انقسام علماء الدين حول المظاهرات فى شهر رمضان.. عاشور: التظاهر من أجل المصلحة العامة لا يفسد الصيام.. ومهنى: مظاهرات التحرير تنقص من أجر الصائم.. والهلالى: يجوز لهم الإفطار إذا شعروا بالإرهاق

يأتى رمضان هذا العام على مصرنا الحبيبة مختلفا عن أى رمضان مضى، حيث يأتى هذا العام والجميع يدعون بأدعية موحدة منها أن يكتب الله لمصر الخير والاستقرار وعودة الأمن ومحاكمة الرموز الفاسدة، كما يدعون البعض إلى أن يستجيب الله لهم بأن يتم فتح ميدان التحرير وعودة حركة المرور وعودة الحياة إلى طبيعتها.

والثوار يقيمون فى ميدان التحرير منذ مطلع شهر يوليو ويدخل عليهم هذا الشهر الكريم دون أن يفضوا اعتصامهم، وهو ما أثار خوف البعض من المعتصمين على عدم القدرة على الصيام خاصة مع الحر الشديد وعدم وجود مبردات هواء فى الميدان هذا بالإضافة إلى الهتافات التى من شأنها أن تصيبهم بالإرهاق و العطش، مما دعانا نطرح على علماء الدين هل يجوز للثوار فى ميدان التحرير الإفطار إذا شعروا بالعطش الشديد وهل ينقص اعتصامهم من أجر الصوم خاصة وأن شهر رمضان هو شهر القرآن والعبادة وكل عبادة فيه يكون أجرها الضعف والله يزيدها لمن يشاء.

يقول الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، الإضراب إذا كان من أجل مظلمة أو من أجل حق أو من أجل القضاء على ظلم أو فساد فهو "جائز"، أما فى غير هذا "فلا يجوز" لأن فى هذا تعطيل لحركة وعمل المجتمع وتعطيل لحركة الناس ولحياتهم ولأعمالهم فالتظاهر لا يصح ولا يجوز إلا إذا كان فى وجه الظلم والفساد والانحراف والمطالبة لحق وهذا يعنى أنه ما دام التظاهر من أجل المصلحة فلا ينقص من أجر الصوم شيئا لأن التظاهر مباح بشروط.

والدكتور محمود مهنى، عضو مجمع البحوث الإسلامية ونائب رئيس جامعة الأزهر لفرع أسيوط الأسبق، قال إنه لا يجوز للمعتصم فى ميدان التحرير الإفطار ذلك لأنه ليس فى جهاد مع أعداء الله ولكنه معتصم فى قضايا القضاء متولى أمرها وليس هذا من باب الجهاد فى شىء، ولكنهم يجب عليهم أن يفهموا أن كل المخطئين أمام القضاء وأن الاعتصامات تزيد البلد غليانا ولهيبا ونارا فالواجب على العقلاء منهم أن يفعلوا النص القرآنى وأن يعملوا عقولهم وأن يبتعدوا عن هذه الترهات لأن العالم نظر إلينا فى الخامس والعشرين من يناير نظرة إكبار واليوم ينظر إلينا على أننا أناس فوضويون، وعن الاعتصام ينقص من أجر الصوم قال مهنى نعم ثلاثا، فمن كان صائما فلا يرفث ولا يفسق ولا ينم أما المظاهرات فبها شتائم وسباب وهى من المفطرات والله يقول ولا يغتب بعضكم بعضا وحتى إن كان فى الإنسان الصفات التى يغتاب من أجلها لأن النبى قال له رجلا ما الغيبة يا رسول الله قال ذكرك أخاك بما يكره قيل أفرأيت إن كان فى أخى ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته"، بمعنى أنه فى كلا الحالتين عاصى وكل ما يجرى اليوم على أرض مصر لا يرضى الله ولا رسوله ولا المؤمنين ولكن يرضى أعداء الله.

أما الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، قال حكم الاعتصام جائز وفق الاتفاقيات الدولية والقوانين المصرية وهذا يترب عليه أنه يحق للمتظاهر أن يفطر إذا أراد أو لم يتحمل الصوم وكذلك الجمع بين الصلوات والدليل على هذا أن الله جعل رخصة الفطر للمسافر والمريض ومن لا يتحمل مشقة الصوم والحر والجمع بين الصلوات فى المطر والأعذار والاحتياج وجعل هذه الرخصة منوطة بالحالات المرضية والاحتياجية.

مشيرا إلى أن العبادات جاءت لخدمة الإسلام ولم يكن الإنسان لخدمة العبادات بمعنى إذا تعارضت مصلحة الإنسان مع مصلحة العبادة فإن مصلحة الإنسان تقدم فمثلا لو أن الإنسان فى سفره المباح وليس فى سفره الواجب فالسفر المباح مثل النزهة والسفر الواجب كأداء العمرة والحج أو صلة الرحم، فرخص العبادات ربطت بالإباحة.

وأضاف أن المظاهرات حق مشروعا دوليا ومحليا، أجر الصوم لا ينقص إلا بارتكاب معصية أو أمر محظور، لكن التظاهرات أمر مباح و الدولة اعترفت به فى اتفاقية 537 والذى وقع عليها السادات يوم 1 أكتوبر قبل وفاته بأسبوع الاتفاقية الدولية والثقافية وتشمل على أن التظاهر والاعتصام حق مكفول ولو أرادنا إلغاء الاعتصامات فعلينا إلغاءها قانونا وهنا ستكون من المحرمات، فالعبادات شرعت لخدمتنا وليس العكس.