المصريون شعب مؤمن يحب الله، ويعظم أديانه السماوية، نحن شعب يحترم كل متدين سواء كان مسلما أو مسيحيا، وفى نفس الوقت نحن شعب وسطى تراثاً وواقعا.
"الدين لله والوطن للجميع<" هو="" قول="" يضرب="" فى="" التاريخ="" المصرى="" المعاصر،="" وكانت="" مصر="" دائما="" وطنا="" يسع="" كل="" من="" أحب="" ترابه،="" لم="" يكن="" الاختلاف="" يوما="" قضية="" تشغل="" المصريين="" حتى="" إن="" أرض="" مصر="" كانت="" مفضلة="" لجاليات="" أجنبية="" كثيرة.="" عاش="" المصريون="" دائما="" حياة="" مسترخية="" اجتماعيا="" آمن="" فيها="" الجميع="" بأن="" الدين="" لله،="" وأنه="" وحدة="" صاحب="" الحق="" فى="" الحساب="" فلم="" ينشغل="" المصرى="" بتقييم="" غيره.="" فى="" الوقت="" ذاته="" كان="" المجتمع="" المصرى="" دوما="" مجتمعا="" ذا="" توجه="" أخلاقى،="" وكانت="" ثقافته="" الإسلامية="" الوسطية="" ليست="" محل="" تنازع.="" تجتاح="" المجتمع="" حاليا="" بالرغم="" من="" ذلك="" مخاوف="" متضاربة="" لفريقين.="" الأول="" يسمى="" نفسه="" إسلاميا="" بالرغم="" من="" كون="" غالبية="" الشعب="" من="" المسلمين="" الذين="" يعظمون="" الإسلام="" فى="" نفوسهم،="" ويعتبرون="" ذلك="" من="" خصوصياتهم="" فيولون="" وجوههم="" نحو="" الله="" طمعا="" فى="" النجاة="" عند="" حسابه="" لهم.="" يسمى="" الفريق="" الأول="" هؤلاء="" المسلمين="" قاصداً="" للسوء="" أو="" غير="" قاصد="" بالليبراليين="" والعلمانيين="" الكفرة.="" إن="" إطلاق="" الأوصاف="" بدون="" بينة="" لهو="" ظلم="" لا="" يرضاه="" كل="" متدين،="" وخاصة="" عندما="" يكون="" بهدف="" الاستغلال="" السياسى.="" الغالبية="" من="" المصريين="" مسلمون="" ومسيحيون="" يقبلون="" بثوابت="" الشريعة="" الإسلامية="" التى="" لا="" خلاف="" عليها="" كالمصدر="" الأساسى="" للتشريع،="" والجميع="" لا="" يقبل="" إلا="" بدولة="" أخلاقية،="" ولكنهم="" يؤمنون="" فى="" الوقت="" نفسه="" بأن="" رجل="" الدين="" لا="" يفتى="" فى="" أمور="" السياسة="" المتغيرة،="" ولا="" يحل="" محل="" القانون="" فى="" الحكم="" على="" أمور="" المجتمع="">">
يأتينا من يؤجج نار استقطاب غير مبرر، ولا مطلوب فى المجتمع، فتنشق وحدة الصف فى وقت حرج. لم تكمل الثورة حتى الآن مسارها نحو تطهير البلاد من فلول الفساد السابق كما تتهددها قوى الثورة المضادة بالانكسار والتميع إلى ما يقرب الضياع.
إنه حقا لتكييف خاطئ للأمور وفى وقت قاتل. كيف لنا أن نقول إن الإسلام فى خطر، وغالبية المصريين مسلمون ومسيحيون يقرون بثقافة الدولة الإسلامية وبالتوجه الأخلاقى للمجتمع، ويقبلون بالمادة الثانية للدستور السابق، مع إضافة ما جاء بالآية الكريمة، ومعناه أن يحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه. أليس هذا حكما بشرع الله فى ظل إيمان الجميع بأن الدين لله والوطن للجميع، وأن الحساب هو حق لله وحده، وليس لأحد من الخلق مشاركته فيه؟. لماذا يتم شق صف المصريين على أساس تهديد غير موجود فى مجتمع طبيعته أخلاقية وثقافته وبقبول الجميع إسلامية؟ ولماذا يتم إطلاق أوصاف غير مفهومة لغالبية الشعب من أجل مكسب سياسى فى قضية هى من الأساس مختلقة. لا أحد يطالب بإقصاء الدين عن حياة المصريين، ولا أحد يطالب بليبرالية أوروبية، ولا أحد يقبل إلا بدولة أخلاقية. ليس هناك مبرر أخلاقى فى كرات اللهب التى يقذفها من يدعون أنهم وحدهم الإسلاميون، ويقصرون الدفاع عن الإسلام على أنفسهم. ليس هناك مبرر أخلاقى وراء تعليق لافتة "علمانيين" بمعنى لا يطلبه أحد، وهو إقصاء الدين عن حياة الفرد والمجتمع، ولا حق وراء لافتة "كفار" فلا أحد كافر من هؤلاء، ولا فهم وراء لافتة "ليبراليين"، فلا أحد يقبل بدولة غير أخلاقية. كل ما يطلبه من يوصفون بالليبراليين المصريين هو الحرية السياسية من ديمقراطية وتداول للسلطة تحت غطاء من شفافية الحكم وحرية اقتصادية تراعى فى قلبها العدالة الاجتماعية وحقوق للإنسان تحفظ كيان المجتمع الأخلاقى كما استقر فى وجدان المصريين. الليبرالية هنا مصرية وليست أوروبية، واستعمالها كتهمة ممن لا يعلم هو عدم إنصاف مبين، واستعمالها ممن يعلم هو ظلم بين لأشراف يبغون نهضة طابعها أخلاقى لوطنهم.
انطلق الكثيرون فى احتشاد غير مستنير ورغبة فى إظهار قوة على غير حق أمام تهديد واهم، فلم يكونوا منصفين بتكفيرهم لشرفاء مؤمنين آخرين.
إن الثورة على المحك، ولن تقوم ثورة كل يوم، فإما تكمل هذه الثورة مسارها بالتطهير الكامل، وتنطلق مصر إلى بناء النهضة، وإما تسرق وتضيع، فلا تصل مع الوقت إلى شىء. يأتى الاستقرار والإنتاج تلقائيا مع الحسم فى تحقيق الأمن ومطالب الشعب التى رفعتها الثورة، وليس بإهمال مسارها والتوقف فى منتصفه ليتم قتلها. إن مستقبل مصر وليس الإسلام هو محل التهديد. مصر تنتظر من أبنائها وحدة الصف التى تصنع قوة الانطلاق. سيكون حساب من يشقون الصف ويشتتون الانتباه أمام التاريخ عسيرا.