كتبت قبل ذلك أن من أكبر المساوئ للرئيس السابق مبارك، أنه قضى على العمل السياسى داخل مصر.. وحذرت بعد ثورة تونس وقبل ثورة 25 يناير فى مقالة لى بأن البلد ستواجه حالة فراغ سياسى لأن نظام مبارك أفرغ الأحزاب السياسية من مضمونها وجعلها لا تزيد عن كونها صحيفة ومبنى أسمنتى.. وهذا ما رأيناه بعد قيام الثورة.. أيضا كتبت قبل ذلك أن الأحزاب الرسمية قد سقطت بسقوط النظام الحاكم السابق لأن دورها لم يزد عن ديكور ارتضته لنفسها كان يحرك قطعها قيادات أجهزة الأمن فكانت لا تسير إلا وفق الخطة المحددة لها والطريق المعدّ لها سلفا من جانب هذه الأجهزة.. لكن لا يمكن أن ننكر أن هناك حركات سياسية واجتماعية قد مارست حقها فى التظاهرات والتعبير مثل حركة 6 أبريل وحركة كفاية ومواطنون ضد الغلاء ... إلخ من حركات.. وبالرغم من أنها حركات إلا أنها كانت قوية وصوتها مسموعا وفرضت نفسها على الإعلام المصرى والعربى والدولى.. ما كان يميزها هى تغريدها خارج سرب الأحزاب الرسمية وكان نتيجة ذلك أن تلقت الضربات العديدة من الأجهزة الأمنية مما جعلنى وغيرى نعتبرها النبتة الأولى على طريق الثورة المصرية.. بعد قيام الثورة وتحقيق العديد من أهدافها بدأ الاستعداد من أجل الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية، وقد اعترض على موعدها الكثير من القوى السياسية خاصة الليبرالية والعلمانية واليسارية على عكس القوى السياسية المنسوبة على التيار الإسلامى.. وذلك لأن كثيرا ممن قاموا بالثورة هم من الشباب وأولئك لم يأخذوا الوقت الكافى لإنشاء أحزاب جديدة وإفراز العديد من القيادات لكل منطقة جغرافية.. كما قلت سابقا بأن الفصيل الوحيد المستعد لهذه الانتخابات هو التيار الإسلامى، وذلك لاستطاعته وقدرته على الحشد والتعبئة وتجميع الأصوات لأنه يمتلك أقوى شىء فى الدعايا وهو الدعايا باسم الإسلام مما جعله يستطيع دغدغة مشاعر الكثير من الناخبين.. بالإضافة إلى أن التيار الإسلامى يتحدث فى الفضائيات وكأنه المدافع الوحيد عن الهوية العربية الإسلامية لمصر وغيره من الليبراليين والعلمانيين واليساريين ضد ذلك.
ويأتى على عكس ذلك النخبة العلمانية والليبرالية واليسارية فهم فضلوا التقوقع داخل البرج العاجى فى الفضاء يتحدثون ويتباكون على الدولة المدنية وللأسف ليس لهم أى نشاط خدمى على الأرض مما يجعل ميزان التصويت فى الانتخابات القادمة من وجهة نظرى قد يميل لكفة التيارات والأحزاب المنتسبة للإسلام.. لذلك ينبغى على القوى السياسية الأخرى أن تقوم بحملة تعريف لنفسها، وذلك بالنزول فى المناطق العشوائية والقرى والنجوع وفى كل شبر من أرض مصر وعقد الندوات التى توضح للمواطنين أنها مع الهوية العربية والإسلامية لمصر وانها ليست ضد الدين فى حد ذاته فهو مكون أساسى من مكونات الأمة المصرية لكنها ضد استخدامه والزج به من أجل المكاسب السياسية وأنها أيضا مع بقاء المادة الثانية فى الدستور والتى تنص على أن المبادئ العامة للاسلام هى المصدر الرئيسى للتشريع المصرى وأن اللغة العربية هى اللغة الرسمية للبلاد.. لابد من شرح وتوضيح ذلك للعامة من المواطنين فى أقصى سرعة حتى تزيل الالتباس وعدم الفهم الحاصل بينها وبين عامة الشعب كما ادعوها أيضا إلى عدم الصياح والبكاء وطلب تأجيل الانتخابات لأن ذلك يظهرها بمظهر الضعيف والناس لا تحب الضعفاء.. لقد آن وقت الانتخابات ولا مجال للصياح والتباكى.. لقد حانت ساعة العمل والجد والاجتهاد.. إننى ادعوكم التخلى عن برجكم العاجى فى الفضاء والهبوط إلى أرض الواقع..
عثمان محمود مكاوى يكتب: ولا تزال النخبة فى الفضاء!!
الأربعاء، 10 أغسطس 2011 09:54 م