بيشوى رمزى يكتب: مصر الجديدة و"الديمقراطية الإقصائية"

الأربعاء، 06 يوليو 2011 09:36 م
بيشوى رمزى يكتب: مصر الجديدة و"الديمقراطية الإقصائية"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعد إقصاء أعضاء الحزب الوطنى الديمقراطى المنحل من ممارسة الحياة السياسية من بين المطالبات التى رفعها مؤخرا العديد من النشطاء السياسيين، وشباب الثورة، وكذلك مؤتمر الوفاق الوطنى، وهو ما اعتبروه نوعا من العقاب لأولئك الأشخاص الذين أفسدوا الحياة السياسية إبان النظام السابق، وبالرغم من أن هناك بعض الشرفاء الذين كانوا أعضاء فى الحزب المنحل، خاضوا الانتخابات البرلمانية على قوائمه، إلا أن هناك إصرارا من قبل هؤلاء الثوار و"دعاة الديمقراطية"على ممارسة سياسة الإقصاء تجاه كل من انتمى إلى النظام السابق وحزبه ورجاله.

فى الواقع أن من يمكننا تسميتهم بدعاة"الديمقراطية الإقصائية"لم يحددوا موقفهم من بعض رجال النظام السابق، الذين تلونوا ليتمكنوا من مجاراة التطورات الأخيرة التى شهدتها الساحة المصرية خلال الأشهر الماضية بالطبع من أجل تحقيق مكاسب شخصية، ومن بينهم بعض مسئولى نظام مبارك الذين أعلنوا ترشحهم للرئاسة، وهو ما يخالف الفكر الإقصائى الذى تسعى إليه القوى الجديدة داخل المجتمع المصرى، لم يحددوا أيضا موقفهم من الأحزاب السياسية التى اقتصر دورها إبان عصر الرئيس مبارك على دعم نظام الحكم، ولم يكن لها أى دور فى إرساء التعددية السياسية بمعناها الحقيقى، بل إنها سعت فقط لأداء دور"الكومبارس"فى المسرح السياسى المصرى.

لقد كان الإقصاء السياسى أحد سمات النظام المصرى السابق بأكمله، والذى بدأ منذ حركة الضباط الأحرارعام1952، وحتى نهاية عصر الرئيس مبارك، وقد كان سببا رئيسيا لكل مظاهر الفساد التى شهدها المجتمع المصرى لعقود طويلة، وهو ما أشعل فتيل الانتفاضة التى أطاحت بالرئيس السابق ورموز نظامه، فقد أدى الإقصاء الذى اتبعه رجال النظام السابق ضد كافة الكيانات التى مارست معارضة حقيقية، إلى تزوير إرادة الشعب المصرى فى مختلف الانتخابات التى شهدتها المحروسة ولعل الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتى أجريت عام2010 كانت بمثابة الشرارة الأولى التى أطلقت انتفاضة يناير.

كانت سياسة الإقصاء أيضا سببا مهما فى الابتعاد عن العديد من الكفاءات، ربما بسبب الخوف من شعبيتهم الطاغية، التى قد تهدد وضع العديد من القيادات داخل الدولة، أو بسبب مواقفهم المعارضة للنظام الحاكم، ومن هنا كان الاعتماد على ما جرى العرف على تسميتهم بأهل الثقة، حتى على حساب أهل الخبرة والكفاءة، وهو ماظهر جليا فى التعامل الحكومى، إبان النظام السابق، مع بعض العلماء المصريين البارزين كالدكتور زويل أوالدكتور فاروق الباز وغيرهم، وقد أدى ذلك الى إحداث خلل كبير فى العديد من القطاعات المهمة داخل الدولة المصرية.

لم تتوقف سياسة الإقصاء التى اتبعها النظام السابق على الداخل، ولكنه سعى أيضا إلى إقصاء كافة القوى الإقليمية بالمنطقة التى تبنت مواقف معارضة للموقف المصرى فى مختلف القضايا الدولية والإقليمية، دون السعى نحو إيجاد أرضية مشتركة يمكننا من خلالها تبنى موقف موحد، وقد كانت تلك السياسة سببا رئيسيا فى تهميش الدور المصرى على المستويين الإقليمى والدولى.

لقد نجحت الانتفاضة المصرية فى أن تفتح الباب أمام بعض القوى التى كانت محظورة من قبل، للاندماج فى الحياة السياسية المصرية، وبالتالى السماح لهم بتأسيس كيانات سياسية تمثلهم فى خطوة تعد نقطة تحول مهمة فى الداخل المصرى، بل ونجحت أيضا فى إحداث تغيير واضح فى أجندة السياسة الخارجية المصرية تجاه بعض الدول التى نظر إليها النظام السابق باعتبارها خصوما، إلا أنها على ما يبدو لم تنجح حتى الآن فى التخلى عن التطرف الذى شهدته الحياة السياسية فى مصر لعقود طويلة وإن كان هذا التطرف قد غير وجهته من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.

يعد الإصرار على إقصاء أعضاء الحزب الوطنى المنحل، الذين لم يثبت تورطهم أو إدانتهم فى قضايا فساد، استمرارا لسياسات النظام السابق المتطرفة والذى سعت الانتفاضة المصرية لإسقاطه، ويعبر كذلك عن أننا مازلنا بعيدين تماما عن تطبيق حقيقى للديمقراطية التى تقبل كافة التيارات والاتجاهات دون تمييز، وهو مانسعى إلى تحقيقه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة