بفضل سواعد المصريين ودماء الشهداء، نجحت ثورة 25 يناير وغادر الرئيس المخلوع حسنى مبارك كرسى السلطة والمشهدَ السياسى بلا رجعة، لكننا ورثنا نظامًا مُهَلْهَلاً، وتَرِكةً ثقيلةً مليئة بالفساد، ومؤسسات ووزارات وقيادات ترَّبت ونشأت على التعقيد الإدارى والبيروقراطية الفَجَّة.. وهو ما يحتاج إلى وقتٍ طويلٍ للتغيير والإصلاح من أجل بناء مصر الجديدة، بل تحتاج الثورة لاكتمال نجاحها إلى صبرٍ وتخطيطٍ لمواجهة فلول الحزب الوطنى والمتربِّصين الذين يحاولون إشغالنا بالفوضى عن الإصلاح والنهضة بمصر.. فما جرَى فى ميدان التحرير مساء الثلاثاء الماضى يؤكِّد أنَّ هناك خطة منظمة لنشر الفوضى فى البلاد تقودها مجموعات من المارقين والبلطجية ولا يَخْلو الأمر مِن أصحاب النية الحَسَنة والطيبين.. وقد جاءت أحداث العنف كردِّ فعلٍ متوقع على قرار محكمة القضاء الإدارى بحل المجالس المحلية التى كانت تُعَدّ أقوى سلاح للحزب الوطنى البائد، والأمر له عدة دلالات، أولها: أنَّ عناصر الفساد وأباطرة الحزب الوطنى لن تُغادِر المشهد السياسى بسهولة ويسر؛ فالمسألة حياة أو موت، وهو ما يحتاج نوعًا من الحزم والشدَّة فى التعامل معها، كما يتطلَّب سرعة الانتهاء من محاكمة الرئيس مبارك وزبانيته من أجل ترسيخ سيادة القانون أولاً، واستعادة هيبة دولة الشعب والثورة لإخافة كلِّ من فى قلبه مرض. أمَّا الدلالة الثانية فهى الاستخدام المفرط للقوة من قِبَل قوات الأمن فى التعامل مع تلك التظاهرات، حتى وإن كان مدسوس فيها بلطجية، فلابدَّ من ضبط النفس وعدم الانجرار للاستفزازات واحترام حقوق الإنسان ومحاولة استعادة الثقة المفقودة بين المواطن ورجل الأمن.
الأمر الثالث: الأداء البطىء للحكومة الحالية بقيادة عصام شرف فى حلّ وتفكيك المشكلات والأزمات التى تعانِى منها البلاد والتقاعس فى إنشاء هيئة لتعويض أُسَر شهداء ومصابِى الثورة بلا استثناء، مع ضرورة استثمار جهد وطاقات الشباب من الثوار حتى لا يتمّ استغلالهم من قبل بلطجية الحزب البائد، الأمر الرابع والأهم هو وجود حالة من القَلَق الواضح بين المجتمع على المستقبل السياسى لمصر فى ظلّ حالة التناطُح غير المبرَّر من الدستور أولاً أم الانتخابات.. مما أوقع المواطن المصرى فى الحيرة فى ظل حالة الاصطفاف بين النخب السياسية، وهو اصطفاف يهدِّد منجزات ثورة الخامس والعشرين من يناير، ويتجاهل مصلحة الوطن، فضلاً عن أنه التفاف واضح على الإرادة الشعبية التى صوتت للتعديلات الدستورية، من الواضح أن بعض الأطياف السياسية تخشى الاختفاء من المشهد السياسى والإعلامى؛ إذا أُجْرِيت الانتخابات فى موعدها المحدد خلال سبتمبر المقبل لأنها تعانِى فجوةً كبيرةً بينها وبين القطاعات الشعبية، فى المقابل يتصدَّر الإسلاميون المشهد الشعبى، ليس لقُوَّتهم العارمة؛ لكن لأنَّ الشعب المصرى مُتديّن بطبعه. العجيب أن هذه القوى السياسية تعوِّل كثيرًا على تأجيل الانتخابات فى أن يشتد عودها وتقوى شعبيتها، وهو أمر مضحك؛ لأنه فى ظل الحريات سيرتفع رصيد الإسلاميين شعبيًّا، ويزداد الإخوان قوةً.. الأخطر هو تلك الحملة التى يقودها العديد من الائتلافات لجمع توقيعات لـ 15 مليون مواطن، يطالبون بالدستور أولًا، وهو استخفافٌ واضحٌ بعقول المصريين، واستهتار بمشاركتهم فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى مارس الماضى، فكيف كنا نطالبهم فى الأمس القريب بالمشاركة السياسية واليوم نعصف بأصواتهم وإرادتهم؟!
إنَّ المرء يشعر بالمرارة والأسى وهو يرَى دُعَاة الديمقراطية يكفرون بها من أجل مصالحهم، وكل همهم إقصاء الإسلاميين عن العملية السياسية لينفردوا بالوطن ويتربَّعوا على كرسى السلطة، حتى وإن كان ذلك على حساب إرادة الوطن، إننا نعتقد أنَّه من الواجب على القوى السياسيَّة، والثورة تُواجِه خطرًا داهمًا من فلول الحزب الوطنى والبلطجية، أن تتكاتف وتتآزَر ولا تسعى لإقصاء أحد بل تُرحِّب وتبارك دخول جميع التيارات، وعلى رأسها الإسلاميون رحاب السياسة ؛ لأنَّ وجودهم سوف يُثرى العمل الوطنى لا محالة.. لتصبح مصر للجميع وليس لطائفةٍ أو جماعةٍ بعينها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
طائر الليل الحزين
شكرررررررررررررررررررا
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
سؤال مش برئ
عدد الردود 0
بواسطة:
بيبرس
قال الثوره فى خطر !
دى مصر هى اللى فى خطر
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن وبس
يوم مر
فين اليوم الحلو ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
إيهاب
يراجعون انفسهم
اعتقد ان هذا العنوان عنوان جميل فكلنا خطائون
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام
يا رب احمى مصر
يا رب احمى مصر و موضوع كويس يا اخى
عدد الردود 0
بواسطة:
كوكا
كلامك صح
كلامك صح حضرتك بس لازم يكون فى توعيه للشعب