ما حدش بينام من غير دواء!

الإثنين، 01 أغسطس 2011 12:42 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلال الثلاثين عاماً الماضية لم تنجح مصر أن تكون فى مصاف أفضل عشر دول فى العالم فى مجالات كثيرة إلا أننا نجحنا أن نكون من أكثر عشر دول فى العالم فى معدلات أمراض السكرى وفيروس سى الشهير، وسرطان المثانة والقولون وأصبحت محافظات الدلتا من أوائل مدن العالم فى معدلات الفشل الكلوى، وبينما نتغنى فى مصر بالمثل "ما حدش بينام من غير عشا" لانجرؤ حتى على إصدار مثل يقول "ما حدش بينام من غير دواء".

من العدل أن نتذكر أن مهمة صحة المصريين هى تحدٍ غير عادى فوزارة الصحة وهيئة التأمين الصحى تتسلم المصرى بعد أن يكون قد سبح فى الترع وشرب ماء غير صالح ، وملأ رئتيه من حرق قش الأرز و أكل خضار بمبيدات مسرطنة و أكل فلافل بزيت محروق وحلق بموس ملوث وتناول أعشاب خزعبلية و مغشوشة من آسيا . . . و مطلوب علاجة فوراً ورجوعه لسابق عهده من الشقاوة واستكمال مسيرة الإهمال الصحى . ورغم صعوبة المهمة إلا أنها غير مستحيلة ، بل إن هناك الكثير من الفرص التى يمكن تنفيذها بسرعة وسيكون لها أثر كبير على تحسين الرعاية الصحية .
فمثلا الدواء الذى يمثل عموداً هاماً فى نجاح أى منظومة تأمين صحى . فى مصر تقوم هيئة التأمين الصحى بتوفير الدواء للخاضعين لمظلة التأمين عن طريق مصدرين : الأول طرح مناقصة سنوية حيث تتنافس شركات الدواء لتوريد الأدوية المثيلة بأقل الأسعار وغالباً لا تكفى الكميات لكامل السنة وتصرفها الهيئة من خلال صيدليات مركزية مزدحمة مرتبطة بالمراكز مما يضاعف الانتظار إن كان الدواء متوفراً والمصدر الثانى هو أن يكتب الطبيب وصفة ( روشتة) للمريض لصرفها من الصيدليات الخاصة المتعاقدة مع التأمين الصحى، ثم تحاسب الهيئة الصيدلية كل عدة شهور بعد خصم نسبة حوالى 10% من سعر الجمهور.
وبرغم زيادة حجم المناقصة عاماً بعد عام إلا أن الاعتماد على الصيدليات الخاصة مازال قائماً ، من الناحية الأخرى فالصيدليات الخاصة غير سعيدة بتأخر الهيئة بالدفع لعدة شهور تصل أحياناً لسنه حيث يتآكل معظم ربحية الصيدلية ، ناهيك عن إمكانية الفساد من " القلة " غير الشريفة فأحدهم قد يكتب لمريض افتراضى أو حقيقى دواء لا يحتاجه ليصرف بدلا منه شامبو و صابون من إحدى الصيدليات ثم يقتسم غنيمة الصابون أو الفلوس مع الصيدلية ومن كتب له الوصفة .
إذاً فالتأمين الصحى يدفع أضعاف أضعاف سعر المناقصة دون قيمة أو فائدة مضافة بل إنه يستثمر فى نظام يشجع على الفساد ؟!
فمثلاً أحد أنواع الأدوية قد يكلف فى المناقصة تقريباً جنيهان لكل عشرة أقراص قد يباع مثيله فى الصيدلية للجمهور بسبعة جنيهات وبعد الخصم يباع للتأمين الصحى بـ 6.70 جنيه، وقد يصل فى النهاية إلى صابون بخمسة جنيهات أو جنيهين لكل فاسد؟
إذاً هل يمكننا تطوير هذا النظام؟ وتوفير ملايين الجنيهات لتغطية عدد أكبر من المرضى و الأكثر استحقاقاً ، وشراء أدوية حديثة للأمراض المستعصية وبالمرة محاربة الفساد؟
الإجابة دائماً . . نعم ؟..
فعلى سبيل المثال إذا راجعت هيئة التأمين الصحى مجمل مشترياتها من المناقصة والصيدليات خلال الثلاث سنوات الماضية وجمعتها فى المناقصة السنوية لتحصل عليها بأسعار تنافسية و مخفضة ثم تتوقف عن الشراء من الصيدليات بسعر الجمهورالمرتفع و لكن تستمر فى الصرف من خلال تلك الصيدليات، حيث توزع الشركات الموردة أدوية المناقصة مباشرةً على الصيدليات الخاصة المتعاقدة مع الهيئة كمخزون بدون قيمة تحت تصرف الهيئة فى عبوات مختلفة و مميزة عن الأدوية الأخرى حتى لايمكن بيعها ومن ثَم يصرف المريض الروشتة كالعادة من الصيدلية و يسهل للمريض الحصول على الدواء من أى مكان وليس فقط من الصيدليات المركزية ولا يستطيع استبدالها بشامبو لأن الدواء ليس له قيمة تجارية وهو مجرد مخزون . . بعد ذلك يدفع التأمين الصحى للصيدلية رسوم صرف روشته فقط وليس قيمة الدواء لأن الدواء مدفوع الثمن مُسبقاً من خلال المناقصة ، بل إنه من الممكن تقسيم المرضى عدة شرائح حيث يدفع بعض المرضى ذلك الرسم الرمزى إن استطاع.
عند تطبيق هذا النظام ستنخفض قيمه مشتريات التأمين الصحى انخفاضاً ملموساً مما يوفر من الميزانيه لتغطية عدد مرضى أكثر وتوفير أدوية حديثه بدلا من استنزاف الميزانية فى فروق أسعار غير مبررة.
ذلك مثال واحد من عدة تطويرات يمكنها توفير الملايين من هادر غير المقصود للقطاع الصحى وتوفير الدواء للمحتاج . بل يمكن أن يحقق هذا النظام عدة فوائد أخرى توفر ميزانية بطريقة غير مباشرة حيث يمكن لاحقا ربط الصيدليات إلكترونياً والحصول على معلومات هامة للاستفادة بها لمعرفة إحصاءات عن المرضى والأمراض عموماً وأفضل الصيدليات تعاملاً إلخ.
إن توفير الرعاية الصحية و الدواء يأتون فى أولويات الدول المتحضرة لأنهم مصدر ولاء و انتماء المواطنين. أذا شاهد أفراد عائله واحد منهم جائع سيمقتسمون لقمتهم معه و لكن إن شاهدوه يقع صريع المرض بلا حول و لا قوة ولا علاج فسيملؤهم هذا كره و عدم انتماء لذلك المجتمع. و بينما نحن مشغولون بالدستور أولاً يسقط مرضى جدد و يتدهور الموجودون . إن الإمكانات لم تكن أبداً العائق فها نحن أمام هادر بالملايين داخل القطاع الصحى وما خفى كان أعظم.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

حماده و بس ؟

الفشل للركب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة