هناك دائماً من يستغل المواقف لحسابه ويضع أسبابا معقولة حتى يصدقه الجميع مع أنها أسباب فى الحقيقة واهية فمثلاً فى الآونة الأخيرة وجدت من يدعو إلى إنقاذ الأسرة المصرية، وهذا شىء نبيل، ولكن عندما عرفت الطريقة التى سوف ينقذون بها الأسرة على حد قولهم وجدت أن الأسباب التى يستندون عليها التى أدت فى رأيهم إلى تفكك الأسرة أسباب غير منطقية، فهذه الحملة أسندت على قوانين المرأة التى سموها (قوانين سوزان) كأنها هى السبب الأساسى فى ارتفاع نسب الطلاق، وبالتالى إلى تفكك الأسرة على حد قولهم بل هناك من يدعو إلى إلغاء الخلع ناسياً أن قانون الخلع أساسه الشريعة الإسلامية وإن أول امرأة خلعت عن زوجها كان فى عهد سيد الخلق محمد(صلى الله عليه وسلم).
وبما إنهم يريدون الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية فيجب أن يعلموا أن الإسلام كرم المرأة وحافظ على حقوقها كاملة تلك الحقوق التى أضاعها البشر بأنفسهم.. وهيا بنا نركز على السبب الحقيقى لتفكك الأسرة إذا أردنا فعلاً أن ننقذها من الضياع، فارتفاع معدلات الطلاق لا يرجع إلى القوانيين بل إلى انعدام التفاهم بين الزوجين والهروب من المسئولية سواء من الرجل أو المرأة وتدخل الأهالى فى حل المشكلات بين الزوجين بشكل خاطئ وغيرها من الأسباب التى تبعد تمامًا عن القوانين.. فليس الحل لتقليل معدلات الطلاق هى الرجوع إلى الماضى حيث القوانين الجامدة البعيدة تماما عن الشريعة الإسلامية التى كان تأخذ فيها قضايا الطلاق سنين وسنين ويقف كل من الزوجين ويكشف مساوئ الآخر حتى إنه شىء يستحيى منه الجبين، فيكفى أن تقول المرأة إنها تريد الانفصال عن زوجها ويحكم لها القاضى كما حدث أيام النبى (صلى الله عليه وسلم) بدلاً من أن تقوم بفضح عيوبه فى قاعات المحاكم لكى يقتنع القاضى ويطلقها.
وليس معنى إن قانون الخلع يطبق بشكل خاطئ أن نلغيه بل نصحح تطبيقه بحيث لا يجور على حق أحد.
فمن يدعى أنه يريد أن يحمى الأسرة فتلك الأسباب التى يدعيها ليست هى الأسباب الحقيقية، ولكن ولأنه يريد أن يسيطر على المرأة بسلبها حقوقها باسم إنقاذ الأسرة بل يجب عليه الاعتراف بحقوق المرأة كاملة وهذه هى الخطوة الأولى، فإذا أردت أن تملى على أحد واجباته فامل له حقوقه أولاً حتى تكون عادلاً.. فلا تستغل قيام الثورة وسقوط النظام بإسقاط كل ماترفضه.. صحيح لا نستطيع أن ننكر أن قوانين الأسرة تريد إعادة نظر(بل الكثير من القوانين فى فروع القانون) بحيث تعطى كل ذى حق حقه تحقق العدل وتعطى كلا الطرفين المرأة والرجل كل طرف يأخذ حقه بما لا يجور على الآخر ولا نريد قوانين تجور على الرجل لحساب المرأة ولا على المرأة لحساب الرجل بل وضع الأمور فى مكانها الصحيح مهما كانت سواء مع الرجل أو المرأة.
وأخيراً يجب أن ندرك شيئا مهما أن استعمال القوانين بشكل سيئ ليس معناه دائماً العيب فى القوانين بل يجب أن نعترف أن العيب فى أنفسنا نحن خصوصاً فى قوانين الأسرة، فالزوجان يجب أن يكون بينهما، كما قال الشارع الحكيم، بينهما مودة ورحمة وإذا أرادا الانفصال فيجب أيضاً مراعاة الرحمة فننفصل فى هدوء دون أن نذبح بعضنا البعض فى المحاكم، والتفاهم ومراعاة الله عز وجل هو الحل مهما غيرنا فى القوانين ووضعنا بنودا تحكم سلوك الأزواج والمطلقين ولا نستطيع أن ننسى أن الذى عاش فى ظل النظام السابق ويعيش حتى الآن فى أسرة سعيدة أو كان مطلقا ويرى أولاده بحرية كما يشاء يرجع إلى التفاهم ليس إلى القوانين.
