د.عاصم الدسوقى

تغيير المحافظين وسياسة «تفنيط الكوتشينة»

الخميس، 11 أغسطس 2011 04:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
..ثم صدرت حركة تغيير المحافظين بعد طول فحص وتمحيص ومراجعة فأسفرت عن تغيير جزئى تمثل فى نقل البعض من محافظته إلى محافظة أخرى واستبدال أشخاص بأشخاص. وعلى الفور بدأ المراقبون ينتقدون بعض الشخصيات، التى وقع عليها الاختيار من حيث عدم كفاءتها وضعف قدرتها.

على أن المسألة أكبر بكثير من انتقاد شخصيات المحافظين الجدد أو القدامى، وإنما تتعلق بفلسفة الحكم أكثر من شخصياته. فلقد كانت حركة تغيير المحافظين فرصة ذهبية لتجريب ديمقراطية الحكم فى أهم مستوى من مستوياته، والذى يتصل اتصالا مباشرا باحتياجات الجماهير وتصريف شؤونهم ألا وهو الحكم المحلى. ولعل الضجة التى أثارها أهالى قنا بسبب إعادة تعيين مجدى أيوب محافظا ومطالبتهم بإعادة عادل لبيب يبين بدرجة ما أن عادل لبيب اختيار شعبى من أهالى المحافظة. صحيح أن عودة لبيب لمحافظة قنا فى الحركة الأخيرة صاحبها خروج متظاهرين هتفوا ضده لكن أمرهم مفهوم، ولا يغير من حجم التأييد الشعبى، الذى يحظى به الرجل من غالبية القناوية.

وهذا يعنى أن انتخاب المحافظين وليس تعيينهم هو الوسيلة المضمونة لاستقرار الحكم حينما يسوى شؤون المحافظة محافظ منتخب من جماهيرها. والخطوة الأولى فى هذا الطريق أن يتم شغل المنصب عن طريق الترشيح له من بين أبناء المحافظة المقيمين بها وليس من المقيمين خارجها، ذلك أن المحافظ الذى يعيش فى محافظته يكون على اتصال مباشر بأبنائها وعلى دراية تامة بطبيعة المشكلات القائمة.

ولكى يتمكن المحافظ من إدارة شؤون محافظته ينبغى أن تكون لديه ميزانية خاصة بالمحافظة، وهذه هى الخطوة الثانية لكى يأخذ الحكم المحلى طبيعته المنشودة بعيدا عن أن يكون مجرد إدارة محلية كما هو قائم. وأما ميزانية المحافظة فتتكون من مجمل إيرادات المحافظة من مختلف أنواع الضرائب، ومن حصيلة بيع ما تملكه من مواد ومنتجات تبعا لما تشتهر به فضلا عن عائد الصادرات غير المنظورة مثل السياحة والنقل، على أن تحتفظ المحافظة بنسبة 70% من هذه الإيرادات، وترسل النسبة الباقية 30% إلى الحكومة المركزية فى القاهرة. وتتكفل المحافظة من ميزانيتها بالصرف على إقامة مختلف المشروعات التى تحتاجها، وبهذا ينفتح الباب لاستيعاب العمالة الجديدة دوما. وعندئذ سوف تتوقف عملية نزوح أهالى المحافظة من الفقراء والمحتاجين والباحثين عن عمل إلى القاهرة أو إلى عواصم المحافظات مكونين العشوائيات على مشارفها بكل ما تمثله من قبح، وما تدل عليه من سوء إدارة الثروة المادية والبشرية.

وهذا الاقتراح يجعل من المحافظة وحدة مستقلة فى إدارة شؤونها بدلا من اللجوء إلى الحكومة المركزية فى كل كبيرة وصغيرة، ويجعل من المحافظ صاحب سلطة فعلية فى شؤون المحافظة واحتياجاتها على الأرض، وليس على الأهالى فقط كما هو حاصل. ولعلنا نتذكر حادثة قرية ميت نما فى محافظة القليوبية قبل سنوات حينما فشل محافظوها فى الحصول على موافقة الحكومة فى القاهرة لإقامة كوبرى على الطريق الزراعى لعبور الأهالى من منازلهم إلى حقولهم ومقار أعمالهم تجنبا لحوادث الموت بالسيارات العابرة بسرعة على الطريق الأمر الذى أدى إلى قيام الأهالى بإشعال الحرائق وتعطيل وسائل النقل. ولو كان لدى المحافظة ميزانيتها الخاصة لتمكنت من بناء الكوبرى وجنبت أبناءها الموت.

وما يقال عن انتخاب المحافظ يقال أيضا عن انتخاب قيادات الوحدات المحلية فى القرية والمدينة، ولا ينبغى أن تكون هذه الوظائف من قبيل المكافأة، التى تعطى من «أفندينا» للمقربين وذوى الحيثيات وأهل الحظ. وينبغى أن نتوقف عن سياسة تفنيط الكوتشينة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة