نقلاً عن اليومى..
لم تتوقع الجموع الحاشدة التى انطلقت فى شوارع وميادين مصر ظهر الخامس والعشرين من يناير الماضى، أن هذا اليوم سيكون نقطة البداية لأول ثورة شعبية خالصة فى تاريخ مصر، تمكنت فى خلال ثمانية عشر يوماً من الإطاحة بنظام فاسد استبد ببلادهم لثلاثة عقود متتالية، وأن تكون مسيراتهم التى انفجرت بين ثناياها براكين غضب ظلت كامنة لسنوات طويلة هى بداية لسلسة من المسيرات والاعتصامات والاحتجاحات التى لا تنتهى، لم يشغل بال أحد من المعتصمين بميادين تحرير مصر طوال فترة الثمانية عشر يوماً التى انتهت برحيل مبارك، ماذا بعد الرحيل أو إلى أين تسير مصر؟، واليوم يمر 6 أشهر على بدء الثورة.. فهل حققت الثورة أهدافها.. «اليوم السابع» طرحت القضية على وجوه شاركت فى الثورة من الشباب والرموز السياسية.
هشام: «لم أشارك يوم 25 يناير قلت مظاهرة وهتعدى.. لكن اكتشفت أنها ثورة بجد»
عمر هشام شاب عشرينى قابلناه فى إحدى الخيام التى يوجد فيها المعتصمون فى ميدان التحرير، تجربته مع الثورة كما يصورها فى ستة أشهر مرت بثلاث مراحل، الأولى كما يقول عندما دعا عدد من الشباب للمشاركة فى مظاهرات 25 يناير التى لم يشارك بها باعتبارها كما أوضح «مظاهرة وهتعدى زى أى مظاهرة ومش هيكون لها تأثير»، ولكن ما حدث جعله يتأكد أنها ثورة، فعاد على الفور إلى بلدته الزقازيق للمشاركة فى تظاهرات الغضب وقتها، وهو يردد بداخله «شكلها ثورة بجد»، وكان المشهد الأول له هو اصطدامه بعدد من عساكر الأمن المركزى بعد إلقاء القنابل المسيلة للدموع بصورة مباشرة عليه، ثم سرعان ما تغير المشهد وحلت الصدمة الأكبر عندما حاول الاتصال بأستاذه فى الجامعة الشهيد أحمد بسيونى الذى لم يكن وقتها معروفا بهذه الصورة بين المصريين، فقد كان عمر مساعده فى عمله بأحد الفرق الفنية وكان يتصل به فقط للتأكيد على الموعد ففوجئ باختفائه، ولم يتصور أنه توفى أو أن غدر قوات الأمن وصل إلى هذه الدرجة من التوحش، ظل عمر يبحث عن بسيونى لمدة ثلاثة أيام عندها فقط تأكد أنه أستشهد وبعد معاناة فى البحث وجده هو وبقية أصدقائه جثة هامدة فى مستشفى أم المصريين.
هذا المشهد نقل مشاركة عمر فى الثورة إلى شكل آخر يتهيكل فى ضرورة إسقاط نظام أضاع واحدا من أقرب أصدقائه، ومن هنا أصر على البقاء فى التحرير وترك بلدته الزقازيق حتى سقوط النظام، ليحقق بالفعل هدفه بإسقاط النظام مع بقاء ذيوله، ويحاول عمر تحليل المشهد برمته قائلا «رغم مرور 6 أشهر على الثورة ولم تحقق أهدافها إلا أننا سنستمر فى عملنا فستة أشهر ليست بمقياس زمنى كبير من الممكن أن يحدث به تطور واضح».
وعن رؤيته للوضع السياسى الحالى قال «هذا العدد الهائل من الأحزاب التى تم إنشاؤها بعد الثورة لن يستمر كثيرا، فالضعيف منها سيسقط مع الوقت دون أن يحاول أحد إسقاطها، مدللا بما حدث فى عدد آخر من البلاد الغربية، مؤكدا أن ما سيساعد على إسقاط هذه الأحزاب هو عدم وجود أيديولوجية سياسية واضحة لها.
تجربة عمر مع تلك الأحزاب كما يوضحها كانت من خلال عضويته بحزب العدل الذى انضم له حديثا بعد الثورة، ولكنه فوجئ بعد انضمامه بعدم وجود أيديولوجية واضحة وهو الأمر المرفوض بالنسبة له.
فى نفس الإطار ومع اقتراب مرور نصف عام على الثورة يؤكد عمر أنه سيحتفل الأسبوع المقبل بعيد ميلاد سلمى ابنة الشهيد أحمد بسيونى، وهو يتذكر كلماته عن مصر وعن الدفاع عن الحقوق، ويوضح «الشهيد أحمد بسيونى كان معروفا برفضه الأوضاع الخاطئة كما أنه كان دوما له مواقف ثورية وأثناء الثورة وقبل وفاته بيوم طلب منا فى حسابه على موقع فيس بوك، تصوير كلمات المتظاهرين فى الميدان وفقا لمشروع كان يشرف عليه وقتها بإجراء لقاءات مع المعتصمين».
وصف عمر للوضع بعد الثورة به صورة من التفاؤل المصحوب بالعمل، ويشير خلالها إلى أن العمل المنظم جزء من الثورة ويجب أن يستمر عليه باقى الشباب.
آية: «ما فيش جديد لكنى مصرة على استكمال المسيرة»
آية خليل كان لها أيضا تحليل خاص للثورة، فهى تأتى من المنصورة كل جمعة لتقديم الطعام والشراب للمعتصمين، آية اختارت لنفسها هذه المرة أن تبقى بإحدى الخيام، آتية ومعها الطعام والشراب والإلحاح على المتظاهرين للحصول على حقوقهم، تجربة آية مع الثورة بدأت من خلال مشاركتها فى المظاهرات بمحافظة المنصورة، ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى وقوفها فى اللجان الشعبية المؤدية للمستشفى المركزى هناك، رأت أن دورها هنا أكبر بكثير كما تؤكد «شعرت أن مساعدتى للثوار من خلال اللجان الشعبية كانت أقوى وكنت عندما أرى سيارات الإسعاف أحاول إفساح الطريق لإيصالهم بأسرع وقت للمستشفيات، رؤية آية من خلال ستة أشهر بعد الثورة تتلخص فى قلقها من الوضع الحالى قائلة «لم أشعر بجديد إلى الآن لذا أصر على المجىء للتحرير من محافظة المنصورة أسبوعيا، لمساعدة الثوار والهتاف بحثا عن حقوق الشهداء، وكثير من الأحيان أدخل فى نقاشات سياسية مع المعتصمين لزيادة حماسهم.
آية تأتى إلى الميدان مصحوبة بصور شهداء مكتوبة على ملابسها ولا تنساهم، فهم من يحركونها دوما ويطالبونها بالاستمرار.
محمد: انفصلت عن الإخوان.. «وخايف تعود ريما لعادتها القديمة» أهم مطالبى التطهير الحقيقى
«اسمك إيه؟ وإيه توجهاتك السياسية بالظبط؟» جاءه الصوت من خلف العصابة السوداء التى وضعوها على عينيه فى الطريق إلى الغرفة التى وقف فيها أمام مجموعة من الرجال لم يرَ وجوههم قط، ولكنه اكتفى بتلقى سبابهم القاسى وصفعات أيديهم الباطشة، وقبل أن يجيب عن أى سؤال هوت على رأسه صعقة كهربائية طرحته أرضًا.
لم يكن «محمد الجبة» 27 عامًا والمنتمى لجماعة الإخوان المسلمين منذ أن كانت سنينُ عمره لا تتعدى الخمس عشرة، يتوقع أن يرى النور بعد أن اختطفه مجموعة من الرجال يعرف ملامحهم جيدًا مساء يوم 6 فبراير الماضى.
«محمد» الذى قضى 24 ساعة من التعذيب فى مكان لا يعرفه لم ينطق طوالها سوى بجملة واحدة «الثورة مش هتنتهى إلا بعد تحقيق المطالب»، وكانت هذه الجملة كفيلة بتعذيبه حتى الصباح حتى الصباح، قبل أن يطلق هؤلاء الرجال سراحه ليعود مرة أخرى إلى الميدان.
«لم تشارك الجماعة فى الثورة منذ البداية، ولكنى خرجت يوم 25 يناير، لشعورى بأن هذا اليوم سيؤدى إلى تحول كبير فى حياة مصر، كنت أهتف مع غيرى طالبًا العدالة الاجتماعية والتخلص من القهر والفساد، ويملؤنى الأمل والتفاؤل، لم أكن أتوقع أن ينتهى بنا الحال إلى هذا اليأس بعد مرور نصف عام على هذه الثورة العظيمة». يروى محمد شهادته على ما حدث فى الأيام من 25 يناير إلى 22 يوليو.. ويخص فى كلامه وقائع ملحمة قصر النيل يوم جمعة الغضب فى اللقطة الشهيرة لسيارة الأمن المركزى التى ضربت المصلين بخراطيم المياه على الكوبرى فى مشهد خلت منه الإنسانية، قائلاً: «كنت واحدًا من المصلين الذين رشهم رجال الأمن المركزى بخراطيم المياه فوق كوبرى قصر النيل، تأثرت جدّا عندما رأيت من حولى الشباب الذين فتحوا صدورهم للرصاص يوم جمعة الغضب، دون خوف أو تردد، شباب غير منتمين لأى تيارات سياسية.
محمد الذى ملأ قلبه التفاؤل والأمل، بعد أن نجحت الثورة فى الإطاحة بالنظام السابق، يشعر الآن باليأس من التخبط الواضح الذى تعيشه مصر، فبعد مرور نصف عام كامل على اندلاع الثورة مازال المعتصمون فى ميدان التحرير يطالبون بالمطالب نفسها التى لم يتحقق منها الحد الأدنى بعد، ولم يتم حتى الآن القصاص العادل لأهالى الشهداء الذين سقطوا أمام عينيه دفاعًا عن بلادهم.
«هيا دى مصر الثورة، اللى كنا بنحلم بيها فى الميدان؟» هكذا تساءل مستنكرًا، لافتًا إلى التراخى فى القرارات وعدم وجود أى بادرة لتطهير حقيقى بعد الثورة، وغير راضٍ عن التيارات السياسية أو الطريق الذى تسير فيه الانتخابات القادمة فى ظل محاولات معظم القوى السياسية الموجودة حاليًا إلى ركوب الموجة والسعى وراء مصالحها الشخصية».
«أنا من شباب الإخوان الذين فصلتهم الجماعة مؤخرًا» بعد أن قضى فى جماعة الإخوان المسلمين 12 عامًا، مؤمنًا بمبادئ الجماعة التى أرساها حسن البنا، تغير الحال بعد الثورة بعد أن أصبح ينتقد سلوك الجماعة بإنشاء الحزب وعدم فصله عن الدعوة. «أنا أرى أن قرار إنشاء حزب بطريقة غير منفصلة عن الدعوة قرار خطأ، فالعمل الحزبى قائم على التنافس على عكس العمل الدعوى القائم على التوافق الجماعة بعد الثورة أصبحت غير قادرة على تحديد هويتها، ومخالفتى لمبادئهم الحالية تسببت فى فصلى من الجماعة».
وعن التصور الذى يحلم به كمواطن مصرى كان جزءًا من الثورة، يرى محمد أن قرارات الثورة يجب أن تكون ثورية، متوافقة مع مبادئ التطهير التى قامت عليها الثورة، وإطلاق يد رئيس الوزراء، والنظر السريع لتطهير القضاء. «يجب أن ينتهى هذا الوضع، ولا أعرف إلى متى علينا الانتظار؟؟».
نصف عام ونصف ثورة ..«الشعب يريد ولا أحد يستجيب» .. وقوى سياسية تحاول القفز على دماء الشهداء
الإثنين، 25 يوليو 2011 08:37 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Eng. Mohamed
برجاء تحري الدقة
عدد الردود 0
بواسطة:
nasser
حسبي الله ونعم الوكيل
عدد الردود 0
بواسطة:
Ahmad
انتبهوا !! الرصيد ينفد !!
عدد الردود 0
بواسطة:
د/العطروزى
زفتى
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
هو مفيش غير ميدان التحرير؟
عدد الردود 0
بواسطة:
مصر فوق الجميع
ثورة شعب
عدد الردود 0
بواسطة:
Moemen
الرحمة يا عالم
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريةمطحونة
كلام جميل جداولكن اندساس اعداء الوطن يقتلناجميعا
عدد الردود 0
بواسطة:
magdy
نتائج الثورة
عدد الردود 0
بواسطة:
سالم
يحيا شباب العباسية الذين استطاعوا المحافظة على بيوتهم ومنطقتهم من بلطجية التحرير