مضت الأيام وتحول الآمر إلى مأمور، تحول الحاكم إلى محاكم، سبحان من له العزة والقدرة التى لا ينال منها أحد، لسنا من الشامتين ونرجو أن نكون من المعتبرين " لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِى الأَلْبَابِ " وستمضى الأجيال وستتحدث أجيال - بإذن الله - عن محاكمة مبارك وكل ما يحدث.
- أول سؤال يدور فى ذهنى لماذا حدث هذا لمبارك من دون غيره؟ نعم أعلم أنه قدر الله، ولكن أقدار الله كلها حكمة قد لا نصل إلى حقيقتها ولكن نسعى لإدراك شىء منها.
• لقد سعى فاروق فى الأرض فسادا وكان للإنجليز والألمان وخذل أهل فلسطين, وكان له خصوصيات فاسدة نسمع عنها كثيرا.
• لقد أفسد عبد الناصر الحرث والنسل، وفصل السودان عن مصر، ومكن للشيوعية فى مصر، وأذاق الإخوان ألوانا من العذاب، وحاول جهده إفساد الأزهر، وأحيى النعرات القومية وغير ذلك كثيرا.
• أما السادات فحسبه سوءا معاهدة كامب ديفد، وما تسبب فيه من تحويل انتصار العاشر من رمضان إلى هزيمة، ولكن عندما قال "ما يبدل القول لدى" كان الانتقام أيا كان السبب مدبر أو غير مدبر وأيا كان الرأى فى الحادث.
• ونأتى لمبارك هل فاق كل هؤلاء؟ هل الكبر والغرور والصلف والعجب؟ هل بطانة السوء؟ هل تنكيله بالإسلاميين من جميع الاتجاهات؟ هل الخضوع الذليل والمهين لليهود؟ هل ما كانت عليه أسرته من أسلوب ومنهج التعامل مع الشعب؟ هل خضوعه للمطالب العالمية فى إفساد الأسرة والمجتمع؟
قلت وأقول إنها دروس تحتاج إلى فهم وسوف تتبين أمور كثيرة والأيام "حبالى تلد العجائب".
والأمر العجيب الأخر هذه الحالة التى بدت عليهم وهم فى قفص الاتهام، وهنا أتذكر قول النبى صلى الله عليه وسلم (يشب ابن آدم وتشب معه خصلتان، الحرص وطول الأمل).
يا ترى هل من كانوا فى قفص الاتهام يرون أنفسهم ممثلين يقومون بمشهد درامى من إخراج حسن الإمام (اخترت حسن الإمام لأنى اسمع دائما أن أفلامه تنتهى بفرحة)، بمعنى أن المشهد التمثيلى سينتهى ويعود كل واحد منهم إلى حياته العادية ومنصبه السابق عندما يسدل الستار وسوف يصفق الشعب إعجابا بأداء الممثلين لأدوارهم.
أم أن هؤلاء قد اعتادوا التمثيل وما هم فيه إلا دور من الأدوار ولا يهم أن يخرج الممثل اليوم فى دور"باشا" وفى فيلم آخر بواب "عماره" المهم أنه يمثل.
أم هو الأمل وحب الحياة تجعل فى نفس صاحبها قدرة على تجاوز الأحداث الخارجية بمظهر خداع، إن منظر حبيب العادلى وهو خارج من قاعة المحكمة مبتسما يصافح القوات التى تستقله إلى محبسه تحتاج إلى خبراء الطب النفسى لتحليل هذه الظاهرة.
أم أنهم يريدون إيقاع اليأس فى قلوب المشاهدين بأن ما يحدث أمور لا قيمة لها، حتى ينفجر الشعب مما يرى وتنقلب الأمور إلى مزيد من الفوضى أو تأخذ بالأمة إلى طريق اليأس والجزع.
المهم إنهم الآن فى قفص الاتهام، والعالم كله ينظر إليهم سواء أكان كبيرهم على سرير أم على كرسي، وسواء لبس ازرق أو ابيض أو حتى لو كان لون ما يلبسه أحمر، ومن المؤكد أن زعماء العالم كلهم شاهدوا ما حدث، أين السجاد الأحمر الذى كان يفرش له ؟ أين الحرس الذى كان يستقبله فى المطارات, أين الموسيقى التى كانت تعزف له, أين.. وأين وأين؟ فهل من معتبر.
1- ومما أدهشنى أن المحامين عن أصحاب الحق المدنى وهو يصرخ بأن الذى فى القفص ليس"حسنى مبارك"، وإنما شبيه به وطالب بأجراء تحليل ال "DNA" للتأكد وأعجب منه ما سمعته من امرأة تقول لأخرى "أكيد ماسك واحد غيره- أى غير مبارك - لابسه لكى يضحك علينا".
يا ترى هل الأفلام والمسلسلات التى يشاهدها الناس ويخرج فيها البطل أو البطلة فى دورين متناقضين أو يلبس ماسك هل هذه الأفلام أثرت فى الناس إلى هذه الدرجة، حتى بات الوهم يسيطر على الناس.
2- كنت ومازلت أتمنى أن يقوم المستشار النائب العام وغيره من المسئولين وكذلك المستشار رئيس المحكمة بزيارة السجون ومعرفة مرضى القلب والأمراض المختلفة حتى يتمكنوا من تحويلهم إلى المركز الطبى العالمى لتحقيق العدالة بين المساجين وحتى لا يسألوا بين يدى الله سبحانه وتعالى يوم القيامة عن التفرقة بين المساجين.
3- وإذا قلنا إنه محبوس حبسا احتياطيا وله الحق أن يعالج حيث يرى مع وجود الحراسة, فقد كنت أتمنى من أحد أقاربه (نسيب – قريب - صهر...) أى أحد أن يقوم نيابة عنه بدفع مصاريف العلاج والإقامة فى الجناح الرئاسى ,وبالمناسبة أنا سعيد لدرجة عالية جدا انه فى الجناح الرئاسى، لله الأمر من قبل ومن بعد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
4- سيقول أناس "ارحموا عزيز قوم ذل"، شرطان أو وصفان تتحقق بهما رحمة المخلوقين لمن تحقق فيه ذلك:
الشرط الأول – أن يكون "عزيز قوم" أى أن القوم يحبونه ويقدرونه لما له من يد كريمة وأفعال سخية، فهو عزيز بينهم لعلمه، أو عمله، أو لجوده، أو لغير ذلك.
أما أن يكون ذالا لقومه، مضيقا لثرواتهم وثروات البلاد، متكبرا، متجبرا، طاغية، عنيدا، أمرا بالقتل، والسجن فيهم، لا يسلط عليهم إلا المفسدين فهذا لا يسمى "عزيز قوم" وإنما يسمى "ذالا لقومه".
الشرط الثانى – "ذل" أى أن ما حدث له خارجا عن إرادته كأن يهلك المال الذى كان منه ينفق، أو يموت الولد الذى كان يرعاه، فهنا يضعف الإنسان ضعفا شديدا يحتاج من يقف إلى جواره.
أما ما نراه فهو الذى أذل الناس وأهان الناس وخرب بيوت الناس ودمائهم، وجعلهم مع حبيبه الظالم مستباحين بخراب الدولة –امن الدولة سابقا- كل الدولة.
5- وأنا أشاهد المحاكمة فهمت معنى "إن فرعون وهامان وجنودهما" أدركت معنى دخول جنودهما مع فرعون وهامان، اليوم تجرد فرعون وهامان من جنودهما، فماذا يستطيعان أن يفعلا لا شىء.
هل كان الظالم حسنى مبارك يستطيع أن يمدد قانون الطوارئ الذى كان يسىء استخدامه هو والعادلى فى ظلم الناس لولا أعضاء مجلس الشعب والشورى جنود فرعون وهامان؟.
هل كان الظالم حسنى مبارك يستطيع أن يمرر أوامر البيع والتخصيص الهالكة للأمة لولا جنود فرعون وهامان من الوزراء والخانعين معهم؟.
هل كان الظالم حسنى مبارك ومن معه يستطيعون إفساد الانتخابات العامة والجامعية والنقابية والعمالية وغيرها إلا بواسطة الجنود من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات والمنتفعين فى النقابات والمجالس النيابية من الجنود الذين سيحشرون مع أسيادهم ويسأل الجميع عن أفعاله.
لقد عاش الشعب فعرف الكفراوى والجويلى الجنزورى وعاطف عبيد وأحمد نظيف و محمد إبراهيم سليمان ولكن الشعب ميز بعضهم من بعض لأن للحق نور يسطع فوق أهله. وليقرأ الجميع قوله تعالى (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) سورة البقرة الآية 166-167
فيا من تسيرون وراء كل ناعق، وتخضعون لكل صاحب سلطان، تلفون عقولكم، وتبيعون ضمائركم، أترون ما يحدث الآن فى الدنيا فكيف بيوم الفصل يوم الحساب.
والآن كأنى أسمع الحاج محمد الكحلاوى – رحمه الله - ينشد ( يا رب توبة.. توبة...توبة.. من بعد عصيان)
متى يمكن للإنسان أن يفيق من غفلته، ويتوب إلى ربه، هذا العناد فى الدنيا، إن القاضى قد يدلس عليه محام له لباقة مستغلا ثغرات القانون، وتنميق العبارة وبساطة الشهود، ولكن هل يمكن لهذا المحامى أو ذاك المتهم أن يقف بشىء من هذا أمام الله (وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) الكهف 49، فلنتذكر جميعا " وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً".
-يا كل عضو مجلس شعب وشورى، تذكر لماذا رشحت نفسك، وعلى أى القوانين كنت توافق، وما جنيت لنفسك من وراء ذلك، وكيف كنت تتعامل مع كمال الشاذلي، وأحمد عز، وجمال مبارك، هل أنت راض عن هذا كله وأعددت جوابا للسؤال عن ذالك بين يدى الله؟
-يا كل موظف وزير أو من دونه كم فعلت وفعلت من اجل مبارك وكرسى مبارك وأسرة مبارك، أنت الآن فيما أنت عليه أو قد يأتى عليك الدور بعد قليل، هل راجعت نفسك فيما أقدمت عليه وفيما أخذته لنفسك.
-يا كل ضابط فى خراب الدولة (أمن الدولة سابقا) يا أيها المتغطرس يا أيها المتكبر، يا أيها المستعلى فوق العباد، يا صاحب التعذيب، وأستاذ الاعتقالات، يا من كنت تتجبر فى الأرض، يا من قتلت أناسا أبرياء تحت وحشية التعذيب، يا من تمنع هذا من التعيين وتشطب هذا من الانتخابات، وتنقل هذا من مكانه، وتشرد أسرته، يا أصحاب هتك حرمات البيوت فى جوف الليل، يا من كنتم تستغلون مناصبكم.
-يا كل صحفى ومذيع ومقدم برامج ومحاور، يا من روجتم الأكاذيب، وأخفيتم الحقائق، وصفقتم للباطل، وأهنتم أهل الحق، يا من خدعتم الشعب كثيرا، ومدحتم مخربى الديار، كل ذلك من أجل أموال تعرفون كيف اكتسبتموها، ومنصب هاأنتم قد تركتموها.
-يا كل أمين شرطة وعسكرى وأيا كانت رتبتك العسكرية، سل نفسك كم وجه ضربته، وكم "قفا" وقعت عليه يدك السخيفة، وكم من ألفاظ خرجت من فمك تمس الآباء والأمهات والأعراض.
-يا كل إمام مسجد كنت ترتعد من آمين الشرطة أو المخبر التابع لخراب الدولة " امن الدولة سابقا"، فكنت تغلق المسجد، وتمنع الاعتكاف، وتمنع المتحدثين بالحق أن يتكلموا وان يظهروا الحقيقة لهذا الشعب الطيب المقهور على آمره...
يا كلَ هؤلاء وغيرهم....
هل شاهدتم حسنى مبارك فى قفص الاتهام؟ هل رأيتم علاء وجمال فى قفص الاتهام ؟ هل رأيتم حبيب العادلى واللواءات فى قفص الاتهام؟
إن الله يمهل ولا يهمل
هل لنا أن نتعظ؟
وأول الطريق التفكر المجرد بوقوف النفس أمام الحقيقة، والاعتراف بما صدر منها، والندم على ما حدث، ورد الحقوق إلى أهلها، وطلب العفو منهم والعزم على عدم العودة.
عضو مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الجيزاوي
عبر يجب ان تدرس
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الشريف
دروس يجب أن يدرسها السياسيين
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالحميد البطاط
من كان جالسا مع الله فليقل ما شاء
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسين المرسى
الى عبد الخلق الشريف !!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسين المرسى
الى عبد الخلق الشريف !!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسين المرسى
مبارك لم يدان بعد
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسين المرسى
مبارك لم يدان بعد
عدد الردود 0
بواسطة:
ايناس
يا سادتنا افيضوا علينا من علمكم
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال سامي
جزاك الله خيرا ياشيخي
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال سامي
جزاك الله خيرا ياشيخي