مصر الآن كحافلة متهالكة إنتاج شركة "شرق الدلتا" تتحرك ببطء إلى محطة (ما) تطمح أن تصل إليها، فى الحافلة هناك الليبراليون والإخوان والسلفيون والمسالمون والأهلاويون والزملكاويون والسياسيون واللى (ليهم) فى السياسة (زى حالاتى) واللى "ملهمش فيها خالص".
تتحرك الحافلة ببطء والركاب ينظرون لبعضهم البعض فى ترقب حذر، تشتعل بعض الخناقات هنا وهناك ثم تهدأ مرة أخرى، يعود الصمت للأجواء ثم فجأة تعود "الزيطة" و"الزمبليطة" بدون مقدمات.
هناك من يدخل فى الخناقات مع الفريق الأول أو مع الفريق الثانى، وهناك من يدخل لكى "يحوّش" وهناك من يدخل لكى "يشوف إيه الحكاية؟" فيجد نفسه فجأة طرفاً فى هذه الخناقة "وهو ما سيجعله يتهرى ضرب".
وفى كل هذه الهيصة هناك مشّككون، مجموعة تصر على أن "إحنا ماشيين ف الطريق الغلط" أو "إحنا لازم نتصرف ونجيب "عجل" أحسن من الباص القديم ده"، لا يعلمون ما هو المطلوب منهم ولا يعلمون ماذا يريدون أصلاً، ولكنهم يريدون فقط أن يعملوا أى حاجة.
هناك مجموعة أخرى فى الباص تنتشر بين الركاب، يقف كل فرد منهم بجوار زميله ويهمس له فى أذنه: "إحنا داخلين فى مفترق طرق.. لازم نحدد مين اللى هيفضل ف الباص ومين اللى مالوش لازمة يكمّل معانا"، وهى نفس نظرية "الطيّارة تقيلة لازم نرمى شوية أشخاص عشان منوقعش!"، رغم أن الباص – ما شاء الله – بيستحمل جامد وأكتر من كده كمان.
وفى آخر الباص (وعلى الكنبة الورّانية تحديدا) أجلس أنا مع القليل من الزملاء لا نأبه بأى شىء تقوله أى مجموعة، لأننا ندرك جيداً أن "البنزين قرّب يخلًص" و"كده كده" سنضطّر للتوقف فى محطة البنزين القادمة التى ستمّكننا فعلاً من اتخاذ قرارات حقيقية وحاسمة ومبنية على البنزين الذى سيتم تزويده للباص، تلك المجموعة تعلّم جيداً أن مصر لن تدخل فى مفترق الطرق لأنه لا يوجد إلا طريق واحد فقط، قد يكون مزدحماً، قد يكون "مترّباً"، قد يكون مليئاً (بالحوادث)، ولكنه ليس إلّا (طريق عام) سيوصلنا فى النهاية إلى المحطة القادمة.. محطة البنزين، أو كما أسمّيها "محطة القائد الجديد".
عبد الرحمن سالم يكتب: أتوبيس مصر وعُقدة "مفترق الطرق"
الإثنين، 25 يوليو 2011 09:47 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة