محمد محيى الدين محمد يكتب: شعارات باهتة

الجمعة، 08 يوليو 2011 03:40 م
محمد محيى الدين محمد يكتب: شعارات باهتة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مرة أخرى يعود ميدان التحرير ليستعيد زخمه وجدله أصوات الآلاف من المصريين ونحتسبهم من الوطنيين المخلصين، يهتفون بكل قوة وحماسة، تتعدد شعاراتهم والغرض منها واحد، تسمعهم يتنوعون فى هتافاتهم ما بين الرياضى والسياسى والعلمى والقضائى والتى تصب جميعها فى بوتقة واحدة ألا وهى مصلحة البلد.
ومن المؤسف حقًا، حينما تبحر بعيدًا عن الميدان ويتجه كل منا إلى وجهته، إلى داره، أو عمله أو حتى الناصية التى تربى وترعرع عليها فصارت جزءاً من شخصيته وتكوينه، ويتجه الكثيرون إلى عالمهم العنكبوتى الشرس لتبدأ الحياة العامة من جديد وتمتلئ صفحات الفيس بوك بالملايين من أصناف السباب، وكأن المجتمع المصرى تحول إلى قبائل لا يربطها النسب ولكن تقيدها الانتماءات، وتتحول لعبة السياسة القميئة فيما بينهم إلى لعبة العدو والصديق، حرب شعواء تجاهلت بقذارتها مبدأ المنافسة الحقيقية التى تخدم مصلحة الوطن.
شعارات يرفعها المصرى بكل حماس، متعملقا بهتافه تشعر بصدق التعبير يعتلى جبينه وكأنه تاج من الصراحة توجت الثورة إياه، ينادى بأعلى صوت "الشعب والشرط إيد واحده"، وفقط حينما يتواجد الزى الشرطى، تجد هذه اللافتة وقد تحولت إلى مضرب لكرة التنس ممسكا به مصرى يتقمص شخصية "نادال" فى تألقه وقوة تسديداته، ينحنى إلى الأرض ممسكا بأفضل ما تراه عيناه من الأحجار المصرية الكريمة رافعا إياها ليسدد ضربة موفقه جدا بوجه الشرطى المسكين الذى لم يعد يحمل من ردود الفعل سوى الانسحاب، خاشيا فوهات مدافع الإعلام الموجهة إلى شخصه.
ولأننا، حسب ادعاءاتنا، نحب الوطن، تجدنا بأعلى درجات التميز نتوخى الدقة فى اختيار التوقيت الأكثر من رائع لإثارة الوطن، نقتفى الآثار لعلنا نجد ما نشحن به نفوس المصريين، ليظهر الإبداع المصرى فى تأليف شعارات، وإنشاء المنتديات وتسطير الملايين من التعليقات والنقاشات والتبريرات، وتمتلئ الشاشات بوجوه للأسف لا تتغير، حفظناها، وتملقناها وكرهنا معظمها!
الإعلام فى مصر تغير كثيرا، وبدل خارطته ومفاهيم ريادته، فبعد التهليل والحمد باسم الرئيس البطل الأوحد الهمام، صرنا نشغل بالنا فقط بالتشكيك فى كل شىء، كل إنسان على أرض مصر أصبح فى وجه الإعلام منافقا وأفاقاً ويريد الإضرار بأمن مصر وسيادتها، الكل فى مصر لا يدرى ماهيتها، ولايدرى ما رغبة شعبها ولا إمكانياتها، هذا هو الإعلام، الذى كان لزاما عليه أن تكون أهم مشاغله وأشغاله التقليل من التوتر الأعمى الذى يتأرجح كالسكران فى دروب مصر كلها، وأن يسرب مشاعر الأمن إلى قلوب المصريين حتى ينعم المصرى فى كل مكان بالطمأنينة ومن ثم ينتقل هذا الإحساس إلى كل من أحب أن تطئ قدماه أرض هذا الوطن الغالى.
ما أجمل أن تستمع أذناك إلى مثل تلك الشعارات" لا زمالك ولا أهلى دم الشهدا بيندهلى".. هذا الشعار الذى رفعه المعتصمون بالميدان يوم الجمعة التى تلت مباراة القمة المصرية المعروفة بأنه يوم يجب على مصر دوما أن تحياه فى توتر وقلق حتى يمر بسلام، نتكلم عن الروح الرياضية ونتشدق بالهوية المصرية ولكننا نتجنى عليها بتقسيمها إلى نواد رياضية!!
"دم الشهيد بيندهلى"، هذه عبارة استفزت مشاعرى وأخذت أتخيل أن الشهيد المصرى الذى ضحى بحياته من أجل أن تعود مصر لسيادتها ومكانتها، ينادينى ويكلمنى، ماذا كان ليقول؟ هل حقا كان لينادينى؟ هل أصبحنا على ما كنا نبغ؟ أم أننا فرطنا؟
وكثيرًا من الشعارات التى نسمعها ولا ننصت لها، كشعار "الشعب والجيش إيد واحده" وكأننا ندعم الجيش بكامل الثقة فى حين أن لسان حال المتملقين من النخبة التى نعت نفسها بذلك، يقول بأن الجيش يراوغ وأن الشفافية مطلوبة وأن وأن وأن....

مع العلم أن الجيش المصرى العملاق الذى سطر فى التاريخ سطورًا لا يمحوها حتى الدم، وقف ومازال واقفًا وبضراوة إلى جانب الشعب الذى آسف أن أقول إنه يستحق الضرب على الأيدى بيد من حديد!

تتلون الشعارات مابين علمانية ودينية وليبرالية وهلم جرا، إلا أن مصر مازالت تحمل الهوية المصرية التى ليس لها أن تتغير فمصر مازالت مصرية، لا نريدها مصر من الشرق الأدنى ولا مصر غربية، حتى ولو تشدق الفلاسفة غير المسئولين بكلمات الغزل والعشق والهيام بتجارب البلاد الأخرى إلا أن مصر يجب أن يكون لها الريادة والصرح وليس التقليد المبهم الذى لن يصل بنا إلا أن نكون طورا من أطوار الاستنساخ المشوه.
مصر لا تحتاج فقط إلى شعارات، نحتاج إلى عمل وإصرار وتنفيذ مشرف، مصر لا تحتاج إلى اعتصامات فالضغط يولد الانفجار كما يصنع من الأخطاء ما ستعجز البلد على تحمله أو الخروج من دائرة التسيير إلى دائرة التطوير.
شعارات دوما نرفعها ولكن لا ندرى إلام تصبو، لا نعلم صدقها لكن مانريده حقا إلا أن تتغير مفاهيمها من شعارات إلى إنجازات.







مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

عبداللطيف احمد فؤاد

ده بقى ميدان التكدير

عدد الردود 0

بواسطة:

عبداللطيف احمد فؤاد

ده بقى ميدان التكدير

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة