بدأ العام الميلادى الحالى مع أولى ثوانيه بكارثة كنيسة القديسين بالإسكندرية وعلى قدر هول الكارثة بكل ما حملته من إشارات وتداعيات آلمت الجميع، كانت روعة اللحظة فى امتزاج واندماج
الروح المصرية العملاقة التى أعادت علوها فى أصعب الملمات، حيث تنادى الشعب المصرى
دون دعوة أو قيادة ليضرب أروع الأمثال فى تعالى وحدة الجنس البشرى والمصرية الراسخة فوق كل المعتقدات، حيث حمى الشعب المصرى كل الكنائس على أرض الوطن بعفوية مخلصة وانتماء لا
ينقصه البرهان.
وصعد آنذاك إلى عقلى سؤال أشهد الله أنه كان وليد اللحظة :
هل يستحق هذا الشعب بتلك العبقرية الفطرية أن يحكمه هذا النظام؟
وتوالت الأحداث إلى حيث ثورة ميادين التحرير التى ما برحت أماكنها حتى سقط رأس
النظام ورموزه، ومازالت الثورة مستمرة رافعة مطالب أجمع عليها الشعب والتقت إرادته
على تحقيقها .
وبعد شهور ست انقضت فإن لحظة تاريخية تفرض نفسها تدعونا لأسئلة تمحى للإجابة
عنها كل الخطوط الحمراء ولا تبقى سوى خط أحمر واحد وهو "المصلحة العليا للوطن".
والسؤال الأول والأعمق :- إذا كان الشعب قد أجمع على مطالب الثورة وتنادت إلى رفعها
والإيمان بها كافة القوى السياسية حزبية كانت أو حركية أو ائتلافية، فلماذا راحت بين
هؤلاء جميعا" لحظة التوحد فى روح لثورة أبهرت العالم. وأين ذهبت منهم ثمانية عشر يوما"
فى الميدان صهرت الجميع فى بوتقة واحدة لا تفرق بين الأديان والأحزاب والانتماءات الضيقة.
لماذا انفرط هذا العقد وتجزأت مكوناته فتشكلت من الائتلافات ما يقارب المئتين ومن الأحزاب قديمة
كانت أو حديثة ما يقارب الخمسين تقريبا وما خفى وآت سيبقى الأكثر.
والآن أليست اللحظة الراهنة وما تحمله من مخاطر على الثورة ولأجل أرواح نالت الشهادة لنصل إلى ما نحن عليه من منتصف الطريق تفرض علينا أن نكون أكثر اتحادا "وأعمق توحدا".
طالما كانت جميع الأطياف تؤمن بالثورة وأهدافها وتلاقت إرادتها على الاستمرار لنهاية الطريق
حتى تحقيقها. قد تختلف الآليات والسبل والوسائل. ولكن اللحظة أسمى من أن نختلف عليها ما دامت مؤداها نحو هدف واحد.
ياسادة إن اختلافكم على الوسيلة وانفراط وحدتكم إنما يؤدى إلى أحد الأمرين:-
الأول: قد يتحزب من الشعب جزء وراء فروعكم فيتضاءل العطاء الثورى قدر حجم الانفراط.
والثانى: أن يفقد بعض من الشعب ثقته فى النخب السياسية لما يبديه هذا التعدد من عدم وضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار حزبى أو ائتلافى ضيق قد يفصح عن رغبة فى الذاتية والأنا .
يا سادتى النخب السياسية؛ أن اللحظة الراهنة تستدعى منا جميعا" أن تذوب فينا الأنانية وفكرة امتلاك العلم
أو المعرفة أو الحقيقة المطلقة.
فلا احتكار للمطلق فى أى من أمور الوطن ولنستدعى جميعا" روح الميادين روح التوحد فى المحن
لنعلى جميعا" مصلحة الوطن.
