أخاف عليك يا بلدى الآن أكثر من قبل، أخاف عليك وأنت الآن فى مهب الريح. وأنت تسيرين نحو المجهول أخاف أن نحزن بعد أن فرحنا بالثورة العظيمة. الآن نتساءل أين ذهبت الثورة؟ أبحث عنها فى كل مكان فلا أجد سوى البلطجة والمجادلات الكلامية والدماء والفلول وأشياء أخرى كثيرة، لكن الثورة لا أجد لها أثرا إلا فى وجدان وذاكرة من قاموا بها. فقررت أن أسأل لعلى أجد ثورتنا العظيمة بين أهواء وميول وأغراض، فسألت أحد الفلول هل رأيت ثورتنا المباركة؟ فأجابنى بأن ما تسمونه أنتم ثورة ما هو إلا جحود على من أشبعكم من الخبز والعلم والرفاهية من أعطاكم خيرا رفعتم عليه أعقابكم وسميتموها ثورة عودوا إلى رشدكم وردوا الحق إلى أصحابه لعل الله يرحمكم. فقررت أن أنصرف من أمام هذا الشخص لأنه لن يدلنى على ما أرنو إليه.
وذهبت الى شخص آخر ذى لحية وجلباب وسألته هل رأيت ثورتنا التى ضاعت منا فى مواكب التقسيم، فقال لى بإذن الله وفضله نحن الذين فعلناها وما أنتم إلا جرذان الثورات فنحن أحق بها منكم فهى فى محرابنا نطوعها لكى تتشكل كما نحن نريد.
فقلت الثورة لنا جميعا لإقامة دولة العلم والديمقراطية فقال لى: إذا فلتتبعونا وتنصتوا إلى ما نقول لأن حديثنا صدق وأنتم ليس لكم علم كما نحن نعلم، فذهبت إلى ثالث يحمل سنجة فى يده وسألته عن الثورة فقال لى: نحن الذين نحكم البلد واذا أردت شيئا فعليك (بالمعلوم) مهما كان هذا الشىء، ادفع وأنا أبحث لك عن الثورة التى ضاعت منك عند أصدقائى فى الكار. هنا تأكدت أن الثورة التى قمنا بها قد أوشكت على الضياع من بين أيدينا وكل خطوة نخطوها نحو المجهول تحتاج إلى وقت كبير ومجهود أعظم لإعادتها، صرنا لا نعلم ما ينتظرنا فى القريب أو البعيد من الزمن. تبخرت معظم أحلامنا الثورية وها نحن ننتظر المخلص الذى يستعيد لنا ثورتنا من الأسر فهل من مخلص.
