توفيت النجمة هند رستم بعد أزمة قلبية مفاجئة، لتترك ورائها تاريخا طويلا وأفلاما رائعة، حيث ولدت الراحلة فى حى محرم بك عام 1929، ورغم أن أمها مصرية ووالدها من أصل تركى إلا أنها لم تذهب إلى تركيا سوى مرتين فقط فى حياتها، ولم تشعر بحب كبير لبلد والدها، وورثت عن والدتها الجمال الفائق، بينما ورثت عن والدها الشخصية القوية والعزيمة، حيث عانت كثيرا فى طفولتها بعدما افترق والديها، واختار كل منهما طريقا منفصلا فى الحياة وشريكا جديدا، واختارت الابنة أن تعيش مع والدها لكنها واجهت قسوة زوجة الأب، ومع كل يوم فى طفولتها كانت تحلم بالخلاص من ظروفها الصعبة حتى باتت تحلم بأن تصبح فنانة، ولكنها كانت تعتقد أنها فقط مجرد أحلام.
ولم تكن تتوقع هند رستم، أن وقوفها صدفة أمام إحدى السينمات سيجعلها نجمة تسطع فى سماء الفن، وتصبح إحدى إيقوناته المميزة فى تاريخ السينما المصرية، حيث تعرفت وقتها على إحدى الفتيات اللائى يعملن كومبارس فى الأفلام السينمائية، ودخلت معها إلى السينما وبعد خروجهما أخبرتها الفتاة بأن هناك مخرج كبير يقوم بعمل اختبار كاميرا لبعض الفنانات لاختيار كومبارس لفيلمه السينمائى المقبل.
هند رستم لم تذق طعم النوم فى تلك الليلة، حيث باتت تحلم بأنها ستصبح إحدى بطلات الفيلم، ولما لا وهى تجيد الرقص واللغة الفرنسية والتمثيل أيضا، وتمتلك قواما جميلا ووجها أجمل، لكنها كانت تخشى من رفض والدتها، لكنها استجمعت كل قواها وعقدت العزم على أن تخرج من أزمتها الحياتية لعالم النجومية، وبالفعل تم اختيارها لتشارك بدور كومبارس فى فيلم" أزهار الشوك"، والذى شاركت فيه أيضا الفنانة شادية بدور صغير جدا، وتقاضت هند بعد الفيلم مبلغ 2 جنيه بجانب وجبة صغيرة بعد كل يوم تصوير، لتشارك بعد ذلك هند فى بعض الأفلام بأدوار صغيرة جدا، ومنها فيلم "غزل البنات" الذى جسدت فيه دور إحدى صديقات ليلى مراد، لكن مخرج العمل حذف مشاهدها فى الفيلم لأنه وجد فرق كبير فى السن بين هند وليلى مراد، مما أدى إلى أن ظهرت هند كأنها كومبارس صامت فى الفيلم بالمشهد الشهير الذى تغنى فيه ليلى مراد أغنيتها "اتمخترى ياخيل".
ويعد المخرج حسن الإمام المكتشف الأساسى لهند رستم، حيث شاركت معه فى فيلم "قلوب الناس" عام 1954 بدور صغير، وشعر من الوهلة الأولى أنه أمام فنانة مختلفة ونادرة، لا تقلد أحدا وليس لها شبيها فى السينما المصرية، فهى نموذج صارخ للمرأة المثيرة والجميلة وتمتلك طاقة فنية هائلة، وزاد اقتناعه بها عندما شاهدها ترقص باحتراف فى إحدى المناسبات، فأسند لها دور بطولة فى فيلم "الجسد" عام 1955، ونجحت هند فى الفيلم ولاقت إعجابا شديدا من النقاد، وبدا اسمها يطرح بقوة فى الوسط الفنى، حيث جسدت فى الفيلم أول دور إغراء لها، وعبرت فيه دون افتعال، ليلتقطها بعد ذلك المخرج يوسف شاهين ويقدمها للجمهور فى دور "هنومة" بفيلمه "باب الحديد" مع فريد شوقى عام 1958.
ورغم أن هند لقبت بـ "مارلين مونرو السينما المصرية" إلا أنها قدمت العديد من الأفلام الناجحة البعيدة عن الإغراء بجانب أدوار الأغراء المميزة لها، ويحفل تاريخها السينمائى بمجموعة من أروع إبداعات السينما ومنها "شفيقة القبطية"، و"الوديعة"، و"الخروج من الجنة"، "صراع فى النيل"، و"نساء فى حياتى"، و"إشاعة حب"، و"الناس مقامات"، و"ابن حميدو"، و"حياتى عذاب"، الذى يعد آخر أعمالها السينمائية.
حياة هند رستم العائلية مرت بمنحنيات صعبة فبعد معاناتها من عذاب افتراق الأب والأم، عانت فى الزيجة الأولى لها من المخرج حسن رضا الذى تزوجها فى بداية مشوارها الفنى وأنجبت منها ابنتها "بسنت"، التى كانت ترافقها حتى رحلت عن عالمنا، ولم يستمر زواج هند رستم من حسن رضا كثيرا، حيث دب الخلاف بينهما، ووصل الأمر إلى ساحات المحاكم، لكنها فى زيجتها الثانية من الدكتور محمد فياض عاشت أياما سعيدة، حتى إنها بعد وفاته كانت تحرص على أن تتحدث كل صباح إلى صورته، كما أنها تركت الفن من أجله، واعتزلت عام 1979 لأنها كانت تقدر أن زوجها لا بد أن يعود إلى البيت فيجد زوجته فى انتظاره.
ولم تترك هند ورائها ثروة كبيرة حيث كانت لا تحب المال رغم شهرتها ونجوميتها الكبيرة، وكانت دائما تقتنع بأنه يجب أن يتمتع الإنسان فى حياته ويعيش سعيدا.