المثال".
وأشارت السفيرة عمر إلى حدوث تحول جذرى فى وزارة الخارجية فى الفترة السابقة بالتركيز على الجوانب الاقتصادية، وليست السياسية فقط فى العلاقات الثنائية مع الدول لذلك نشجع رجال الأعمال، ونقيم لجان مشتركة وننضم لعضوية منظمات تقدم تسهيلات لرجال الأعمال ونوافيهم بشكل دورى ودائم بكل ما يتم طرحه فى الدول الأفريقية من مناقصات لتساعدهم فى دخول هذه الدول، إضافة إلى مجالات الفن والسياحة والاتصالات وغيرها من المجالات التى تقوى من علاقاتنا مع أفريقيا.
وقالت السفيرة منى عمر، إنها كانت دائما على موعد مع الأحداث الهامة خلال مشوارها فى السلك الدبلوماسى، حيث شهدت فترة التحول الديمقراطى فى جنوب أفريقيا على يد الزعيم نيلسون مانديلا بعد الصراع العنصرى بين البيض والسود، الذى كان يتم فيه القتل لمجرد لون البشرة، وأيضا العمل فى أثيوبيا بعد محاولة اغتيال الرئيس السابق حسنى مبارك، وكان بها زخم أمنى شديد جدا، وفى رواندا شاهدت الكثير من الصور الفظيعة عقب المذابح الدامية وقصف السفارة المصرية بسلاح آر بى جى، وحل أزمة العثور على أسلحة مصرية وسط الاشتباكات، وإقناع السلطات الرواندية أنها أسلحة متداولة فى السوق وليست من الدولة، وأيضا صادفت فترة عملى فى الدانمارك اندلاع أزمة الرسوم المسيئة للرسول، واستطعنا تدشين حملة ضد هذا التشويه، وكان للوزير الأسبق أحمد أبو الغيط مجهود كبير بها.
وعن وزراء الخارجية الذين عملت معهم فى الفترة الأخيرة قالت، إن الوزير الأسبق أحمد أبو الغيط يعتبر من أفضل وزراء الخارجية الذين شهدتهم مصر، ولكنه كان سيئ الحظ بتصريحاته، أما من الناحية الإدارية والدبلوماسية فكان شعلة نشاط، أيضا الوزير السابق محمد العرابى كان لديه خطط ورؤى جيدة وحقق نجاحا فى فترة قصيرة خاصة فى ملف المصريين العالقين فى ليبيا.
وعبرت السفيرة عمر عن تقديرها للوزير الأسبق نبيل العربى، قائلة إن له مكانته الدولية ولكن الفترة التى جاء فيها لم تسمح له بالاهتمام بشئون الوزارة لانشغاله بالكثير من الاجتماعات واللقاءات الخارجية، ولكنه لم يستطع أن يترك أثرا فى وزارة الخارجية ونأمل خيرا فى الوزير الحالى.
وعن إمكانية الاستفادة من تجربة جنوب أفريقيا فى التحول الديمقراطى، قالت إنه من الصعب تطبيق ذلك فى مصر، لأنه فى جنوب أفريقيا كان شعبا بأكمله وتم الاتفاق على المصالحة وفق مبدأ "نغفر ولا ننسى"، أما فى مصر فهى طبقة معينة من النظام السابق وتم إزالتها بالفعل، وكل ما نريده أن تتم محاكمتهم بطريقة سليمة، وأن نرضى بحكم القضاء.
وقالت السفيرة منى عمر، أنها شاركت فى الحركات الطلابية فى السبعينيات، وأن ثورة 25 يناير كانت رغبة كامنة داخل كل مصرى، لأن الناس وصلت إلى نوع من التراكم الانفعالى والرفض الشديد للوضع الموجود من الديكتاتورية والفساد الذى طمس الإنجازات ولا أعرف كيف كان يبرر هؤلاء المسئولين لأنفسهم كل هذه الملايين والمليارات، فى حين أنهم يرون ناسا لا تجد قوت يومها فى الدويقة وغيرها.
وتابعت: حتى فى وزارة الخارجية كان هناك ديكتاتورية شديدة فى اتخاذ القرارات دون الاهتمام بآراء المستشارين والخبراء، وكان المعيار شخصى إلى أبعد الحدود ولا يراعى المصلحة العامة للدولة، موضحة أن الشباب الذى أشعل فتيل الثورة كانت أمامه الأرض خصبة لمشاركة جميع طوائف الشعب وكانت الاستجابة سريعة، لأن الثورة كانت مطلب جماهيرى.
وأضافت كنت أتوقع تنحى الرئيس السابق ولكن كنت أتمنى أن يحدث مبكرا فى بداية الثورة حتى نتجنب كل ما ترتب على التأخير الغريب فى اتخاذ هذا القرار، لافتة إلى أن الثورة كان لها تأثير كبير على قرار ابنتى وأولادها بالعودة من كندا للاستقرار فى مصر لأنها تشعر الآن أن هذه البلد بلدها، لافتة إلى أن التعامل الأمنى مع الناس كان بشعا.
وأضافت: "طبعا نحن محظوظون أن الرئيس السابق مبارك تخلى عن السلطة دون أن ندخل فى متاهات، مقارنة بما يحدث فى ليبيا، لافتة إلى زيادة التعاطف مع القذافى من الأفارقة بعد حملات الناتو ضده، ورفض المجلس الانتقالى للحوار فى مبادرة الاتحاد الأفريقى.
وقالت السفيرة عمر، إنها لم تحدد بعد من ترشح للرئاسة قائلة كتبت على صفحتى بالفيس بوك "إننى لازالت فى انتظار الفارس"، فلن اختار أحد المرشحين لمجرد حديث أعجبنى على شاشة التليفزيون ولكننى فى انتظار برامجهم وخططهم.
وأكدت مساعدة وزير الخارجية "لا أخشى وصول إسلاميين مستنيرين إلى الحكم، ولكن الإسلاميين بمنظور رجعى أرفضهم تماما والإخوان المسلمين، لم يظهروا حتى الآن تلك الرؤية المستنيرة لدور المرأة فى المجتمع، ولم يظهروا أنهم متفتحين، وعموما أنا مع الدولة المدنية وقد تربيت فى مدرسة للراهبات، ولم نفكر مطلقا فى كوننا مسلمين ومسيحيين، وكل منا يقوم بعباداته وإلا ما الفرق بينا وبين إسرائيل.
وأعربت السفيرة عمر فى نهاية حديثها عن تفاؤلها بشأن المستقبل، قائلة: "لا أنكر أن عندى قلق بشأن المستقبل، إلا أننى لست متشائمة، ولدى أمل فى اجتياز هذه الفترة، ولن يتحقق ذلك إلا ببدء مرحلة العمل والإنتاج حتى ننهض ببلدنا.
السفيرة منى عمر مساعدة وزير الخارجية لشئون أفريقيا: بعض الدول الأفريقية تلومنا على كيفية التعامل مع مبارك ويرون أنه لا داعى لإحضار شخص مسن ومريض ومحاكمته أمام الناس.. وأبو الغيط ضحية تصريحاته
الخميس، 18 أغسطس 2011 05:52 م
السفيرة منى عمر مساعدة وزير الخارجية لشئون أفريقيا