عصام كرم الطوخى يكتب: أسير النفس

بدون أن نشعر يجد الكثير منا نفسه أسيراً لذكرياته الحزينة التى لا يستطيع تفريغها بسهولة وماضيه المؤلم وينعكس ذلك على حاضره ويصبح أكثر ألماً ولا يستطيع نسيانه، أسيراً لمعاناته وهمومه وآلامه وجراحه وتعثراته وفراقه لأعز أحبابه، أسيراً لعاداته ومتطلباته وتطلعاته وشهواته وطقوسه الدنيوية، أسيراً لكذبه وثرثرته وأقنعته المزيفة، أسيراً لمواقف معينه لا يستطيع تعَديها تقف حائلاً بينه وبين راحة باله، أسيراً لإخفاقاته وغضبه، أسيراً لذنوبه ومعاصيه وزلاته، أسيراً لسعادته الوهمية وبعده عن الله، أسيراً لأولاده وماله وحاله، أسيراً لفراغه وشطحاته وأفكاره الفاسدة ..

إذا جلست بينك وبين نفسك سوف تجد الكثير من أفعالك التى تقوم بها أنت لست راضياً عنها، لأن إرادتك ليست حرة، قد تسأل نفسك ومن منا طليق النفس حر فى جميع أفعاله، قد تكون محق فى ذلك ولكن تستطيع تغيير كثير من الأمور فى حياتك أنت تمتلكها تخصك لو فعلتها لغيرت وتغيرت حياتك للأفضل، لن تخسر شيئا جرب لن تموت ناقص عمر لن تخسر مثلما خسرت من قبل، ولكن أفعل ما يحلو لك بعقلانية ويقين فى الله فأنت تسعى للأفضل، قد يكون اتخاذ القرار فى بدايته مؤلم لك ولمن حولك لأنهم لم يعتادوا منك ذلك فانتزاع شىء غريب من الجسد مؤلم فى بدايته ولكن نتائجه سوف تبهرك بعد ذلك.

لا تكن أسيراً بعد اليوم، فٌك قيود نفسك وحطم جدران سجنك وابحث عن مخرج من متاهة العبودية لأشياء قيدتك وسلسلتك وأخذت الكثير من وقتك وحجبت عن نفسك ضوء حقيقتك، وابحث عن قارب نجاتك، وتحكم فى دفتك، وجَدف بقوة واصبر صبراً جميلاً وتصدى للرياح والأعاصير ولا تجعل تلاطم الأمواج يغرقك بل انظر إلى الشاطئ الآخر ولا تجعله يغرب عن عينك حتى تصل إليه، وتذكر أنك لو ظللت مكانك فى انتظار من ينجدك سوف يبتلعك البحر بما فيه، بداخلك قوة كامنة حاول استكشافها واستخراجها وتوظيفها ولا تكن أسيراً بعد اليوم.

فقط كن أسيراً لله بعبادتك وطاعتك، أسيراً إلى أى عمل يقربك من جنتك، ويسترها الله عليك فى دنيتك، ويبعدك عن نيران آخرتك.