محمود كرم الدين محمود يكتب: المشاعر الخفية

الأحد، 14 أغسطس 2011 09:41 ص
محمود كرم الدين محمود يكتب: المشاعر الخفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاعر شتى تعرض على القلوب كل يوم بمظهرها المحبب للنفوس فتشتريها القلوب بأغلى ما تمتلك، مشاعر وأحاسيس تتمنى أن تحياها القلوب بعد اكتسابها لها، تخلص لها، وتمتزج مع الروح امتزاجاً لا تستطيع أن تفرق بعدها بين الروح وما أحبت، وسرعان ما يكتشف القلب أن ثمة اختلافًا بين ما اشتراه من مشاعر وبين ما وجده فى حقيقتها، وأنه لم تكن أبداً تلك هى الوعود التى صدقتها حين اكتسبتها ودافعت عنها، حينها تبدأ مرحلة أصعب على النفس، أن تسير نفس الاتجاه بالعكس، فكما أحبت تلك المشاعر وربطت الروح بها، يجب أن تفصل تلك المشاعر عنها كفصل الأم بآلامها حين تفصل عن وليدها فى مخاضها.

كم هو صعب أن تكتشف حقيقة عمق المشاعر متأخراً، وتندم أشد الندم أنك خدعت بظاهرها فقط، فإذا بهذا المحبوب بصورته وقد تبدلت، فإذا بالذى كنت تعطيه حباً يصير واجباً عليك مفروضاً ولو قهراً، وإذا بالذى كنت تنتظره منه ومنيت منه الحياة، يؤجل ويؤخر احتياجاتك حتى تموت عطشاً بغير عزاء.

فكم أحببنا الوطن وكان حبنا له صبراً على المر، ثم اكتشفنا أن ذلك كان خداعاً لنصبر على الذل، وكم سمعنا أننا بأعينهم ورعايتهم، ووثقنا بوعودهم ومروءتهم، فلم نجد إلا الفتات يلقونه لنا بتعال ويدخرون لأنفسهم كل غال، حقك لن تحصل عليه إلا إذا دفعت لهم ثمنه، فهل هذا حقاً ما بالبداية اخترته، هل هذا من بجانب علم بلادك وضعته، وبمكانة أبوك من قلبك مكنته؟، أم أن حبه كان أشد للمنصب، واتخذ حبك حقاً مكتسباً له مهما فى حقك أذنب، ولو تأخرت احتياجاتك، ولو ترك عليك من يهينك ويدمر ذاتك، ولو يئست من حياتك وأصبحت مثل مماتك، فما أقسى ظاهر المشاعر من باطنها، فكيف يظن أننا بعد كل ذلك نصدقها؟!!!

لا يزال الوطن يبحث عن الحب الحقيقى، ظاهره مثل باطنه، خفية مثل معلنة، فمن الطبيعى فيمن صدم فى حبه، أن يدقق ألف مرة فيمن يسلم له ثقته، ولا يصدق ظاهر المشاعر حتى يصل للعمق، ربما كانت جميلة لكنها تدارى قبحاً، فلا تبهر بالاحتفال ولا تأخذك الزينة، تمهل وانظر فى الأفعال واصبر حتى تعرف الحقيقة، وأعد الثقة باختياراتك فحين نكتشف زيف مشاعرنا لا يبقى بها إلا الأشياء الجميلة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة