الدنيا دُول.. وعلى مر آلاف السنين دول تقوى وترتفع وتتوسع، ثم تحتل الدول المجاورة الأضعف، وتتحول إلى امبراطورية وتبطش وتظلم وتستنزف ثروات الآخرين.. ثم سنوات سواء بالمئات أو العشرات، وتبدأ فى الانحدار والتقلص والانكماش والانقسام حتى تقع أسيرة لسيطرة دولة أخرى، جاء ميعادها وحظها من القوة، لتستولى على ميراث سابقتها من الدول الصغيرة، فتحتلها وتبطش وتظلم وتستعبد وتستنزف، وهكذا ظل الحال والتداول منذ آلاف السنين.. الفرس دخلوا مصر ومنطقة الشرق الأوسط كلها، وظلوا حتى جاء الإسكندر بحضارة الإغريق، وطردهم وقضى على سيطرتهم، وورث البلاد التى كانت تحت سيطرتهم.. ثم جاء الرومان وقضوا على الإغريق، واحتلوا الميراث الإغريقى، وظلوا حتى جاء أوان العرب، فزحفوا واحتلوا ميراث الرومان، وهكذا حتى جاء العثمانيون واحتلوا الشرق كله وأجزاء من أوروبا وفى بداية عصر محمد على كان نجم الإنجليز والفرنسيين هو القادم، حتى تشاجروا على مصر وحرق الإنجليز سفن الفرنسيين فى أبو قير، وفى نهايات عهد محمد على كانت الامبراطورية العثمانية تسمى بالرجل المريض، وكان لابد أن ترث ممتلكاتها إنجلترا وفرنسا، وهذا ما حدث وتقسمت المنطقة كلها ما بين الإنجليز والفرنسيين والإيطاليين تحت لواء اتفاقية تدعى «سايكس بيكو».
وفى الحرب العالمية الأولى، أعلنت إنجلتر رسميا الحماية على مصر، وفصلت مصر عن الخلافة العثمانية، بعد خلع الخديوى عباس حلمى الثانى، وظلت هى وفرنسا القوتين الأعظم حتى الحرب العالمية الثانية التى بزغ فيها نجم الأمريكان فى سماء العالم، وخرج باقى دول العالم سواء من المحور مهزومين، أو من الحلفاء منهكين ومفلسين بعد حرب طاحنة، وطلت روسيا قليلا، وأصبحت الاتحاد السوفيتى، ثم سرعان ما تفتت جسدها إلى دويلات، وانسحبت من ميدان القيادة العالمية، وتركته لأمريكا وحدها، ومنذ ذلك الوقت، بدأت أمريكا تعبث فى المنطقة عبثا منظما ومخططا للسيطرة التامة على المنطقة.. بدأت هذا المخطط بقلب نظم الحكم ذات الصبغة الديمقراطية، وتداول السلطة خاصة فى سوريا والعراق ومصر، وحولتها إلى حكم عسكرى شمولى، كان لابد أن يسقط بعد سلسلة من الهزائم، وبعد وضع إسرائيل الآخذ فى الاستقواء والتميز والاستقرار.. وكانت ذراع أمريكا الطويلة المتفرعة هى منظمات حقوق الإنسان، والهيومان ووتش، والعفو الدولية، وما يستجد من مسميات.. وكان دور العراق هو الأول، وتم عمل اللازم، وقالوا سوف نترك العراق فى 2011، وها هم يمدون المهلة حتى 2016، ثم قبل الميعاد سوف يجدون سببا للبقاء حتى يجىء الوقت المناسب، وها هى ليبيا يتم هدمها على رؤوس النظام والثوار على السواء من أجل البترول، أما نحن والباقون فلنا النصيب الأكبر من الفوضى المتواصلة التى لا تعطى أى مهلة لأخذ الأنفاس، حتى تستقر البلاد، وتحاول تعويض الخسائر المذهلة والنزيف المتواصل.. ومن يتابع تصريحات الأمريكان ورؤساء منظماتهم، يجد أنها تصريحات صاحب عزبة فى أملاكه، وتدخل وقح جدا فى صميم شؤون مصر الداخلية وكأنها ليس لها صاحب، فقد جاء منذ أسابيع رئيس الهيومان رايت ووتش، لينتقد القضاء المصرى وطريقة عمله، وللأسف وافق على مقابلته السيد وزير العدل، والحمد لله رفض النائب العام.. ثم جاء أمين عام منظمة العفو، وأعلن أشياء غريبة جدا.. طالب وزارة الداخلية بتقديم اعتذار للشعب المصرى عن الانتهاكات التى ارتكبتها قبل وخلال الثورة، وانتقد استعمال الأسلحة «الثقيلة»، ولا أعرف ما هى.. لقمع المظاهرات مع أن التحقيقات متواصلة، والقضاء يعمل وانتقد تعذيب المعتقلين بالضرب والجلد والصعق بالكهرباء، وأشار إلى غموض حوادث قتل وتعذيب وهروب المساجين، وكل هذه التفاصيل غير مفهومة المكان ولا الزمان.. المهم أنه عقب هذا الكلام ونشره فى الصحف، حدثت مصادمات يوم الثلاثاء بين بعض الجماهير والشرطة، وتم التهجم على وزارة الداخلية، وهتفوا ضد الداخلية والجيش.. ومازالوا.. أما الست هيلارى فقد صرحت أنها سوف تستأنف اتصالاتها مع الإخوان والتى كانت قد بدأت فى 2006 ودعت كل مسؤول «يحب يتصل بيهم» إلى التوجه فورا مع ترحيب الإدارة الأمريكية وقالت فى الآخر جملة عجيبة برضه «إن المهم ان تلتزم الجماعات الدينية بالديمقراطية».. كل هذا يحدث ونحن فى واد آخر.. نازلين فى بعض شتايم، واتهامات، وتصنيف، وفرقة، وتحزب، وتمزق، وفوضى وتحريض على الجيش والشرطة، علشان نصبح بلدا حرا بلا جيش ولا شرطة، ودى أحلى حاجة وآخر صيحة وموضة فى الأنظمة اللى فى السوق.. لو حد فاهم إن أمريكا نفسها تفرح بينا، وتشوفنا دولة ديمقراطية كده قد الدنيا وحاجة تفرح.. تبقى مصيبة، ولو حد فاهم زى ما أنا فاهمة ومطنش، تبقى مصيبة وكارثة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
hazim
الله يكرمك
عدد الردود 0
بواسطة:
talaat
لميس جابر وسليمان جودة
عدد الردود 0
بواسطة:
يائسة
احييكى
عدد الردود 0
بواسطة:
الديشة
لا يا دكتورة الا الثورة
عدد الردود 0
بواسطة:
ليلى
السبب
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد
ارحمونا بقى
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلام محمود
ممتاز
عدد الردود 0
بواسطة:
Ahamed
الحريه المطلقه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عيسي
محترمة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
انا بنتظر مقالاتك بفارغ الصبر