ووصف عبد العزيز، خلال الندوة الأسبوعية التى عقدها، صالون الروائى الدكتور علاء الأسوانى، مساء أمس الخميس، بمركز إعداد القادة، المحاكمات التى تجرى مع رموز النظام السابق بأنها تترنح يمينًا ويسارًا، وأن هناك بطئاً يحدث فى مجرياتها عن عمد، مستدلاً بمحاكمة حبيب العدلى وزير الداخلية الأسبق، متتبعًا مجريات القضية منذ أحيلت فى شهر إبريل الماضى، ورفعت إلى محكمة الجنايات، ومن ثم أجلت شهرين، حتى تم مدّ القضية، مشيرًا إلى أن من بين أسباب التأجيل ضيق القاعة وعدم اتساعها لاستيعاب أسر الشهداء والمصابين وغيرهم.
وقال عبد العزيز: علينا أن ننظر كيف كنا نتصرف فى مثل هذه الأمور قبل ثورة 25 يناير، مذكرًا الحاضرين بما حدث فى محاكمة تنظيم التكفير والهجرة، وقضية رفعت المحجوب، وقيام محكمة استئناف القاهرة ووزير العدل فى ذلك الوقت بتأجير قاعة بأرض المعارض فى مدينة نصر، تكلفت ثلاثة آلاف دولار، وتم استيعاب كافة راغبى الحضور.
وتساءل زكريا: ليه يا وزير العدل لم تصدر قراراً فى أعقاب تلك المشكلة بنقل محاكمة العادلى إلى مكان يتم استيعاب الناس فيه؟ موضحًا إمكانية ذلك بشراء زجاج ضد الرصاص يحمى قفص الاتهام والمتهمين، وبذلك يراهم الناس جميعًا، وننفى الشك الذى يساور أهالى الشهداء والمصابين والشعب كله، ومن ثم تتم المحاكمة بنزاهة فلا يطعن الناس فى القضاء.
وأضاف متسائلاً: لماذا لم يأمر وزير العدل المستشار عبد العزيز الجندى، رئيس الجلسة بالتفرغ للنظر فى القضايا الهامة بدلاً من تأجيلها، مثلما حدث فى قضايا "أولاد علام والنخيلة وهشام مصطفى وحسن أبو باشا وزير الداخلية الأسبق والمحبوب"، حينما أمروا بالتفرغ لنظر هذه القضايا.
وطالب زكريا بمحاكمة رئيس استئناف محكمة القاهرة، لأنه لم يتخذ هذه الخطوة، وتقاعس عن هذه الإجراءات التى وصلت بالشارع إلى هذه الحالة من الاحتقان.
وأوضح عبد العزيز، أنه من مصلحة الشارع عدم التعليق على الأحكام القضائية ببراءة أو إخلاء رموز النظام السابق، وذلك لأنه سيؤدى إلى انقسام الشارع بين مؤيد ومعارض للبراءة والإدانة فى نفس الوقت، وهو ما لا يجوز، ولهذا امتنع زكريا عن التعليق حول القضية، ولكنه أشار إلى أنه طالب قاضى التحقيق فى موقعة الجمل بالتنحى عنها، مشددًا على أن ثقة القاضى يستمدها من الرأى العام.
وحول إخلاء سبيل الضباط المتهمين فى مقتل المتظاهرين فى السويس، قال زكريا كنت أتمنى أن يصدر القرار على العكس، فالقاضى يجب أن يكون لديه قدر من الثقافة والحصافة والفطنة والكياسة، والكل يعلم أن الشارع كان محتقنًا جدًا، والمشكلة أن النائب العام عندما طعن على القرار كان يعلم أنه لا يجوز قانونًا أن يطعن، ولهذا أطالب بحبس من أفرج عنهم من الضباط، لافتاً إلى أنه ما زالت دماء الشهداء تسيل والضباط يمشون فى الأرض مرحى، وعندما أخلى سبيلهم وقفوا وأشاروا إلى الأهالى بإشارات بذيئة وتحدوهم، بالإضافة إلى أنهم حضروا المحاكمة بملابس مدنية، ولكل لأهالى السويس كل الحق فيما فعلوه.
وشدد زكريا على ضرورة تطهير القضاء، مشيرًا إلى أن رئيس استئناف محكمة القاهرة والذى ما يزال موجودًا فى موقعه، يمت بصلة قرابة جدًا للرئيس المخلوع، موضحًا أن تطهير القضاء يجب أن يتم وفق عدة نقاط، أولها أن يكون مستقلاً مالياً، وألا يجوز ندب القاضى لعمل غير القضائى، فلا يجوز ندبه مستشارًا قانونيًا فى أى عمل، لافتًا إلى أن أحد القضاة المكلفين بالنظر فى قضايا المتظاهرين يعمل بالتدريس فى كلية الشرطة، وتساءل: هل يجوز لقاضى أن يفصل فى مثل هذه القضايا ويكون ابنه ضابط شرطة؟ مجيبًا: هذا القاضى يجب أن يتنحى من تلقاء نفسه.
واستكمل زكريا: لو أردنا إصلاحًا قضائيًا، فيجب أن يتم عزل القاضى تمامًا عن السلطة التنفيذية، ويجب تحديد مدة ندبه بألا تزيد على ثلاث سنوات، لأن البعد عن المنصة أمر بالغ الخطورة، والإعارة يجب أن تقنن وأن تكون مرة واحدة فى العمر، كما يجب أن تتبع السجون وزارة العدل وليس الداخلية، حتى لا يغير المسجون أقواله عن المرة الأولى، وهذا ما شهدناه كثيرًا، بالإضافة إلى فصل سلطة التحقيق عن سلطة الاتهام.
وحول انتقال المحكمة لـ"مبارك" فى شرم الشيخ، أكد زكريا أنه لا يجوز انتقال المحكمة للمتهم، فالقانون ينص على أنها تؤجل إذا قدم محاميه ما يثبت أنه عاجز على الحضور، وأضاف وجود "مبارك" فى المستشفى من عدمه هو سبب حالة الارتياب فى الشارع المصري، وظهور محاميه فريد الديب فى الفضائيات أمر يعاقب عليه قضائيًا لأنه لا يجوز له، وحتى اللجنة التى انتقلت لسجن طره جلست "على جنب وجابوا لهم مشاريب" حتى موعد إغلاق السجن فى الخامسة مساءً، وحينما بعث النائب العام بلجنة لاستطلاع حالة السجن وما أثير حولها، لم يصدر النائب بيان اللجنة، كما أنه لم يعلن أعضاء اللجنة التى تشكلت، ولهذا فأنا أطالب النائب بنشر المحضر لتبديد الشكوك، وأطالب باللجنة تذهب مرة ثانية وتصدر بياناً يطلعه علينا النائب العام.
وقال الروائى الدكتور علاء الأسوانى، إن الخطأ الذى وقعنا فيه جميعنا، وألوم نفسى عليه هو أنه كان يجب علينا أن ننظم لجاناً تمثل الثورة وتتفاوض مع المجلس العسكرى باسم الثورة، وأضاف: ومن حقنا بل واجبنا الآن أن نقوم بعملية تقييم لما حدث خلال 6 أشهر، مشيرًا إلى أن المحافظين الجدد كلهم ينتمون إلى النظام السابق، إضافة إلى الوزراء ما عدا الدكتور عصام شرف، ولو بحثنا فى سير الوزراء الآخرين سنجد أناشيدهم فى حب مبارك، والنائب العام مازال كما هو لم يتغير، والقضاء لم يتطهر بعد بناء على حديث القضاة أنفسهم، والشرطة المصرية والتى استعملت كسلاح قمعي، وكانت الوجه القبيح لنظام مبارك مازالت كما هى.
وأضاف الأسوانى، أن المحاكمة الوحيدة التى تمت على عجالة كانت محاكمة أمين الشرطة، والغريب فى الأمر أنه لا يزال هاربًا، وكأن الشرطة عاجزة على الإمساك به، فى حين أنه يتكلم فى برامج التوك شو، فلماذا لا يأتى جهاز الشرطة برقم الهاتف ويصلون إليه بسهولة؟ الأحداث كادت تكون مسخرة، متسائلا: هل يعجز نظام الشرطة المصرى بأكمله على الإمساك بهذا الهارب؟.




