المال، وليس العنف، هو ما يجب أن يخيف، ويكون له حساب فى الانتخابات القادمة، وفى كل الخطوات السياسية. المال يتكلم، وهو الذى يمكن أن يحدد من يأتى ومن لا يأتى فى مجالس التشريع والتنفيذ. وإذا كنا نتحدث عن العدالة وتكافؤ الفرص، فإنه بالقواعد القائمة للعمل السياسى، لا مكان للفقراء فى ذلك العمل، حتى مع الاحتفاظ بنسبة العمال والفلاحين التى تتحول إلى ثغرة لتسرب أعداء العمال والفلاحين، بل أعداء الشعب.
لا يوجد فى القوانين والمراسيم التى صدرت لتنظيم عمل الأحزاب أو الانتخابات ما يشير إلى ضوابط لاستخدام المال فى السياسة، وهى ضوابط فى كل دول العالم الحديث توضع لضمان شفافية مصادر التمويل، حتى يمكن ضمان حرية الإرادة، وحتى هذه القواعد فى الغرب يتم اختراقها.
ويتوقع أن يكون للمال الدور الأهم فى شراء السلطة وإعادة تصنيعها. هناك العشرات بل المئات من كبار رجال الأعمال الذين كانوا يرتبطون عضويا بالحزب الوطنى، بل يشاركون فى فساده ويربحون من وجودهم داخله- مايزالون طلقاء، وسوف يتقدمون للانتخابات القادمة، أو يدفعون بوكلاء، وبعضهم سارع بارتداء ملابس الثورة، وقفز على الأحزاب الناشئة، وهؤلاء محترفون فى الاتجار بالأصوات والتلاعب فى الانتخابات، والذى يدور الجزء الأكبر منه خارج اللجان.
وبالتالى فإن فلول «الوطنى» لن يتقدموا إلى الانتخابات فى ملابس الفلول، بل فى ملابس الثورة، ولن ينادوا بمبادئ «الوطنى» لأنه لم تكن له مبادئ، بل هم مستعدون لتمويل أكثر السياسات عدوانا على حقوق المواطنين، كما أنهم قادرون على شراء النفوذ والتلاعب به. ولا ننسى أن قواعد اللعبة السياسية القديمة ماتزال قائمة ومستمرة وصالحة للاستخدام، ولم يتغير سوى الشكل. لا توجد مواد ترتب حماية إرادة الناخبين أو الفقراء، وهؤلاء هم الأضعف موقفاً.
ومن الوارد أيضاً أن يلعب المال الخارجى دوراً فى توجيه العمل الحزبى والسياسى، ولا نقصد فقط الاتهامات العامة غير المسندة بالتمويل لبعض الأفراد والتيارات، وهى اتهامات تخلو من أى دليل، وإنما نقصد أن جهات كثيرة وأجهزة خارجية تعمل من أجل مصالحها والدفع بالموالين لها فى مجالس التشريع والتنفيذ، وهى أمور معروفة فى عالم السياسة، خاصة ونحن فى مرحلة مفتوحة تفتقد الوضوح، وقد رأينا محاولات لشراء أحزاب، أو فرض السيطرة عليها، وكل هذه الأمور تستدعى وجود قانون يوضح كيفية تلقى التمويل، ويجعل التبرع أو التمويل للعمل السياسى علنيا حتى يمكن معرفة توجهات السياسة والمال بشكل واضح، وهذا أفضل من استمرار أسلوب دفن الرؤوس فى الرمال. الأمر يحتاج إلى قانون وقواعد عامة مجردة حتى لا نفاجأ بأن الديمقراطية والنفوذ يباعان ويشتريان فى السوبر ماركت.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسر
لازم قانون