حسين عبد الرازق

لا.. للعزل السياسى وقانون «الغدر»

السبت، 13 أغسطس 2011 04:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وجه د. على السلمى نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطى رسالة إلى رؤساء الأحزاب، يدعوهم للمشاركة فى صياغة وإصدار ثلاثة مشاريع قوانين تشمل التعديلات المقترحة على مرسوم القانون بشأن جريمة الغدر ومشروع مرسوم القانون بحل المجالس الشعبية ومشروع مرسوم قانون المساواة ومكافحة التمييز، وطالب السلمى فى رسالته بمعرفة رأى الحزب متضمنا المقترحات الخاصة بالإضافة أو التعديل لمشروعات القوانين الثلاثة، وحدد يوم الثلاثاء الماضى «9 أغسطس» كحد أقصى لتلقى آراء الأحزاب، داعيا الأحزاب للمشاركة فى الاجتماع التنسيقى الخاص بمناقشة الرؤى الخاصة بالأحزاب المصرية فى هذا الصدد.

وإذا كان مشروع مرسوم القانون بحل المجالس الشعبية يأتى تنفيذا لحكم القضاء، ويأتى مشروع مرسوم القانون الخاص بالمساواة ومكافحة التمييز تطبيقا لنصوص الدستور والإعلان الدستورى ولإجماع الأحزاب والقوى السياسية والمجتمعية على ضرورة التصدى لأشكال التمييز السائدة فى المجتمع بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة أو الانتماء السياسى أو الحزبى، مضيفا مواد لقانون طبيعى هو قانون العقوبات.. فإعادة الحياة لقانون الغدر الصادر بعد ثورة 23 يوليو 1952 بحجة ضرورة العزل السياسى لقيادات وكوادر الحزب الوطنى المنحل والنظام السابق أمر مختلف عليه، بل ويجب رفضه.

صحيح أن التعديلات المقترحة من جانب مجلس الوزراء على القانون الصادر فى 22 ديسمبر 1952 تعديلات إيجابية تتناول قصر العزل من الوظائف العامة على الذين يتولون وظائف «قيادية» بعد أن كانت مطلقة تتناول جميع الموظفين، وتحديد مدة الحرمان من حق الانتحاب والترشيح وتولى الوظائف العامة وعضوية مجالس إدارة الهيئات أو الشركات أو المؤسسات والانتماء لحزب سياسى بخمس سنوات بعد أن كانت خمس سنوات «على الأقل»، وتلغى المحكمة الاستثنائية، التى يشارك فيها ضباط من القوات المسلحة، وتجعل المحاكمة أمام محاكم الجنايات أى أمام القاضى الطبيعى، وتبيح الطعن على أحكام المحكمة بعد أن كانت المادة السادسة، والمقترح إلغاؤها لا تجيز الطعن على أحكام محكمة الغدر.. إلا أن القانون فى حد ذاته ومبدأ العزل السياسى بقانون خاص هو مثار الاعتراض والرفض.

فقانون الغدر رقم 344 لسنة 1952 المعدل بالقانون 173 لسنة 1953، قانون استثنائى من حيث طبيعة الجرائم والعقوبات التى يفرضها على هذه الجرائم، ومن حيث أثره الرجعى.. مثله فى ذلك مثل قانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى 33 لسنة 1978، والذى تم إلغاؤه عام 1994 والقانون رقم 95 لسنة 1980 لحماية القيم من العيب، والذى ألغى عام 2008، وقانون إنشاء محاكم الدولة رقم 105 لسنة 1980، والذى ألغى عام 2003، والعودة إلى تطبيق قانون استثنائى - بعد الثورة - أمر يتعارض مع العدالة وأهداف الثورة.

وكقانون استثنائى فمن الطبيعى أن يحتوى على عبارات مطاطة يصعب تحديد محتواها، وعلى جرائم غير محددة المعالم، مثل «إفساد الحياة السياسية،» و«التدخل الضار بالمصلحة العامة». وقد تعرضت المحكمة الدستورية العليا فى أحكامها لهذا الموضوع، وقالت فى القضية رقم 3 لسنة 10 قضائية دستورية.. لكل جريمة عقوبة محددة منصوص عليها فى القانون أو مقررة وفق الحدود المبينة فيه. ومن القواعد المبدئية التى يتطلبها الدستور فى القوانين الجزائية أن تكون درجة اليقين، التى تقوم بتنظيم أحكامها فى أعلى مستوياتها، وأساس ذلك ما تفرضه القوانين من قيود خطرة على الحرية الشخصية، ومن المتعين ضمانا لهذه الحرية أن تكون الأفعال التى تؤثمها هذه القوانين محددة بصورة قاطعة غير مجهلة، إذ إن التجهيل بها لا يجعل المخاطبين بها على بينة من الأفعال المنهى عنها، ومؤدى غموض النص العقابى الحيلولة بين محكمة الموضوع وبين إعمال قواعد محددة لأركان الجريمة وعقوبتها دون خفاء.. مما يوقع المحكمة فى محاذير تنتهى بها إلى ابتداع جرائم لم يقصدها المشرع.

وتتأكد استثنائية هذا القانون بالنص على تطبيقه بأثر رجعى، فالمادة الأولى من القانون تعاقب على جرائم الغدر التى ارتكبت منذ سبتمبر 1939. ورجعية القانون أمر يرفضه الفقه الدستورى، ويتعارض مع الإعلان الدستورى المعمول به حاليا، حيث تنص المادة 19 من الإعلان على أن «العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون».

واللجوء لإصدار قوانين استثنائية للعزل السياسى بعد الثورات أو الانقلات أمر بالغ الخطورة، كما تؤكد تجارب البلاد المختلفة، سواء تم تحت شعار التطهير كما حدث فى تشيكوسلوفاكيا، أو تحت اسم «اجتثاث البعث» كما حدث فى العراق، أو «الغدر» كما حدث فى مصر عقب ثورة 1952، فهذه القوانين لا تحقق بالضرورة العدالة المطلوبة، وقد تعزز مشاعر الانتقام وتكون سببا فى غياب العدالة وتقلص شرعية السلطات الحاكمة، وقد استخدم قانون الغدر بعد ثورة يوليو 1952 للانتقام من حزب الوفد - حزب الأغلبية الشعبية فى ذلك الحين - وحوكم على أساسه فؤاد سراج الدين ومصطفى النحاس!

والقوانين الطبيعية القائمة فى مصر تكفى وزيادة لمحاكمة كل من ارتكب جريمة فى حق هذا الشعب. فرئيس مجلس الوزراء والوزراء يملكون طبقا لقانون التعيين والعزل فى الوظائف القيادية. وقانون العقوبات والقوانين الأخرى تعاقب على جرائم التزوير بما فيها تزوير الانتخابات، وعلى الفساد المالى. ولكن الشرط لتنفيذ ذلك هو توافر الإرادة السياسية.





مشاركة




التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

000 علاء الدين بديـــــــوى 000

000 رأى صائب حقا 000

عدد الردود 0

بواسطة:

رنا

مقال يعبر عن الواقع والحب والسلام

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن

حزب التجمع الذى بدأ ثوريا صار تماما مثل الحزب الوطنى

عدد الردود 0

بواسطة:

غلي مخمد

نعم للعزل السياسي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة