ذكر تقرير حقوقى صدر اليوم الأحد، أن النصف الأول من عام 2011 شهد أعنف موجة للاحتجاجات عبر تاريخ الحركة العمالية، بواقع نحو 956 احتجاجا عماليا، تمثلت فى 338 اعتصاما، و158 إضرابا، و259 تظاهرة، و161 وقفة احتجاجية، و40 تجمهرا.
وقال التقرير، إن خسائر العمال كانت فصل وتشريد 11077 عاملا، ومصرع 18 عاملا، وإصابة 124 آخرين نتيجة ظروف العمل السيئة، وغياب وسائل الأمن الصناعى والصحة المهنية، وأن المأساة الحقيقية هى انتحار 12 عاملا بعد أن عجزوا عن توفير متطلبات أسرهم اليومية، وأنه تم القبض على 22 عاملا أثناء احتجاجاتهم، وتقديمهم للمحاكمات العسكرية والمدنية، وأن المحكمة العسكرية قضت بحبس 5 عمال منهم سنة مع إيقاف التنفيذ، فى انتهاك خطير للمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
وطالب تقرير مركز أولاد الأرض، بإسقاط قانون تجريم الإضرابات، وإطلاق الحريات النقابية، وتنفيذ الإحكام القضائية بحل مجالس إدارات الاتحاد الرسمى ونقاباته، ووضع حدين أدنى وأقصى للأجور بما يكفل حياه كريمة للعمال والموظفين، ويكفل تقريب الفروق بين الدخول، وتثبيت كافة العمالة المؤقتة، وتعديل قانون العمل 12 لسنة 2003 بما يضمن استقرار وأمان علاقات العمل، والحد من سلطات صاحب العمل فى شأن قرارات الفصل، وعزل رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات والهيئات التى بددت المال العام وسهلت الاستيلاء عليه، وإلغاء كافة القرارات التعسفية التى صدرت ضد القيادات العمالية التى كانت تناهض الفساد، بالإضافة إلى إقرار برامج رعاية صحية واجتماعية للعمالة غير المنتظمة والمتعطلين عن العمل، وإقرار معاش بطالة لكافة المتعطلين عن العمل، ورد الدولة لكافة أموال التأمينات التى اقترضتها ولم تعدها دون وجه حق، واستقلال موازنة التأمينات عن الموازنة العامة للدولة، ووقف العمل بقانون التأمينات الاجتماعية الذى أقر فى عهد مبارك، وإيقاف سياسة الخصخصة التى بددت ثروات الشعب المصرى، وكفالة حقوق الشعب المصرى فى السكن والعمل والتعليم والعلاج، وإيقاف المحاكمات العسكرية للمدنيين، ومحاكمة كافة المتورطين فى جرائم تعذيب الشعب المصرى، وإلغاء حالة الطوارئ، وإعادة تشغيل كافة المصانع المتوقفة عن العمل والتى هرب رجال أعمالها.
وأضاف التقرير، أنه منذ عام 2004 وحتى قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، قام عمال مصر بآلاف الاحتجاجات العمالية ضد سياسة الخصخصة وتعسف أصحاب الأعمال، وأنهم استطاعوا انتزاع حق الإضراب والاعتصام والتظاهر، فى وقت كانت تحكم مصر بقانون الطوارئ فى ظل أشد الأنظمة دكتاتورية وقمعية، وأن العمال استطاعوا باحتجاجاتهم المتوالية كسر حاجز الخوف لدى قطاع كبير من الشعب المصرى، مما مهد الطريق لثورة الخامس والعشرين من يناير، وأنه بالرغم من أن الكثير من العمال دفعوا الثمن غاليا بالاعتقال تارة وبالفصل والتشريد تارة أخرى، حتى وصل عدد العمال الذين تم فصلهم وتشريدهم خلال السنوات الأربع الأخيرة ما يزيد عن 300 ألف عامل، إلا أن ذلك لم يزدهم إلا إصراراً على انتزاع حقوقهم، وأنه يكفى الإشارة إلى أن رصيف مجلس الشعب لم يخل يوما من الاحتجاجات العمالية والمطالبة الدءوبة بحياة تليق بالبشر.
وأكد التقرير أنه منذ اليوم السابع من فبراير وقبل خمسة أيام من تنحى الرئيس السابق عن الحكم، بدأت أشد الاحتجاجات العمالية كماً وكيفاً على مدى تاريخ مصر، فكان ذلك من أهم العوامل المؤثرة التى أدت إلى سرعة وتيرة الثورة وزيادة الموقف اشتعالا وتضييق الخناق على الديكتاتور السابق، ما أرغمه على الرحيل، وأنه خلال أسابيع فقط أى حتى نهاية فبراير شهدت الحركة العمالية 489 احتجاجا عماليا، أى بنسبة 51% من إجمالى الاحتجاجات العمالية فى النصف الأول من عام 2011، وأن تزايد الاحتجاجات العمالية حتى بعد تنحى الرئيس السابق أدى إلى ظهور موقفين متناقضين من تلك الاحتجاجات، الموقف الأول كان معارضا لها على أساس أن تعطيل الإنتاج فى المواقع العمالية المختلفة قد يؤدى إلى توقف عجلة الاقتصاد، ولا يمنح الحكومة الجديدة فرصة لالتقاط الأنفاس وترتيب الأوراق بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، ووصل هذا الفريق إلى وصم الاحتجاجات العمالية بأنها احتجاجات "فئوية"، تعبر عن أنانية العمال فى وقت يجب أن يتخلى فيه الجميع عن مطالبهم ولو إلى حين، أما الموقف الثانى فكان ولم يزل مؤيدا للاحتجاجات العمالية على أساس أن عمال مصر خلال عشرين عاما "منذ بدء تنفيذ سياسة الخصخصة، تعرضت حقوقهم للاقتطاع المستمر لصالح أصحاب الأعمال فى ظل تنظيم عمالى حكومى فاسد، وقف على طول الخط فى الخندق المعادى والمنتهك لحقوق العمال، وأن ثورة الخامس والعشرين من يناير بدأت برفع شعارات اجتماعية مثل الحرب ضد الفقر والجوع والفساد والمطالبة بتحديد حد أدنى للأجور وثبات الأسعار، وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب، وأن تلك المطالب سرعان ما اختفت لتظهر بدلا منها المطالب السياسية مثل الحرية والديمقراطية وحرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف، لذا فإن الاحتجاجات العمالية خلال أيام الثورة وما تلاها ما زالت ضرورة للتأكيد على المطالب الاجتماعية، كما أن الكثير من تلك الاحتجاجات كانت موجهة فى المقام الأول ضد القيادات الفاسدة فى المواقع العمالية والتى طالب العمال بإقالتهم ومحاكمتهم كخطوة أولى على طريق محاربة الفساد، يؤكد ذلك أن مطالب العمال تمثلت فى ثلاث مطالب، وهى زيادة الأجور وتثبيت العمالة المؤقتة وإقالة المفسدين.
وتحت عنوان"حكومة شرف وخطوات إلى الخلف" أشار التقرير إلى شعار "خبز..حرية..عدالة اجتماعية"، باعتباره شعار ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتساءل التقرير: "ماذا فعلت حكومة شرف بتلك الشعارات؟".
وأجاب التقرير، بأنه بعد أن مهدت حكومة شرف للرأى العام، بأن احتجاجات العمال ما هى إلا احتجاجات "فئوية" تعطل الإنتاج وتوقف حركة عجلة الاقتصاد، أقدمت على ما لم يجرؤ عليه نظام مبارك، وأصدرت القانون 34 لسنة 2011 الشهير بقانون تجريم الاحتجاجات، الذى يحظر على العمال ممارسة حق الإضراب، ويعاقب بالحبس والغرامة التى لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين؛ كل من قام بعمل وقفة أو نشاط ترتب عليه منع أو تعطيل أحدى مؤسسات الدولة أو أحدى السلطات العامة أو أحدى جهات العمل العامة والخاصة عن أداء أعمالها، كما يعاقب بذات العقوبة كل من حرض أو دعا أو روج بالقول أو بالكتابة أو بأية طريقة من طرق العلانية لهذه الأعمال.
وتابع التقرير، إن غاية هذا المرسوم ليس منع التخريب كما تدعى الحكومة فى مبررات إصدارها له، وأن كل الأعمال التخريبية داخل أماكن العمل وخارجها معاقب عليها بقانون العقوبات ولا تحتاج لنصوص جديدة، وأنه كان الأولى بالحكومة أن تستمع للعمال وتسعى لعلاج مواطن الخلل الاجتماعى بدلا من استخدامها لنفس الوسائل القديمة، وتصدر تشريعا يمنع العمال عن التعبير عن معاناتهم.
وتحت عنوان "إحالة العمال إلى المحاكم المدنية والعسكرية"، قال التقرير إنه بالرغم من صدور قانون تجريم الاحتجاجات العمالية فى أبريل الماضى، والذى يؤكد أن حكومة شرف لا تقيم وزنا للعدل الاجتماعى، وأن توجهها الاقتصادى والسياسى والاجتماعى لا يختلف عن توجه الحكومات فى النظام السابق، كان على العمال أن يواجهوا تلك السياسات، وأن يدافعوا عن حقهم فى الاحتجاج الذى انتزعوه انتزاعا فى السنوات الماضية، وأنه لم يرهبهم إحالة 22 عاملاً إلى المحاكم المدنية والعسكرية تم القبض عليهم أثناء تظاهرهم واعتصامهم، وأن المحكمة العسكرية قضت فى شهر يونيو الماضى بحبس 5 عمال من شركة بتروجيت سنة مع إيقاف التنفيذ، فى انتهاك صارخ للمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
وأن الحركة العمالية لم ترهبها تحويل قياداتها إلى النيابات والمحاكم العسكرية والمدنية، بل تواصلت عجلة الاحتجاجات العمالية بصورة يومية تحت وطأة ارتفاع الأسعار وتدنى الأجور وغياب الأمان الوظيفى، وانتشار الفساد فى مواقع العمل.
وتحت عنوان"رقم قياسى للاحتجاجات العمالية" قال التقرير إن النصف الأول من عام 2011، شهد رقما قياسيا للاحتجاجات فى تاريخ الحركة العمالية، ووصل عددها إلى 956 احتجاجا، وإن شهر فبراير شهد 186 اعتصاما و77 إضرابا و151 تظاهرة و48 وقفة احتجاجية و27 تجمهرا وفصل وتشريد 4205 عاملا، وإصابة 19 عاملا نتيجة ظروف العمل السيئة، وأن شهر مارس شهد 48 اعتصاما و17 إضرابا و32 تظاهرة و23 وقفة احتجاجية وتجمهرين وفصل وتشريد 12 عاملا وإصابة 9 عمال، لغياب وسائل الأمن الصناعى، وأن شهر أبريل شهد 26 اعتصاما و14 إضرابا و26 تظاهرة و24 وقفة احتجاجية، وفصل وتشريد 1360 عاملا ومصرع عاملين وإصابة 22 آخرين، نتيجة ظروف العمل السيئة، وأن شهر مايو شهد 26 اعتصاما و30 إضرابا و25 تظاهرة و21 وقفة احتجاجية و4 تجمهرات وانتحار اثنين من العمال، وفصل وتشريد 2600 عامل، ومصرع 9 عمال وإصابة 11 آخرين، نتيجة غياب وسائل الأمن الصناعى والصحة المهنية، وأن شهر يونيو شهد 30 اعتصاما و15 إضرابا و19 تظاهرة و36 وقفة احتجاجية و7 تجمهرات وانتحار عامل واحد وفصل وتشريد 2200 عاملا ومصرع عامل واحد، وإصابة 34 آخرين نتيجة ظروف العمل السيئة.
وأوضح التقرير، أن الإحصائيات تشير إلى أن الاعتصامات التى بلغت 338 اعتصاما، توزعت ما بين 65 اعتصاما لقطاع الأعمال، و165 للقطاع الحكومى، و108 للقطاع الخاص، أما الإضرابات والتى بلغت 158 إضرابا فقد كان نصيب قطاع الأعمال منها 47 إضرابا، والقطاع الحكومى 68 إضرابا، والقطاع الخاص 43 إضرابا، فى حين بلغت التظاهرات 259 تظاهرة منها 58 لقطاع الأعمال و110 للقطاع الحكومى و91 للقطاع الخاص، وبلغت الوقفات الاحتجاجية 161 وقفة، منها 45 لقطاع الأعمال و72 للقطاع الحكومى و44 للقطاع الخاص، فى حين شهدت الحركة العمالية 40 تجمهرا منها 12 لقطاع الأعمال و19 للقطاع الحكومى و9 للقطاع الخاص، فى حين تجسدت خسائر العمال فى النصف الأول من عام 2011 فى فصل وتشريد 11077 كان نصيب قطاع الأعمال منها 2065 عاملا، والقطاع الحكومى 3221 عاملا، والقطاع الخاص 5791 عامل.
ويتساءل باحثو المركز فى نهاية التقرير: "هل من ضوء فى نهاية النفق؟ ويجيب التقرير "يبدو التساؤل غريبا فى أعقاب ثورة شعبية أطاحت بنظام ديكتاتورى فاسد"، ويقولون إنه قد يكون هناك ضوء إذا علمنا أن عدد العمال الذين قاموا بالانتحار فى عام 2009، وصل إلى 58 عاملا، وفى عام 2010 كان 52 عاملا، وفى النصف الأول من هذا العام 12 عاملا فقط، انتحروا بعد أن يئسوا تماما من المستقبل وسدت فى وجوههم كل أبواب الأمل وأصبحوا عاجزين عن توفير متطلبات أسرهم اليومية، وأن انخفاض عدد العمال المنتحرين فى النصف الأول من هذا العام لا يعنى سوى تحول اللون الأسود القاتم إلى اللون الرمادى، ويختتم المركز تقريره بالقول: "لكن الضوء لم يظهر بعد فى نهاية النفق".
"أولاد الأرض": 956 احتجاجا فى النصف الأول من 2011
الإثنين، 04 يوليو 2011 06:52 م
صورةأرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة