تعددت الأصوات واختلفت الرؤى والأفكار حول قضيتين ولكل منهما شعار الأولوية.
هل بعد قيام الثورة فى مصر نبدأ بالانتخابات أولا أم الدستور أولا؟
لن أسرد هنا وجهات نظر كل طرف مؤيد لقضيته ومبرراته التى يستند إليها لكننى أريد التوجه هنا إلى الطرفين من أنصار شعار "أولا" وأطالبهم بعدم تهميش الشعب.
فالأطراف الساعية إلى خير البلاد سواء بالدستور أو الانتخابات يتحدثون ويدخلون فى نقاشات دون النظر للمواطن العادى الذى نشف ريقه حتى يحصل على الحرية من نظام مستبد.
والسؤال هنا: هل تمت معرفة رأى المواطن البسيط الذى يرتدى الجلابية والطاقية ويجلس مفترشا على تراب الأرض الذى يعشقه وهو يبيع ما لديه من حزم الجرجير والبقدونس؟
هل تم سؤال صاحب القميص الأبيض الذى يجرى للحاق بالميكروباص حتى يصل عمله قبل انصراف موظف "القبض" للحصول على جنيهاته المعدودة المبروكة القادرة بقدرة قادر أن تدفع الايجار والفواتير للمياه والكهرباء وأخيرا كروت شحن الموبايل إذا تبقى معه مبلغ وقدره أو شحن بتلاتة جنيه على ما ربك يفرجها؟
هل سألنا أم محمد التى تقف فى خنقة طابور "العيش" كل يوم حتى تستطيع وهى باسمة راضية أن تشترى بنص جنيه لعيالها وأبو محمد وربنا يسترها عليهم من كرمه؟
ليست الثورة حكرا على أحد من الطرفين، سواء كانوا من أصحاب الدستور أولا أو الانتخابات هى الأساس، ليس التحرير هو الميدان الذى أعطى لكم حق الكلام باسم الثورة، فلا كان هناك أى دفتر للحضور والانصراف يتم الإطلاع عليه فنعرف من شارك ومن لم يشارك ولذلك تمشى إرادته.
لم نخرج من ميدان التحرير بكارنيهات عضوية مكتوب فيها شارك فى الثورة من الساعة كذا وفى ظهر الكارنيه يوجد ختم وإمضاء بتوقيع المشرف العام على الثورة.
الثورة يا سادة ومستقبل البلد فى يد كل مصرى ومصرية، الثورة ليست فى المهارة القادرة على الوصول إلى الشاشات التليفزيونية والحديث بنبرة القائم على إدارة شئون البلاد، فمصر ليست قناة فضائية نتكلم عن مصيرها فى البرامج.
مصر الحقيقية فى الشارع وبين الناس البسطاء فى الريف قبل الحضر، مصر الحقيقية فى كل حارة مليانة بالناس وداخل كل شارع فيه ضحكة الناس بفانوس رمضان وفسيخ شم النسيم وكحك العيد.
يا من تنادى بالدستور أولا ويا من تطالب بالانتخابات أولا، ليست القصة فى يدكم وحدكم لأنه هناك شعب حقيقى غير قادر على الظهور مثلكم عبر البرامج والمكلمات التليفزيونية التى تنعمون فيها بالتكييف الذى يصاحبكم أيضا فى سيارتكم وربما فى بيوتكم أيضا.
هناك شعب قادر وحده على تقرير مصيره فلا تهمشوا دوره حتى لا تظهرون كنسخة شبيهة من النظام السابق الذى كان يقرر ويفعل دون النظر لآراء الغير.
ليست المعركة على عروسة يسعى عريس وآخر للزواج منها، إنما القصة مصر والحكاية إرادة شعب فلا تكون نظرتكم له نظرة إلى خيال المآتة.
الشعب قادر على الاختيار وقادر على صنع المعجزات إذا اكتشفنا الحقائق دون مبالغات وتهويل وتضليل، الشعب قادر عندما يكافح بالجهد والعمل لا بالكلام والشعارات التى تذهب فى الهواء دون فائدة.
أحمد الله على أننى من هذا الشعب العظيم وأشكر كرم الرحمن فى جعلى من أبنائه البسطاء الذين يعرفون انقطاع الكهرباء بالساعات والمجارى التى تطفح بالأسبوع ولا حس ولا خبر ولا ظهور للمسئول.
لست من الذى كتب لهم الخروج من تكييف السيارة إلى تكييف المكتب إلى تكييف الاستديو وهذا لا يعنى أى حقد طبقى نحوكم فالأرزاق على الله ومتساوية بين الجميع بعدله.
كل ما هو مطلوب سواء كنت مع الدستور أولا أو الانتخابات أولا ألا تنسى الشعب خصوصا إذا كنت قادرا على التأثير وصنع ما لا يقدر عليه المواطن العادى البسيط.
ميدان التحرير
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى خاطـر
مقال مقنع ولكن التنفيذ صعب