عندما طلب أهل «دولة التحرير المستقلة» المحاكمة العلنية لرموز النظام وعرضها على شاشات التليفزيون.. أسرع أولو الأمر يهرولون لتنفيذ رغباتهم فوراً وفى لمح البصر.. وقالوا فى الإعلام الرسمى نظمى فهمى إن العلانية حلوة برضه، وغير كده فهى استجابة لمطالب الثوار وغير كده وكده تطبيقاً لمبدأ الشفافية فى المحاكمات وآخر حاجة، ولامتصاص غضب الشعب..
والحقيقة لابد أن نتوقف هذه الأيام كثيرا عند بعض العبارات التى تبدو عادية ولكنها بصراحة غير عادية بالمرة.. طيب يعنى إيه تطبيقا لمبدأ الشفافية فى المحاكمات؟ وهل من المفترض أن هناك شكوكا لدى الشعب المصرى فى القضاء المصرى؟ وإذا كان كذلك فأظن أن الصحفيين اللى هما أكثر من المواطنين هذه الأيام قاعدين لابدين جوه المحكمة بيعدوا أنفاس القاضى والمستشارين والمحامين والمتهمين وأهاليهم وزوجاتهم وجيرانهم، ولو فيه أى فتفوتة صغيرة من «قلة الشفافية» هاتطلع الصحف تانى يوم تقول: »اثنين طن قلة شفافية داخل محاكم مصر«!! طيب هما قبل ما يخترعوا التليفزيون كانت المحاكمات عاملة إيه مع الشفافية؟ يعنى عديمة الشفافية ولا مشكوك فى أمرها؟ ولا مشكوك فى أمر هيئة القضاء المصرى بحاله؟ أظن يعنى إنه ولو أنكم تزعلوا منى القضاء المصرى مازال نزيها وقويا وشامخاً.. وسيبوه فى حاله، ده هو اللى فاضل لنا، ربنا يسترها معاه ومعانا.. أمال إيه معنى الشفافية دى يا إخواننا؟.. ما علينا.. اللى بعدها وكمان لامتصاص غضب الشارع!! مين اللى قرر إن الشارع غضبان من عدم إذاعة مسلسل المحاكمات على الهواء مباشرة؟ الشارع ممكن يغضب من عدم إذاعة المسلسل التركى فقط.. وكمان مين «الفتك» قوى اللى يقدر فى هذه الأيام بالتحديد يقول إن الشارع المصرى توحد على رأى فى أى حاجة على وجه الأرض؟ إذا كانت ائتلافات الثوار ميتين وعشرين، والمعارضة مية وتسعين، والإخوان باقى المليون ائتلاف وجماعة وحزب.. ولو مشيناها «غضب الشارع» يبقى المفروض بعد إذاعة أول حلقة إن الشارع يهدى شوية ويفش شوية غل وحبة غضب، ويحاول يمشى الشوارع والعربيات.. لكن ماذا حدث فى الشارع المصرى خاصة يوم الجمعة والسبت اللى فاتوا؟ وماذا أسفرت عنه موقعة العباسية الشعبية الثورية من جرحى ودمار وحرق عربات وبهدلة؟ وماذا يمكن أن يرضى الشعب الغضبان وارد دولة «ميدان التحرير المستقلة» بعدما رفدنا له نص الشرطة، وبعتنا نستلف شرطة من الصين، وبعد ما رفض أحكام القضاء وقال عليها متوضبة ومتجهزة ومتستفة ومتطرمخة، وأصبح مافيش قدامه غير المجلس العسكرى، وكان لابد من مسيرة حاشدة لطرد المجلس بحاله من البلاد عشان تبقى بلادنا حرة من غير شرطة ولا قضاء ولا جيش، وهو ده الهدف والمنى والأمل المنشود للحرية الخلاقة والديمقراطية الأكثر بياضاً.
المهم.. نرجع مرجوعنا لإذاعة المحاكمات على الهواء مباشرة وإلى هناك.. لم أشاهد أى إقبال جماهيرى ولا أى سعادة شعبية من لقطات المحاكمة ولكن كان للصحافة رأى آخر.. نشرت صور كل الناس الممكنة وخصوصاً زوجات المتهمين وركزت قوى على الملابس البيضاء وأخذت فى سرد فاصل من الشماتة والتشفى وإلقاء التهم بالزوفة فوق التهم التى يحاكم عليها المتهمون، وطبعا لا توجد أى تفاصيل غير إن القاضى واجه المتهم والمتهم قال لأ يا أفندم.. بس.. خلاص كده.. ويقول صحفى جبار وقعت قرعتى فى كلامه وإتنيلت قرأته..
قال: «وعاد المتهمون إلى القفص الذى لا يمكنك أن ترى مثله إلا فى مكان من اثنين فى المحكمة أو فى جنينة الحيوان«.. وتساوى فى نظر الصحافة قفص الاتهام داخل المحكمة وفى ساحة القضاء مع قفص الحيوان.. وهذه هى النظرة الصحفية للقضاء وللمتهم اللى قالوا عليه زمان إنه برىء حتى تثبت إدانته، واتضح بعد الثورة إنها غلط وتصحيحها «إن المتهم مدان حتى تقطع رقبته».. آخر نكته فى هذا الموضوع أسعدتنى لأن معناها أن الموقف أصبح فى نظر الناس «سيريالى».
بمناسبة المحاكمات اللى على الهواء، فيه تغييرات بسيطة هاتحصل: »القاضى هايقول: الحكم بعد الفاصل أو أوعى تغير المحطة»، وهاتكون المحاكمة دى برعاية بيبسى، أو كوكا زيرو، أو استرجل واشرب بيريل، والجامد قوى هاتتذاع محاكمته حصرياً!! وهاتفتح قنوات كتيرة زى: مودرن محكمة، وبانوراما قضية، والنيل للمحاكمات، وطرة مسلسلات، ولايف استئناف، وهاتطلع المذيعة تقول بخفة ودلع: «محاكمتك أحلى عندنا».
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد غنيم
يسلم فمك
بصراحه مقال جميل للغايه استاذه فعلا ورئيسه قسم
عدد الردود 0
بواسطة:
tarek
موتيني من الضكحكiiiiiiiiiiiiii
شر البليه ما يضحك
عدد الردود 0
بواسطة:
tarek
موتيني من الضكحكiiiiiiiiiiiiii
شر البليه ما يضحك
عدد الردود 0
بواسطة:
موكا
و ايه العمل ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
على ابراهيم
برافو عليكى و اتمنى نهاية دولة التحرير المستقلة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايهاب
والله محترمه
عدد الردود 0
بواسطة:
maha magdy
ما هذا؟
مقال سخيف لا يستحق ان يعلق علية؟
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
]دمك تقبل
عدد الردود 0
بواسطة:
نور
قرار متسرع وفى النهاية برده الناس مش هترضى
عدد الردود 0
بواسطة:
شامخ
قلما ترى لميس جابر في برامج التوك شو