لأيام أبحث عن مكان به ختم يدل على مشاركتى فى أحداث ثورة يناير وأننى والله العظيم نزلت المظاهرات قبل التنحى ولا فائدة.. قالت وهى تحثنى على المشاركة فى إحدى المليونيات التى تم الدعوة لها بعد سقوط النظام، أنتو ما تستحقوش أى مكاسب من الثورة، والمفروض الناس اللى مش بتنزل دى تفضل تتعامل زى زمان؟
أجبتها وثأرت لكرامتى، ولم أكن أعرف أن هذه الكلمات هى مدخل للمزايدات والشقاق فى عموم بر مصر الكريمة.
ليس لدى إحصائية تفيد بعدد الائتلافات والحركات التى خرجت من رحم الثورة، ويظهر أن الثورة كانت بروح أرنبة فولدت كثيرا كثيرا من كثرتهم لن نعرفهم أجمعين، ويظل كل منا له صديق فى أحد الائتلاف فيدين بالولاء لصديقه وائتلافه وكأنه الائتلاف الوحيد فهم وحدهم الصادقون وما دونهم احتمال.
نجحت الخطوة الأولى من الثورة، ولم نستعد لاستكمال باقى الخطوات، ولكننا انخرطنا فى دهاليز جانبية من المزايدات على الوطنية ورفع الصوت، ولا أعرف لأيهم أنضم، ولماذا كل هذه الائتلافات، إذا كان الغرض وطناً، ربما أفهم وجود ائتلاف يضم الدينيين، وآخر لليبراليين ممن لا يستندون لوجود مرجعية دينية، ولكن فى كل جانب العديد.
المشكلة ليست فى التعدد ولكنها الناتج عن التعدد بلا وعى ولا تخطيط، الناتج عنها من فشل وإخفاق العديد من الدعوات فكل نصب نفسه حامى حمى الوطن ويدعو للحدث الذى يراه من وجهة نظره ذا أولوية، ومن ثم تدخل المزايدات جانبا مخيفاً حين يولى كل فرد نفسه مسئولية الوطنية، فنصبح كلنا بالنسبة له ولجماعته مندسين، وهكذا وتصبح أمثالى ممن كانت مشغولة فى الميدان بتأمين طفلها، وشرح ما يحدث له، حتى يسجل عقله الصغير هذه اللحظة التاريخية الهامة، أصبح أنا أول المندسين ولما لا ألست لم يرانى غير قلة قليلة داخل الميدان، ولست ضمن أى ائتلاف، ولست ممن يدعون بحماس لتظاهرات أرى أنها ليست بأهمية القضايا الكبرى للوطن وأمنه واقتصاده، إذا أنا مندسة.
وآه من الاندساس يا رفاق متعة تجلس وسط أصدقائك فيتكلموا بالسيم، وتجلس وسط الناس الذين ندعوهم الكتلة الصامتة فينظرون نحوى بريبة فقد رآنى بعضهم أحمد طفلى واتجه إلى التحرير، ونعود لحكاية جحا فلن نرضى كل الناس.
لماذا فى هذا الوطن تخفى الحقائق وتتغير سماتها إذا ما تغير الناظر لها؟ لماذا تغيب أن الجميع حقيقة أن هذه الثورة نجحت فقط بوحدة الصف والهدف على رفع الظلم؟ لماذا كانت الأخلاق فى صورتها المثالية داخل الميدان طيلة 18 يوم ثم زال مفعولها عقب التنحى، هل تظنون مبارك أخذها معه وهو فى طريقه إلى شرم الشيخ، وألقى بها فى البحر الأحمر لأسماك القرش؟
لماذا تعلمنا روح الجماعة ثم فقدناها؟ هى عشرات الأسئلة التى تثقل على ذهنى ولا أعرف لها علاجاً، فالأمر ليس بهذه الصعوبة، لم ننجح سوى فى خطوة واحدة واحدة فقط، فتنحى الرئيس أو خلعه ليست إلا خطوة على طريق الإصلاح، ونحتج خطوات، ولا حل مطلقا سوى العودة لروح الميدان، حيث لا فئة مندسة، ولا قوم يزايدون كلنا أبناء هذا الوطن وكلنا نحبه ونؤمن أن مصريتنا فخر.
لست ضد تعدد الحركات والائتلافات، لكن ألا يكون هذا التعدد ضد الاجتماع على أهداف محددة والانتقال من خطوة إلى خطوة، ولنتذكر جميع أن البلد كانت بلا شرطة نحو ما يزيد على الأسبوعين ولم تحدث حوادث باستثناء من البلطجية التى أطلقتهم الشرطة لترويعنا فلماذا تخلينا عن كل هذا ولماذا أصبح كل منا ينصب نفسه الأكثر وطنية ويبدأ فى الحديث عن فتوحاته فى موقعة الجمل، وغيرها من الغزوات التى كرمته.
لاشك أننا جميعا مندسون كل لها جماعته التى تراه مندسا وأخرى تراه بطلا وثالثة تراه مالوش لازمة، ومن ثم أرجو التنويه فى المرة القادمة عند وجود مليونية أن يتم تجميع الرقم القومى للرجوع إلى السجلات لمن أراد استخراج وثيقة تفيد بمشاركته وعدد الساعات التى قضاها داخل الميدان، ومحدش يندس بينا تانى.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد رمضان
حد فاهم حاجة؟
حد فاهم حاجة؟