تباينت تعلقيات وآراء عدد من المثقفين تجاه ثورة 25 يناير وثورة 23 يوليو، والتى يمر على تاريخ اندلاعها اليوم 59 عاما، ففى الوقت الذى رأى فيه البعض أنه لا وجه للمقارنة بين الثورتين وأن كلا منهما جاء فى سياق تاريخى مستقل بذاته، أوضح آخرون أن ثورة يناير جاءت امتدادا لثورة 23 يوليو، والدليل على ذلك اتفاقهما على نفس المبادئ الستة القائمة على ترسيخ الديمقراطية وتحقيق العدالة والمساواة.
قال المؤرخ حمادة بسيونى، إن ثورة 23 يوليو لم تكن سوى انقلابا عسكريا تحول إلى ثورة حقيقية شاملة، مضيفا أنه على الرغم من الإصلاحات التى أجرتها الثورة فى مجال التعليم والاهتمام بالفقراء والطبقة الكادحة، إلا أن الديمقراطية ظلت غائبة عنها واستمر غيابها طوال 59 عاما بشكل دمر جوهر الثورة ومضمونها.
وفند بسيونى الاختلافات بين الثورتين قائلا: مجلس قيادة الثورة قائد الإنقلاب يختلف كثيرا عن المجلس العسكرى الآن من حيث الأعمار والظروف الداخلية والخارجية المحيطة بعمله، مؤكدا أن إنجازات ثورة يوليو كانت أقل بكثير من خسائرها والدليل على ذلك أن عبد الناصر انفق فقط مليار وأثنين من عشرة على مشاريع الإصلاح مقابل إنفاقه 12 مليار فى الحروب.
وأشار بسيونى إلى أن أحداث 25 يناير مازالت حتى الآن متأرجحة ما بين الصحوة والثورة الحقيقة، خاصة وأنها لم تحقق أى إنجازات سوى حل الحزب الوطنى وجهاز أمن الدولة وإسقاط الرئيس ورجاله، قائلا: من وجهة نظرى عبد الناصر ومبارك أكثر حاكمين بددا موارد مصر، الأول أطاح بها فى الحروب والثانى بددها فى الفساد ومن المؤكد أن المجلس العسكرى الآن لن يقبل بجلب رئيس جديد مثلهما.
فى حين قال المفكر الدكتور محمد حافظ دياب، إن من يُمعن النظر فى ثورة 25 يناير سيجد أنها امتدادا طبيعيا لثورة 23 يوليو والدليل على ذلك أن الأهداف الستة التى وضعتها الثانية تشابهت إلى حد كبير مع الأهداف التى رفعها الثوار عام 2011، ولكن هناك من يوحى أن كل منهما يملك سياقه التاريخى والدولى الخاص به وهذا غير صحيح، وهناك أيضا من يوحى بأن ثورة 25 يناير لم تحدد أطرها وفعاليتها تحديدا واضحا وهناك من يحاول الطعن فى ثورة يوليو على اعتبار أنها آلت إلى هزيمة 67.
وأضاف دياب، أن التاريخ المصرى موصول بمعنى أن كل حلقة أو حركة فيه لابد أن تستفيد من الحلقة التى تسبقها والدليل على ذلك أن الأهداف الستة التى صيغت عام 52 مازالت حتى الآن بمثابة سؤال محير نحاول أن نبحث له عن إجابة.
ومن جانبه قال الدكتور نبيل عبد الفتاح رئيس مركز تاريخ الأهرام، إننا نواجه الآن إشكالية حقيقية بعد مرور 59 عاما على سقوط شرعية يوليو واستمرار النضال التسلطى الذى انتهك الحقوق والحريات للمواطنين ، مضيفا أنه من بداية الثورة وحتى نهاية المرحلة الناصرية كانت الشخصية البارزة هى شخصية عبد الناصر الذى أحدث تغيير بنيوى فى المجتمع خاص بالطبقة المتوسطة والصغيرة ولكن كان حكمه قائما على هيمنة النظام والأجهزة الأمنية مستبعدا تماما كافة القوى التى تُمثل تهديدا لأهداف الثورة.
وأضاف عبد الفتاح: جزء من مصادر شرعية حكم السادات كان مستمد من ثورة يوليو ولكن الأول استدار على المشروع الاجتماعى الذى وضع عبد الناصر أساسه متجها إلى سياسة الانفتاح الاقتصادى والتعددية الحزبية وعندما جاء مبارك حاول أن يستمد شرعيته من انتصار أكتوبر ولكن هذا لم يتحقق لأن شرعية السادات هى فقط التى كانت مستمدة من هذا الانتصار ، ومن وجهة نظرى نحن فى بدايات الطريق لإعادة نظام الشرعية السياسية فى البلاد اعتمادا على الانتفاضة الديمقراطية التى حققتها 25 يناير.