ارتكبت إسرائيل يوم 14 يوليو 2011، فعلا إجراميا وسافرا كعادتها، باعتقال 3 أطفال مصريين لا يتعدى عمرهم 15 عاما، مدعيةً أنهم تسللوا إلى أراضيها لتهريب بضائع، وقدمتهم إلى التحقيق دون أن يكون معهم محام، ثم المحاكمة، وأشارت جهات التحقيق هناك أنه تم القبض عليهم من قِبل الجنود الإسرائيليين الموجودين على الحدود.
وقد ذكرتنى هذه القضية بمَثل مصرى يقول "لو كان اللى بيتكلم مجنون، فالمستمع عاقل"،،، فلا يمكن لعقل أن يُصدق أن أطفالاً لم يتجاوزوا الخامسة عشرة من عمرهم، يمكنهم أن يتسللوا إلى الأراضى الفلسطينية ليبيعوا "معسل"، فى الوقت الذى لا يتمكن فيه الفلسطينيون أنفسهم من عبور هذه الحدود،،، ولا يمكن تصديق أن الجنود المصريين على الحدود قد غفلوا عن هؤلاء الأطفال حتى يقبض عليهم الإسرائيليون بأنفسهم،،، ولكن المؤكد أن القوات الإسرائيلية اختطفتهم، والدليل أن هذا الحادث وقع بعد شهرين من اعتقال أجهزة الأمن المصرية للضابط الإسرائيلى "إيلان تشايم"، المتهم بالتجسس على مصر،،، حيث أرادت الدولة الصهيونية أن تلعب هذه اللعبة الدنيئة من أجل الضغط على السلطات المصرية لتبديل هؤلاء الأطفال بهذا الجاسوس.
إنها حقاً "البجاحة الإسرائيلية" التى سمحت لها بأن تُدخل هؤلاء الأطفال الأبرياء فى لعبتها، ولكن الأمر ليس غريباً على دولة قامت على أرض ليست أرضها، وقتلت وتقتل آلاف من الأطفال الفلسطينيين الأبرياء كل يوم دون رحمة أو شفقة.
فالجانب الخطير فى هذه القضية، هو الأسلوب الذى تعاملت به الدولة الصهيونية مع الأطفال، والذى كشف عن الحقيقة التى تحاول إسرائيل دائماً أن تُداريها أو تُظهر عكسها، وهى حقيقة إسرائيل المعادية لمصر والعرب، والتى لم ولن تحترم أو تُنفذ اتفاقية السلام كما تدعى دائماً، لأنها تعاملت مع الأطفال بموجب قانون التسلل الذى وضعته عام 1954 ليتم تطبيقه على كل من يستلل إلى أراضيها من دولة معادية، ولا يتم تطبيقه على رعايا الدول غير المعادية، وبالتالى فإن تطبيقه على الأطفال المصريين يؤكد أن إسرائيل تعتبر مصر دولة مُعادية، مما يتناقض مع اتفاقية السلام، ويؤكد عدم اعترافها الضمنى بالاتفاقية، رغم ما تزعمه من اعتراف رسمى بها، لأنها لو كانت تحترم اتفاقية السلام، لكانت قد سلمت هؤلاء الأطفال إلى مصر، ولكنها كشفت عن وجهها الحقيقى، وأرادت الضغط على مصر وغلق جميع المنافذ حتى لا تبقى إلا طريقة واحدة وهى تبديل الأطفال بالجاسوس، خاصة أنها اتخذت إجراءات سريعة فى التحقيق معهم، وتقديمهم إلى المحاكمة فى أكثر من جلسة.
أما الجانب الآخر للقضية، فهو يرتبط بقصة الجندى والبطل والشهيد المصرى سليمان خاطر، الذى دفع حياته ثمناً لأداء الواجب، وثمناً لحماية أمن بلاده، وثمناً لتواطؤ نظام سياسى حكم مصر لسنوات، ويكشف هذا الجزء عن الفرق الحقيقى بين تعامل النظام فى إسرائيل وتعامل النظام السابق فى مصر مع هذا النوع من القضايا، فالبطل المصرى الذى تم اغتياله داخل سجنه فى 7 يناير 1986 بتواطؤ النظام السياسى السابق لإرضاء إسرائيل، وفى بداية عهد الرئيس السابق الذى بدأ فساده وتبعيته وتواطؤه ببداية حكمه لمصر.
فقد كان البطل سليمان خاطر يؤدى واجبه على الحدود المصرية مع إسرائيل بمنطقة بجنوب سيناء، وعندما حاولت مجموعة من الإسرائيليين التسلل إلى الأراضى المصرية، رغماً عنه ودون الاستماع إلى تحذيراته المتكررة ودون مراعاة القوانين والأعراف وحرمة حدود الدولة المصرية، فقد أطلق عليهم الرصاص وقتل 7 منهم يوم 5 أكتوبر 1985، وقال البطل فى التحقيق "أنا واقف فى خدمتى وأؤدى واجبى، وهناك أجهزة ومعدات غير مسموح لأى أجنبى أن يراها، والإسرائيليون رفضوا الاستماع إلى تحذيراتى" ثم وجه سؤالا كأنه إلى النظام الحاكم، مفاده: (أمُال أنتم قلتم ممنوع ليه؟.. كنتوا قولوا لينا نسيبهم، وإحنا نسيبهم)".
فهذا هو سليمان خاطر الذى تم تحويله إلى المحاكمة العسكرية، ورفض رئيس الجمهورية السابق الاستجابة لكل النداءات التى طالبت بتحويله إلى المحاكمة الجنائية، وكأنه أراد أن يعلم الجنود المصريين ألا يدافعوا عن حرمة حدود مصر مرة ثانية، وأن يتركوها لعبث الإسرائيليين، وهذا ما توقعه البطل سليمان خاطر قبل الحكم عليه، حينما قال: "أنا لا أخشى الموت لأنه قضاء الله، ولكنى أخشى أن يكون بالحكم الذى سوف يصدر ضدى آثار سيئة على زملائى، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم"، بل والأفظع، أنه بعد الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عاما، تم قتله داخل السجن والادعاء بأنه انتحر، فى 7 يناير 1986، وهو نفس الشهر الذى شهد الثورة الشعبية لإسقاط النظام السابق بعد مرور 25 عاما من استشهاد سليمان خاطر، الذى حُرم من الدفاع عن نفسه أمام محكمة مدنية عادلة، وحُرم من الافتخار بأنه أدى واجبه، ولكن الثورة المصرية أعادت له حقه.
فهذا هو الفرق بين النظام السابق الذى سلب المصريين كرامتهم وحياتهم وعزتهم وإحساسهم بواجبهم أمام أنفسهم وأمام الآخرين، وفضل حياة الأجانب المعُتدين على حياة أبناء الوطن، وبين النظام الإسرائيلى الذى يحمى دولته الباطلة حتى باعتقال الأطفال، والتآمر للإفراج عن جاسوس له، وعدم تركه فى السجون المصرية.
ولكن.. ليس من المنطقى أن توافق السلطات المصرية على استبدال أطفال لم يرتكبوا جرم، مقابل ضابط متهم بتهديد الأمن القومى المصرى والتجسس لصالح الموساد.. فعلى المجلس العسكرى ووزارة الخارجية المصرية الإسراع فى إنقاذ الأطفال المصريين من تلك الأيادى الغادرة سواء بالطرق الدبلوماسية أو بالضغط على إسرائيل بكافة الطرق، وألا يتم تسليم الجاسوس لإسرائيل مهما كانت الضغوط، حتى تعرف إسرائيل أن النظام التابع لها قد زال، وأن إرادة الثورة والشعب والجيش هى التى سوف تحكم، وأنها أشرف بكثير من الرضوخ لهذه اللعبة الدنيئة.
شهرت وهبة تكتب: لعبة إسرائيلية دنيئة لإطلاق سراح الجاسوس
الأربعاء، 17 أغسطس 2011 10:46 م
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حنان عمار
لعنة مبارك على مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
عبير محمد
كنتي فين يا أستاذة
عدد الردود 0
بواسطة:
منير
ربنا ياخد إسرائيل
عدد الردود 0
بواسطة:
شهرت وهبة
رد على من شرفت بتعليقاتهم
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
مقالة رائعة
عدد الردود 0
بواسطة:
منى
إسرائيل لازم تقف عند حدها
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سالم
تحية الى الشهيد سليمان خاطر
عدد الردود 0
بواسطة:
شهرت وهبة
تحياتي لمن شرفت بتعليقاتهم
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
الى استاذنا محمد سالم