رأى عدد من الشعراء والنقاد، أن جيل السبعينات يدينون بنوع من الولاء والأبوة والإخوة للشاعر الراحل محمد عفيفى مطر، والذى احتفل بيت الشعر، مساء أمس، بذكرى رحيله الأولى، وشارك فى الاحتفالية الدكتور شوكت المصرى، والدكتور عبد الناصر حسن، محمد سليمان، محمد سعد شحاتة، والدكتور محمد عبد المطلب، ووائل قنديل، وقدم الأمسية الشاعر حلمى سالم، وأعقبها عرض الفيلم التسجيلى "رباعية الفرح"، من إخراج على عفيفى.
وقال الناقد د.عبد الناصر حسن، أستاذ الأدب العربى والنقد الأدبى، إن عفيفى مطر له صلة لصيقة بجيل السبعينات من الشعراء، وهى علاقة معقدة، لأنها احتملت الشد والجذب والتوافق والاختلاف، ولكنى أظن أن جيل السبعينات يدينون له بشىء من الولاء والأبوة والإخوة.
وأضاف عبد الناصر حسن، أن كثيرا من الناس يتهمون عفيفى مطر بالغموض ويرون أن هذه صفة سلبية فيه، موضحًا "وهم على وجه التأكيد لا يفرقون بين الإبهام والغموض نفسه، وهناك فرق كبير بين الغامض المحبب المطلوب فى الشعر، وبين الإبهام"، وأضاف "كانت قصيدة مطر هى التى تؤسس للممتد، فهناك من يكتبون الشعر الآن وهم كثيرون ويرون أن الشعر يجب أن يؤخذ رد فعل فورى عليه من الجمهور، وإنما أن تبيع المجد الزائف من أجل التاريخ فهذا قليل، وهذا ما فعله مطر فاستطاع أن يحفر معانى ودلالات فى جبين التاريخ، من خلال قصيدته الحية الباقية، والتى لا زلنا نقرأها يوميًا".
واستكمل حسن: على المستوى النقدى كان يصعب على كثير من الأساتذة أن يصبروا على قراءة نص عفيفى، وأنا أتصور أن النص الجيد هو الذى لا يبوح لك بأسراره من أولى قراءاته، وأن نص عفيفى مطر يحتاج لثقافة موازية له يجب أن تتوافر عند الناقد، حتى يتعرف على معالمه الحقيقية، الطابع العرفانى والنظرة الفلسفية ولغة التراثية وعمقها، والبعد الرعوى المتمثل فى الطقوسية والمتمثل فى صورة الفلاح.
ومن جانبه أضاف الشاعر حلمى سالم معلقًا: أن شعراء السبعينات يدينون لعفيفى مطر بثلاثة أشياء وهى "جرأة التجريب ودرسه الحاسم وأن الشعر ملزم لا ملتزم، وصلابة الفلاحين وسعة المتصوف".
وقال القاص سعيد الكفراوى "لقد ظل عفيفى مطر يمثل الضد فى مواجهة أى سلطة تهين الإنسان، فاعتقلوه وعذبوه بلا رحمة حين أعلن موقفه المعارض من غزو العراق، حينما زرته فى سجن "طره" روعت حينما رأيت التعذيب على وجهه وبدنه، يومها كان حزينًا ومنكسر الخاطر، كانت جراحه شريرة ومروعة، لحظتها هتفت لنفسى لقد عذبوه يا للعار".
وأضاف، عاش محمد عفيفى مطر، طيلة عمره وسط الجماعة الهامشية من الكتاب، لم يمدح سلطة ولم يشارك فى زيف، وقبل أن يموت قال لى: حياتى مغسولة بعرقى، ولقمتى من عصارة كدحى واستحقاقى، لم أغلق بابًا فى وجه أحد، ولم أختطف شيئا من يد أحد، ولم أكن عونًا على كذب أو ظلم أو فساد.. اللهم فاشهد".
وقال الناقد د.محمد عبد المطلب: كان عفيفى دائمًا كلما سألته فى شعره يرّد على بمقولة الفرزدق "على أن أقول وعليكم أن تتأولوا"، مشيرًا وحينما أخبرنى شوكت المصرى بموت عفيفى هاتفيًا طلبت منه أن يضع سماعة الهاتف على أذن عفيفى وقلت له مع السلامة يا عفيفى.
وأكد عبد المطلب على أن أعظم ما قدمه عفيفى مطر هو أنه أحيا لغةً كانت قد ماتت ومازالت حتى يومنا هذا تتردد.