خدعونا زمان وقالوا احلموا، بل وحققوا أحلامكم وعندما سألنا كيف نحقق أحلامنا ردوا بالعلم والاجتهاد وكنا نسمع الجملة المشهورة من زرع حصد فذاكروا وخذوا الابتدائية والإعدادية والثانوية وليس أى ثانوية بل الثانوية العامة وما أدراك ما الثانوية العامة، ثم الجامعة ثم تخرج وكن عضواً نافعاً فى المجتمع فاعمل عملا جديا بل وأبدع وياحبذا لو اخترعت وساعدت فى تطور بلدك أو كن عالماً، فأصبحت أجيال وأجيال تحلم وتذاكر على أمل تحقيق أحلامها وتتحمل تعب المذاكرة وسهر الليالى لأجل مستقبل مشرق فمن يقول سوف أكون طبيبا وآخر مهندسا ومحاميا وطيارا ومحاسبا وغيرها من الأحلام.
وكان الشاطر يغيظ الفاشل إن مستقبلى سوف يكون أفضل منك لأنى متفوق وكانوا يدرسون فى المدارس نجاح العالم أحمد زويل وكيف شرف بلده فى الخارج وكان الآباء والأمهات تحفز أبناءها وكان الإعلام يصور لنا العلماء والمخترعين فى جميع أنحاء العالم ويقول نحن لسنا متقدمين لأننا ليس عندنا كفاءات وشبابنا يحب الكسل وأطفالنا يحبون اللعب عن المذاكرة، فكان الأطفال المتفوقة خصيصاً تسمع ذلك وتقول غداً سوف نريكم النجاح.
وكان الإعلام يقوم بعمل حمالات إعلامية كثيرة لتعليم الأطفال بل وتوعية الأهالى لتعليم بناتهم حتى تكون طبيبة أو مذيعة وغيرها من المجالات بدلاً من أن تكون جهلة.
وفعلاً استجاب الكثيرون وأخذ الأطفال يذاكرون ويحلمون حتى جاء التخرج وصدموا بالواقع المرير فأصبح- لن أقول جميعهم- ولكن أغلبيتهم أحلامهم مستحيلة والحياة أمامهم مليئة بالصعاب، فإذا وجد عشرة أفراد عملا فى تخصصهم وجدت آلافا لم يجدوا فأصيبوا بالإحباط وهناك الكثير من جلس فى منزله ينتظر العمل وإذا به يجد ما لا يتوقعه ويسمع كلاما متناقضا تماماً، فيقال له ليس شرطا أن تعمل فى مجالك أنت الذى تصعب الأحوال على نفسك من الذى يعمل فى مجاله وإذا بالإعلام الذى شجعه فيما سبق على أن يحلم هو الذى يقول هذا الكلام الآن، بل الأكثر من ذلك اتهمه بأنه شباب كسول لا يحب العمل وأين العمل من الأساس الذى سوف يعمله فيقولوا له اعمل أى شىء لا تجلس هكذا فالحياة صعبة فلماذا لا تعمل عاملا فى مصنع أو بائع ملابس أو أى شىء وإذ بالشباب يشعر أنه خدع خداعا كبيرا فلماذا كان التعليم إذن، نعم نعرف أنه مهم أن يستطيع الإنسان أن يقرأ ويكتب ويحسب وكان هذا يكفى وليس هناك داع من الإعدادية والثانوية والجامعة فيكفى أن يكون لدى الشخص شهادة الابتدائية ليعرف القراءة والكتابة، أما باقى المراحل فكان الهدف منها العمل فى شغلة تليق بمتعلم ولكن ما فائدة أن تكون معك شهادة جامعية وهو يعمل فى شغلة لا تتطلب متعلما من الأساس فلماذا الخداع ولماذا كان الوعد من الأساس بشىء معروف مصيره ومادام الحلم الكبير مستحيلا كنت تتركوا الشباب يحلموا بأحلامهم البسيطة بدلاً من الارتفاع بهم إلى القمة ثم السقوط إلى الهاوية، فكان ينتقد الآباء الذين كانوا يخرجون أبناءهم من المدراس ويعلمونهم حرفة فكان يقال لهم علموه وبدلاً من أن يكون عاملا أو حرفيا بسيطا يتعلم ويصبح مهندسا أو طبيبا أو معلماغ أفضل وبالفعل كانوا الناس البسطاء يكافحون ويصرفون على أبنائهم بكل ما لديهم حتى يصبحوا أفضل وإذا بالكارثة و يتضح أن ابنه يجلس بجانبه فى المنزل يصرف عليه وكأنه فتاة ويكتشف أنه خدع ولو كان علمه حرفة من الأول ولم يعلمه لكان أفضل له ولم كان يجلس فى المنزل قليل الحيلة ينتظر عملا أو يذهب للبحث عن أى عمل فى أى شىء بعيدا عن الذى درسه وللأسف ذهبت كل مصاريف هذا الأب البسيط فى الهواء فلم يجد ما كان يحلم به فبعد تعليم ابنه سنين طويلة اشتغل نفس العمل الذى كان سوف يقوم به إذا كان لم يكمل تعليمه.
وبعد تعليم بنته جلست فى البيت أيضاً، ونرى من يقول لماذا فالمرأة تعمل فى كل شىء الآن حتى إنها أصبحت قاضية؟ نعم المرأة أصبحت تعمل فى غالبية الوظائف المهمة ولكن أى امرأة هل ابنة العامل البسيط أم ابنة الرجل ذى النفوذ، أعطنى مثالا حيا عن قاضية أو مذيعة أو ضابط أو أستاذة فى الجامعة أو وزيرة والدها عامل بسيط أو حارس عقارأو عامل قمامة تظل المرأة الكادحة كما هى لا يوجد تغيير.
ورغم ذلك هناك الكثير من الشباب رفضوا الجلوس فى البيت وأخذوا يبحثون على أى عمل فأصبحنا نرى خريج هندسة طيران يعمل سائقا وخريج تجارة يعمل عاملا فى مصنع وآخر ليسانس حقوق ومعه تقدير جيد جدا بدلا من أن يعمل فى النيابة يبيع كتبا على الرصيف، ولن أنسى الشاب الذى التقى به أحد البرامج خريج هندسة تقدير امتياز ولم يجد عملا سوى العمل كعامل قمامة وغيرها من المآسى. والسؤال هنا إذا كان المتعلمون يعملون هذه الأشغال التى لا تحتاج إلى شهادة عليا، بل لا تحتاج إلى شهادة من الأساس فماذا يعمل غير المتعلمين إذن؟
وهذا دليل قاطع أن هناك شبابا جادين ولكن أٌحبطوا ولا يستطيع أحد أن يلومهم فبعد سنين من الدراسة وحلم بمستقبل واعد يصطدم بواقع قاس، فمثلا فى المثال السابق بدلاً من أن يكون مهندسا متميزا أصبح عامل قمامة مثله مثل الذى لم يتعلم فما فائدة الشهادة إذن. أنا لا أنكر أن الشخص يجب عليه أن يعمل فى أى شىء ليس شرطا فى تخصصه بدلاً من الجلوس فى البيت ولكن من ناحية أخرى يجب على المجتمع ألا يسمح بضياع الكفاءات فبدلا من أن يعمل شاب متفوق فى القمامة نستفيد من طاقته فى مجاله ليساعد فى تطور المجتمع وبدلاً من أن يعمل مهندس طيران (وكلنا نعلم ما أهمية هذا المجال) سائق يعمل فى تخصصه المتميز الذى يحتاجه المجتمع، فلماذا لا تعين الكفاءات فى مكانها والعكس صحيح؟
وأخيراً تحية لكل شاب أو فتاة ضحوا بحلمهم الكبير وخرجوا لأى عمل ولم ينتظروا فى المنزل ورفضوا أن يكونوا عالة على أهاليهم.
صورة ارشفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
باهر قليس
ما هو ادهي و امر
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف
اه يا زمن
عدد الردود 0
بواسطة:
esam
زلزال من عندك يارب
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد محمود
100%
عدد الردود 0
بواسطة:
ع/ط
أنا كنت نسيت ...
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed saber
فى حاجة غالض من الاول
عدد الردود 0
بواسطة:
قديم أوى
لا ينبغى للآباء أن يكونوا كالدبه التى تقتل صاحبها بالحرص والمبالغه فى الوصايه عليه
عدد الردود 0
بواسطة:
قديم أوى
لا ينبغى للآباء أن يكونوا كالدبه التى تقتل صاحبها بالحرص والمبالغه فى الوصايه عليه
عدد الردود 0
بواسطة:
قوت القلوب
هنعمل ايه؟