د.عاصم الدسوقى

اللاعبون بالنار..

الخميس، 28 يوليو 2011 03:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلال الأيام القليلة الماضية منذ جمعة 22 يوليو الجارى دعا السلفيون إلى مليونية «لحماية اختيار الشعب الذى يصر على المحافظة على هويته الإسلامية ومرجعية الشريعة ويرفض محاولة الليبراليين والعلمانيين لوضع فكرهم المخالف لهوية الأمة فيما يسمى بالمواد فوق الدستورية»، «ياسر برهامى بمسجد الخلفاء الراشدين بالإسكندرية».. «وأن المبادئ فوق الدستورية بالنسبة لمسلمى مصر هى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية»، «محمد يسرى إبراهيم بمسجد بلال بالقاهرة»، وتصريحات مشابهة فى مسجد الهدى والنور بشارع فيصل بالجيزة، ومسجد رابعة العدوية بمدينة نصر، ومسجد النور بالعباسية.

وعندما يسعى هؤلاء السلفيون لفرض إرادتهم على الأمة، فإنهم لا يدرون أنهم يلعبون بالنار التى سوف تهلك الجميع وهم فى المقدمة، ذلك أن هذه الدعوة تفترض أن الأمة المصرية هى أمة من المسلمين فقط ولا يضعون اعتبارا لغير المسلمين فيها «الأقباط».

أما لماذا نقول إن هؤلاء يلعبون بالنار، فلأنهم فقدوا البوصلة الصحيحة ولا يريدون التعلم من تجربة ما حدث فى السودان عندما قررت حكومة البشير تطبيق الشريعة الإسلامية فانفصل الجنوب عن الشمال، أو من تجربة العراق عندما أطلقت الإدارة الأمريكية فى جسده ميكروب الطائفية فانقسم العراقيون على أنفسهم بين مسلمين «شيعة وسنة» ومسيحيين وأكراد وتركمان، فانصرف العراقيون عن إنهاض بلدهم من كبوته إلى تصفية بعضهم بعضا، كما لم يتعلموا من تجربة لبنان التى كانت رائدة فى منهج الطائفية الدينية - المذهبية التى لا يزال اللبنانيون يدفعون ثمنها منذ عام 1943 إلى الآن، ويبدو أنهم لا يقرأون الأنباء التى تشير إلى إثارة طوائف أبناء الأمة الواحدة فى كل من إيران وسوريا على أساس المذاهب.
وأكثر من هذا أن هؤلاء القوم يتجاهلون مؤتمرات الوحدة الوطنية التى تحذر من مظاهر التمييز الدينى، بل إنهم يحتجون على تقرير الحالة الدينية الذى تعده لجنة الحريات الدينية بالخارجية الأمريكية الذى يشير إلى تلك العيوب والتجاوزات، مع أن السياسة الأمريكية تشجع بطرق خفية على مظاهر التمييز فى مصر وغيرها لتحتفظ بحجة للتدخل.

أليس من الأفضل أن نعمل على تفويت الفرصة على الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول المركز العالمى التى تتكئ على مثل هذه التجاوزات للتدخل فى شؤوننا بحجة حماية الأقباط الذين قد يتحولون إلى قوى مضادة يغذيها هذا المركز العالمى باستقطاب عناصرها واستضافتهم فى مؤسساتهم وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن شكاواهم على مرأى ومسمع من الجميع.

وأليس من الأفضل لهؤلاء القوم أن يرفعوا شعارات تلم شمل جميع أبناء الأمة، «أقباطا ومسلمين»، وأن يقدموا حلولا عقلانية وموضوعية لحماية الوطن من مصير مظلم تنفث فيه الطائفية المقيتة سمومها القاتلة بكل ما تحمله من حقد وأنانية، ومن ثم تفتيت الوطن الواحد إلى مجموعة أوطان متفرقة ومتشاحنة، ولماذا لا نقيم دولة قانون حقيقية تعمل على تحقيق التوازن الاجتماعى وتمنح الفرصة كاملة لمن يعطى الوطن من قدراته وخبراته وإخلاصه بصرف النظر عن دينه ومذهبه، وأن نتحرر من هذه الروح البدائية حين كانت القبيلة هى الوطن، والوطن هو القبيلة.

إن إقامة دولة القانون يا أسيادنا يحفظ للمصريين وحدتهم ويتماشى مع ما جاء فى بيان المشير حسين طنطاوى بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين لثورة يوليو 1952، والذى شدد على «أن المصريين جميعا شركاء فى وطن واحد.. يجمعهم مصير وهدف واحد، إيمانا منهم بأن الدين لله والوطن للجميع»، وقوله: «إننا عازمون على المضى قدما فى بناء مصر دولة مدنية حديثة».. ترى ما الذى سوف يفعله السلفيون؟!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة