رأى عدد من الأدباء والمثقفين أن التكريم الحقيقى للشاعر الكبير الراحل صلاح عبد الصبور (1931-1981) فى ذكرى رحيله الثلاثين، وخاصة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، التى أسقطت نظامًا حرص على تهميش أعماله التى تدعو إلى الثورة، هو أن يعاد طبع أعماله من جديد وتطرح فى الأسواق، وأن يتم الإعلان عن تأسيس جائزة للشعر الجديد باسم "عبد الصبور" باعتباره مؤسس الحداثة الشعرية.
وفى نفس السياق، رأى المثقفون أن ما قاله الناقد الدكتور جابر عصفور حول موقف "عبد الصبور" من استضافة إسرائيل فى معرض القاهرة الدولى للكتاب أنه حديث لا جديد فيه، لأن الجميع وقتها وفيما بعد علم أن المشاركة أتت بناءً على أمر سياسى وليست بموافقة عبد الصبور المشهود له بالنزاهة.
الشاعر والمترجم رفعت سلاَّم قال لـ"اليوم السابع" إن صلاح عبد الصبور أكبر بكثير من موقف عابر بهذا الحجم، خاصة أن ما أتى به جابر عصفور ليس بجديد وهو معروف لدى الكافة، فمشاركة إسرائيل فى المعرض جاءت بالأمر المباشر من السادات، والنبش فى قضايا من هذا النوع فى ذكرى وفاة "عبد الصبور" ليس حسن النية أبدًا، بل هناك بواعث خبيثة لجابر عصفور لطرح هذا الموضوع فى هذه اللحظة، للتشويش على مواقفه هو المشينة من النظام السابق وآخرها قبوله الوزارة، الملطخة بدم الشهداء، كان الأجدى أن يتحدث عن منجز صلاح دون التطرق إلى هذه المسألة التى لم نعتبرها سبة فى تاريخ صلاح عبد الصبور.
وأوضح "سلاَّم" أن فكرة الاستقالة من المناصب التى يلمون بها على "عبد الصبور" فى ذلك الوقت هى إحدى الأفكار المستحيلة لدى مثقفينا حينما يصلون إلى مناصب معينة، وأن الدليل على ذلك أن جابر عصفور نفسه قد تعرض للكثير من الإهانات فى السنوات العشر الأولى من وجوده بالمجلس الأعلى للثقافة على يد فاروق حسنى، ولم يفكر فى الاستقالة، بل دعم علاقته بالنظام، ليستقوى بالسيدة سوزان مبارك ضد فاروق حسنى، فستون عامًا منذ قيام الثورة إلى الآن لم نر مسئولاً أو مثقفًا يستقيل من منصبه، سوى الدكتور حلمى مراد فهى ثقافة ليست موجودة فى مصر والعالم العربى.
وأضاف "سلاَّم" كنت أتمنى لو أن ذكرى صلاح عبد الصبور قد شهدت حدثين، مؤتمر ثقافى عربى كبير تستضيفه القاهرة لأن دور صلاح عبد الصبور الشعرى يستحق ذلك فى الحد الأدنى، وأن تصدر طبعة شعبية من أعمال عبد الصبور كاملة لتكون متاحة لدى الأجيال الجديدة من القراء ليعرفوا القيمة الحقيقية لصلاح عبد الصبور، لأن ما حدث أشبه بدردشة صغيرة اختلط فيها الحابل بالنابل فى ذكرى شاعر مؤسس للحداثة الشعرية المصرية والعربية.
من جانبه شدد الكاتب الصحفى حلمى النمنم رئيس مجلس إدارة دار الهلال على ضرورة أهمية إعادة طبع أعمال صلاح عبد الصبور، وإتاحتها للجمهور فى كل مكان، ليكون ذلك أقل تقدير لشاعر كبير، لافتًا إلى أنه سبق وأن كتب ما قاله الدكتور جابر عصفور ونشره فى إحدى الصحف منذ عامين.
وقال الشاعر محمود قرنى إن صلاح عبد الصبور واحد من أهم شعراء الحداثة العربية شاء من شاء وأبى من أبى، وإعادة الحديث عن دوره فى مشاركة إسرائيل فى معرض الكتاب لا ينقص من شأنه الشعرى، بل يبدو أن إعادة الحديث عن هذه الواقعة نوع من الانتقام غير الأخلاقى من قيمة الرجل، فهو على المستوى الأخلاقى كان شديد النزاهة، ولم يثبت فى لحظة من اللحظات أنه أساء استخدام المواقع التى عمل فيها.
وأوضح قرنى أنه من ناحية الموقف السياسى فقد كان "عبد الصبور" متسقًا مع أفكاره باعتباره محسوبًا على اليمين الليبرالى، ومن ثم كان صعوده السياسى فى الحقبة الساداتية، لكنه عاد شاعرًا كبيرا وظل كذلك حتى لحظتنا الراهنة، مضيفًا، أعتقد أن ما قدمته له الدولة حتى الآن لم يكن لائقًا باسمه أو بحجم منجزه، وفيما يتعلق بقبوله للمشاركة الإسرائيلية بمعرض الكتاب إبان رئاسته للهيئة المنظمة فقد كان قرارًا سياسيًا لا يملك عبد الصبور شيئًا، وأعتقد أن الأيام أثبتت أن المنافقين والمداحين للنظام السياسى هم الذين يجلدون عبد الصبور الآن، هم من حصدا وأكلوا وشربوا على موائد النظام، أما عبد الصبور فقد خرج من الحياة خالى الوفاض من أى شىء، إلا من شعره وضميره، وما تركه من أخلاقيات رفيعة فى العمل الثقافى.
ودعا قرنى لإنشاء جائزة سنوية للشعر الجديد باسم صلاح عبد الصبور، لأنه مؤمن أشد الإيمان بالتيارات الجديدة فى الشعر، وقدم للحياة الثقافية معظم شعراء جيل السبعينيات رغم أنهم كانوا يهاجمونه ليل نهار.
موضوعات متعلقة
عصفور: "أنيس منصور" يملك براءة "عبد الصبور" من استضافة إسرائيل بمعرض الكتاب
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=474366
ابنة صلاح عبد الصبور: الثورة ردت الاعتبار لوالدى فى ميدان التحرير
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=474569
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة