د.أنور مغيث

حرب أهلية أم حوار مطلوب؟

الخميس، 11 أغسطس 2011 09:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
النقاش محتدم بين أنصار الدولة المدنية، أى العلمانيين والليبراليين واليساريين من ناحية، وأنصار الدولة الدينية أى الإخوان والسلفيين والجماعات الجهادية من ناحية أخرى. ويثير هذا النقاش مخاوف كبرى دفعت البعض إلى وصفه بشق الصف واللعب بالنار، بل والحرب الأهلية. والمتابع للأمر يجد أن هذه التهم لا تطلق إلا فى حالة نقد أنصار الدولة المدنية لتيارات الإسلام السياسى، وليس العكس.
ولنسترجع سويا بعض اللحظات التى كثر فيها نقد العلمانيين للإسلاميين، وبالتالى توجيه تهمة تأجيج الحرب الأهلية لهم، على سبيل المثال حينما تم استخدام تعبير "غزوة الصناديق"، وأثناء هجمة السلفيين عى الأضرحة، واتهام القيادى الإخوانى لأنصار مبدأ الدستور أولا بأنهم عملاء الصهيونية، وأخيراً حملة تكفير المبادئ فوق الدستورية والدعوة إلى تطبيق الشريعة التى احتلت ميدان التحرير.

كان من الطبيعى أن تزداد حدة استهجانات أنصار الدولة المدنية بعد هذه الأحداث، ولكن ما لم يكن طبيعيا هو اتهامهم بأنهم يؤججون الحرب الأهلية، ومثل هذا التناول لا يقصد منه التفنيد، وإنما الإحراج، والمقصود من التفنيد هو إظهار خطأ الرأى، أما الإحراج فهو منع صاحبه من التصريح به من خلال الإشارة إلى بعض الاعتبارات، ونجد لآلية إحراج أنصار الدولة المدنية تجليات شتى منها: أولاً اتهامهم إذا ما انتقدوا الآراء السياسية للتيارات الاسلامية بأنهم إقصائيون أو استبعاديون، أى أنهم يريدون احتكار المجال السياسى لهم وحدهم، وهذه تهمة غريبة، لأن القوى السياسية لا تملك إقصاء أحد، ولكن من يملك ذلك هو السلطة السياسية، فمثلاً حينما يتضمن الدستور السورى مادة تحكم بالإعدام على من ينضم لجماعة الإخوان المسلمين يعد هذا اقصاءً، ولكن حينما يقوم مواطن بنقد أفكار الإخوان المسلمين أو برنامجهم، فلا يعنى ذلك إقصاءً لهم، وحينما ينص دستور مصر السابق على عدم قيام أحزاب على أسس دينية، فهذا يعد استبعاداً، وقد أتى هذا الاستبعاد من باب الاستبداد وليس من باب العلمانية، لأن العلمانية تسمح فى البلاد الأوروبية بإنشاء الأحزاب الديمقراطية المسيحية، كما أنها هى المبدأ الذى تستند إليه الأقليات المسلمة فى الغرب للمطالبة بحقوقها فى المساواة الكاملة مع باقى المواطنين.
النوع الثانى من الإحراج هو اتهام منتقدى تيارات الإسلام السياسى أنهم يهولون ويضخمون من حوادث فردية، بهدف تخويف الناس، والواقع أن هذه مسألة تقديرية، فأحيانا تكون حادثة فردية ولكنها كاشفة عن بنية فاسدة ومستقرة فى المجتمع، فحين نسمع أن شخصا اضطر إلى بيع كليته فهذا يعنى أن هناك شبكة معقدة تشمل مرضى ومحتاجين وسماسرة وممرضات وأطباء تخدير وجراحين، كذلك الحال فى حالات الإرهاب أو الفتنة الطائفية أو التمييز فهى تكشف عن ثقافة وتحريض وتواطؤ وبنية تحتية، وقد يؤدى التهاون معها وعدم التنديد بها إلى تفاقمها.
إحراج آخر يقوم على اتهام القوى السياسية المدنية بإساءة الظن دائما بقوى الإسلام السياسى، والواقع أن الظن، سواء كان حسنا أو سيئا، يظل ظناً ولا ينزاح أو يتأكد بناءً على الوصايا وإنما بناءً على تصرفات وتصريحات الطرف الآخر، فما العمل إذا كانت الدلائل تأتى لتؤكد سوء الظن لا لتزيحه.

هناك مظاهر كثيرة لآلية الإحراج وكلها دائما موجهة لأنصار الدولة المدنية، ولكن أخطرها هو اتهامهم بعدم المسئولية وتأجيج الفتنة وإثارة شبح الحرب الأهلية، لأنه اتهام يقوم على الابتزاز والتخويف، وأنه من المعروف أن أنصار الدولة المدنية لم يحملوا يوماً سلاحاً ولم تكن لهم ميلشيات، وبالتالى فهذا الاتهام يعنى أن هناك إمكانية فى استخدام السلاح ضدهم إذا ما استمروا فى استخدام حقهم فى النقد.
فى النهاية لا يوجد شبح لحرب أهلية، وإنما جدل سياسى حر، وإذا ما تم تجنب محاولات الإحراج، سوف يكون مطلوباً ومفيداً للمواطن المصرى، لأنه فى النهاية هو الذى سيختار، ولكننا نتمنى أن يختار على نور.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

منير

نحن في حاجة الي عقلاء وحكماء

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد على

مقال تمام

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة