سعد هجرس

الخطوط الحمراء.. تحترق!

الأربعاء، 27 يوليو 2011 04:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا يتدهور الموقف بهذا الشكل، ولماذا يندفع الجميع إلى الصدام فى وقت كان المفترض فيه الدفاع بقوة عن «التوافق الوطنى» من أجل عبور الفترة الانتقالية، من الدولة الاستبدادية إلى إرساء دعائم دولة الحق والقانون، فى أقصر وقت وبأقل تكلفة ؟! ومن المسؤول عن هذا التصعيد الذى يقذف بنا إلى المجهول؟! لقد كان هناك اتفاق هام – حتى وإن لم يكن مكتوباً – على أن هناك خطين أحمرين يجب عدم تجاوزهما فى هذه المرحلة الانتقالية.
الخط الأحمر الأول هو عدم الصدام مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره حارس البلاد وحامى الثورة ومطالب الثوار، التى قال منذ اللحظة الأولى لتوليه مقاليد السلطة فى البلاد إنها مطالب مشروعة ومقبولة.
والخط الأحمر الثانى هو عدم التطاول على الثورة أو الالتفاف حول مطالبها وأهدافها التى أصبحت محفوظة عن ظهر قلب ومغروسة فى ضمير ووجدان كل مصرى. وللأسف الشديد فإن الأيام القليلة الماضية شهدت تجاوزاً لهذين الخطين. فرأينا تصعيداً فى خطاب بعض الفصائل المعتصمة فى «ميادين» التحرير، ونغمة حادة فى نقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وانتقالاً من الإجماع الوطنى على شعار «الشعب والجيش إيد واحدة» إلى رفع شعارات انتقادية للمجلس. ثم شهدنا انتقالاً من الشعارات الانتقادية إلى المسيرات التى ترفع هذه الشعارات. ثم انتقالاً من المسيرات فى الأماكن التقليدية والمألوفة إلى الإصرار على توجيه هذه المسيرات الغاضبة إلى عقر دار المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. الأمر الذى ترتبت عليه مواجهات «العباسية» بكل تفاصيلها المحزنة.
كل هذا التصعيد فى شعارات وتحركات ومواقف بعض الفصائل «الثورية» لم يتم فى فراغ، أو دون داع، وإنما تزامن مع تصعيد مقابل من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أو من بعض أعضائه فى أغلب الأحيان. فبدأنا نسمع لغة «جديدة» من جانب بعض أعضاء المجلس تتنصل من الشرعية الثورية أصلاً، وتصر على أن المجلس يستمد شرعيته من ذاته وكأنه لم تحدث فى مصر ثورة أصلاً!
وبدأت اللغة التى أحبها المصريون والتى كان المجلس يحرص فيها على الاعتماد على «رصيده» لدى الشعب ويعتذر فيها عن أخطاء تقع من البعض هنا أو هناك، اعتماداً على هذا الرصيد الايجابى، هذه اللغة بدأت تتغير إلى لغة مختلفة تماماً فى الأيام الأخيرة قوامها التهديد «الذى وصل إلى ذورته مع إصبع اللواء محسن الفنجرى»، ثم التخوين «الذى ظهر فى الاتهامات الموجهة إلى حركة 6 أبريل وحركة كفاية».
وبالإجمال بدأنا نشم رائحة لغة مباحث أمن الدولة وحسن عبدالرحمن وحبيب العادلى وحسنى مبارك فى البيانات الرسمية.
وبالتوازى مع هذا التغير فى خطاب المجلس ظهر تغير آخر تجسد فى استعداء من سماهم المجلس «المواطنين الشرفاء» على المعتصمين فى سائر أنحاء البلاد، والوقيعة بين الشعب والثوار.
وفى ظل هذا الخطاب العصبى شهدنا إقالة الإعلامية المحترمة دينا عبدالرحمن لا لشىء إلا لأنها رفضت وصف اللواء كاطو للصحفية المحترمة نجلاء بدير بأنها «مخربة». وهو أمر لم يحدث طوال عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك. ومن العار أن يحدث بعد 25 يناير.
والمسألة لا تتوقف عند دينا عبد الرحمن ونجلاء بدير، بل من حق الجماعة الوطنية أن تخشى أن تكونا بداية ترصد لكل صوت يغرد خارج سرب السلطة.
إذن، هناك صدع فى العلاقة بين الثوار والمجلس الأعلى للقوات المسلحة. وهو صدع لا يجب دفن الرؤوس فى الرمال أمامه أو التهوين من شأنه. بل يجب الاعتراف به كبداية لابد منها لوقف اتساعه. فهذه معركة لا غالب فيها ولا مغلوب، بل إن الغالب فيها مغلوب بالضرورة. ويجب العمل فوراً، اليوم قبل الغد، لوقف هذا التلاسن غير المسؤول ولن يتم هذا بالكلام المعسول هنا أو هناك وإنما بالتحرك الفورى والجاد لإعادة الأمور إلى نصابها. وهو ما يستلزم إعادة الاعتبار إلى الخطين الأحمرين المشار إليهما فى بداية هذه السطور، مع ما يتطلبه ذلك من استحقاقات واضحة ومحددة وملزمة على الجانبين، وللحديث بقية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة