محمد فهيم

مسلمون تائهون فى أوروبا

الأربعاء، 17 أغسطس 2011 09:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التقيت عدداً من المسلمين فى أوروبا، ولكنى وجدتهم مسلمين بالاسم أحيانا وبدونه أخرى، ولكننى وجدتهم جميعا لا يعلمون من الإسلام إلا اسمه ويعيشون حياتهم بعيدين كل البعد عن حقيقة ومبادئ الدين، ورأيت أن العيب ليس فيهم، وتأكدت أن التقصير منا نحن مسلمو الشرق وأصحاب اللغة العربية وأهل القرآن وأصحاب الرسالة بعدما أهملناهم وتركناهم حتى ضاعت هويتهم، فهم مظلومون بسبب التربية والبيئة واللغة والإعلام التى كانت أدوات هدم وقفت جدارا فولاذيا عازلا بينهم وبين أحكام الدين وقواعد الإسلام.

وقد التقيت سيدة بوسنية تحيا حياة أوروبا كما يعيشها أهلها، عرفت هى من أول وهلة أننى عربى مسلم فتحدثت معى وواظبت على لقائها مرات عديدة، وتحدثنا حول الإسلام وصورة المسلمين، والمفهوم الخاطئ الذى نشره الإعلام الغربى ووصفه المسلمين بالإرهابيين، وعشت قصتها منذ أن هربت إلى فرنسا وهى شابة صغيرة من جحيم الصرب خوفا من الإبادة الجماعية، وتزوجت من أول شخص قابلها كى تعيش فى أمان، ولكنى رغم كل ذلك لم أملك شيئا كى أساعدها سوى أن أكتب لها سورة الفاتحة بالحروف الإنجليزية كى تقرأها عندما تحن إلى الصلاة التى لا تعلم من هيئتها وصفتها شيئا، والحق لم ألومها أبدا لأنها لا تصوم ولا تصلى، وتزوجت ممن هو على غير ملتها ثم افترقنا ومازالت تنهيدة قلبها وهى تستمع لى تؤلم قلبى، ومازال صوتها وهى تردد سورة الفاتحة خلفى يرن فى أذنى ويملاؤنى حسرة على حال المسلمين.

الشخصية الثانية كانت لرجل إيطالى تزوج من شابة مغربية مسلمة بعدما أشهر إسلامه على الورق، حتى يظفر بقطعة الشيكولاتة المغربية، كما كان يدعوها، وجدت الجميع يناديه باسم ماركو، ويشرب الخمر، ويتناول لحم الخنزير، بينما يتحدث معى بصفته كمسلم فتحدثت معه كثيرا ولمدة ساعة يوميا عن عقيدته التى لا يؤمن بها، وعن دينه الذى اعتنق، ولا يعلم منه شيئا، فأخذت أقرأ له قصار السور بصوتى حتى تعود على سماع القرآن، وأحضرت له سى دى بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد فاستمع إليه، وهو لا يكاد يفهم شيئا وعاد لى فى اليوم التالى، وعلامات السعادة والهدوء تبدو على وجهه، وبدأ يتعامل مع عقيدته بشكل جديد، وبدأ يسأل زوجته المغربية عن كل صغيرة وكبيرة، وذهب إلى صلاة الجمعة فى المسجد، وكانت نقلة فى حياته، فأصبح لا يخفى إسلامه أمام زملائه فى العمل.

أما الحالة الثالثة فكان فرانكو رجل ألبانى جاء لأوروبا باحثا عن أكل العيش، وما أذله عيش ذلك المغموس بالذل، حيث وجدت فرانكو يعيش مع أسرة إيطالية يخدمهم ويقوم على أمرهم ويحيا حياتهم ويجاريهم فى كل أفعالهم وأقوالهم، وعندما حانت لحظة خلوت فيها بالرجل أسرنى بحقيقته فقال لى إنه ألبانى مسلم، ولكنى لم أملك أن أقدم له شيئا، فقضيته المال ومأساته الخوف من الفقر، والدين عنده فقط عندما يعود إلى أهله فى البانيا فيترك اسمه "محمد" على باب الطائرة ويخلع ديانته مع هبوطها أرض المطار، وليصبح ماركو البروتستانتى الذى يعشق "الفينو والميالى".

أما الحالة الأخيرة فهى لأسرة "مسلمة مسيحية" الأب مصرى مسلم والأبناء سامر وعمر مسلمين بالاسم والأم مسيحية كاثوليكية تزوجت الأب فى شبابه، واليوم يبحث الأب عن جذوره التى فقدها وأصوله التى انتزعت منه، ولكن المشكلة الأكبر هى أبناؤه الذين يتمنى لهم أن يصبحوا مسلمين حقيقيين عشقت الطفلين وحاولت معهم أن أعلمهم اللغة العربية وبعض آيات القرآن الكريم، تقبل الولد الكبير ولم يتقبل الصغير الأمر، وكم كانت سعادتى عندما كنت أرى آيات القرآن الكريم، وهى مرسومة بخط سامر الذى يؤكد أنه مشروع لفنان فى كتابة الخط العربى، ولكن الأيام لم تستمر على حالها، وتركت الأبناء ولا أعلم عنهم شيئا.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة