معصوم مرزوق

ليس دفاعاً عن أبو الغيط

السبت، 09 يوليو 2011 03:49 م


أعرف أن السطور القادمة لن ترضى الكثيرين.. ولكننى لا أكتب إرضاءً لأحد سوى الحقيقة، كما أراها، والتى– بالمناسبة- لا أحتكرها، كما لا يمكن لأحد أن يدعى أنه يحتكرها..
لقد ولغت الأقلام بلا رحمة تجريحاً وتشهيراً وسباباً فى شخصيات شاء لها قدرها أن تحتل مواقع مسؤولية قبل 25 يناير 2011، وقد نال وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط نصيباً وافراً من تلك الطعون... وقبل أن أستطرد أود أن أضع بعض الملاحظات:
- الشخصية العامة ليست محصنة من النقد.

- إن الحكم على أى شخصية أو واقعة لا ينبغى أن يكون بمعزل عن السياق التاريخى والظرفى ومجمل الأوضاع السياسية والثقافية الحاكمة.

- إن طبيعة جهاز السياسة الخارجية فى كل بلاد العالم تفرض ستاراً على العديد من الأسرار التى لا يجوز الإفصاح عنها، وبعضها بالفعل يدفن مع صاحبها.

- إن النظام الدستورى الذى كان مطبقاً، كان يحدد أسلوباً لاختيار وتعيين الوزراء، فلم يتقدم أى وزير للحصول على مقعده، وكانوا جميعاً وفقاً لنفس النظام منفذين لرؤى وتوجهات مؤسسة الرئاسة.

لقد أتيح لى أن أعرف الوزير السابق عن قرب، وأشهد أن حبه لمصر لا يقل عن حب أى مصرى مخلص، وقد تدرج فى السلك الدبلوماسى، شأنه شأن غيره من الدبلوماسيين، وبذل جهده قدر استطاعته وبقدر إمكانياته فى كل موقع عمل به، واشتهر بانضباطه الشديد، ويعرف كل من عمل معه أنه كان أول من يصل إلى مكتبه وآخر من يغادره، وهو عف اللسان، حسن المعشر، ولديه من الخصال الشخصية الكريمة ما لا تسعه مساحة هذا المقال.

وربما لا يعرف البعض أن وزير الخارجية فى ظل النظام السابق لا يصنع السياسة الخارجية، وإنما يتولى الإشراف على تنفيذها وفقاً لرؤى مؤسسة الرئاسة، ولقد كان الوزير السابق يجتهد شأنه شأن كل من تولوا هذا المنصب قبله، ولعلنا نذكر ما قاله عميد الدبلوماسية المصرية والعربية الدكتور محمود فوزى حول ما سماه «إلهام الرئاسة»..

وكان أسلوبه فى العمل يعتمد إلى حد كبير على استشارة معاونيه، وكانت لديه شجاعة الرجوع عن رأيه إذا اقتنع بالرأى الآخر.. ولا أريد فى هذا المقام أن أبرز مواقف شخصية قد تبدو وكأنها محاولة لادعاء البطولة، كما أن الحديث عنها قد يكشف بعض أسرار من ذلك النوع الذى ينبغى أن يدفن مع صاحبها..

لا حجر على أولئك الذين ينتقدون توجهات السياسة الخارجية المصرية، كلها أو بعضها، فذلك أمر محمود ومطلوب، شريطة ألا يتعدى ذلك إلى تجريح الأشخاص إلى حد اقتراف عملية اغتيال للشخصية، إن الخصومة يجب أن تكون مع السياسات والمواقف وليست مع الشخص الذى تولى الترويج لهذه السياسات والمواقف.

لقد اجتهد الرجل، وسواء أصاب أو أخطأ، فإن ذلك لا يعطى الحق لمن خالفوا هذا الاجتهاد أن يغتالوه معنوياً.. كما أتصور أن فى تاريخ الرجل الوظيفى من جهد وعرق ومثابرة من أجل قضايا وطنه ما يشفع له بعض ما اعتور اجتهاده كوزير من مثالب.

أقول قولى هذا، ويعلم الله أننى لم أكتب عنه أو غيره تملقاً أو طمعاً فى غنم، سواء عندما كان فى منصبه أو بعد أن غادره، بل ربما تشهد مقالاتى المنشورة على ما يزيد عن ثلاثين عاماً على عكس ذلك تماماً، وما سببته لى من مشاكل مهنية وشخصية.. إنما أردت فقط أن أدافع عن الحقيقة كما أراها، راجياً أن نتخلص من غلواء الانتقام الذى لا يعمى البصر فقط، وإنما البصيرة أيضاً.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة