ليس لأحد منا يدعى أنه يمتلك الحقيقة دون غيره، ولكن قد يكون معه بعض الحقيقة وغيره مثله فى ذلك، لأن الحقيقة المجردة لا تكون إلا من ملك مقرب أو نبى مرسل بوحى من الله عز وجل صاحب الحقيقة حيث إنه يعلم كل نفس وما تخفى الصدور.
أما أن يكون لديك بعض الحقيقة وأن ترى أنك على صواب يحتمل الخطأ فهذا أمر أخذ به العقلاء من القوم ممن يقبلون مبدأ الصواب والخطأ، كقول القائل: قولى صواب يحتمل الخطأ وقول غيرى خطأ يحتمل الصواب.
وإذا كانت الحقيقة تغيب عند بعض الناس فإنها قد تلتبس على آخرين، لأن مناط المعرفة والتكليف هو العقل وأن الاحتكام إليه احتكاماً لأداة ووسيلة ربانية أوجدها الله عز وجل فى الإنسان، وهو ما يسمى بالموضوعية أى ترتكن إلى الموضوع دون زيادة أو نقصان تضيع معه معالمه، حيث قال عز وجل: (إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).
والتغيير سنة من سنن الحياة لا مفر منه، وقد يكون طبيعياً كمسألة الحياة والموت وباقى الغيبيات التى يؤمن بها من رضى بالله رباً، والمطلق لا يتغير لأنه يندرج ضمن الثوابت وثابت الأركان يمثل المطلق ولا يتعدد وهذا لا يكون إلا للخالق الذى اختص بالملك من أرض وما حوت وسماء وما أظلت ولا تبديل ولا تغيير فيها إلا بقدر يمنحه الخالق للمخلوق ويبرز بعده للحساب على ما بدل أو غير، حيث قال تعالى: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار).
وإذا أمعنا النظر فى تفسير الآية الكريمة: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..... )، فإذا تبين أنك إذا ارتضيت بالأصيل فلا ينبغى أن تتركه إلى البديل.
ومن الأمور التى يسرى عليها التغيير مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع، ويفترض أن يعتريها النقص أو الزيادة طالما أنها من صنع البشر ولم يكن فيها من أمر الله شىء جعله لهم، حيث قال عز وجل: (ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً).
والتغيير إما بالزيادة أو النقصان أو الزوال، فالشيوعية وما بنى عليها من اتحاد سوفييتى أرادت التغيير بإعادة البناء(البيرستوريكا) فى زمن جورباتشوف فتهدمت أركانها فأصبحت أثراً بعد عين وتفكك الاتحاد.
وبعيداً عن نظرية النسبية فى الفيزياء وبعيداً عن مذاهب الفلاسفة، فإن الديمقراطية تأخذ بنسبة من الحقيقة لأنها لا تصل إليها مطلقاً، وقد تتعارض مع الأديان وقد تتفق معها لأن الأديان تقطع الشك باليقين، فكل رسول أتى لقومه يدعوهم إلى التوحيد وأن لا إله إلا الله، وهذا لا يقبل الشك بل هو أمر قطعى الثبوت والدلالة وحق مطلق لأنه محصور فى ذات الله ولا يجوز تغييره أو أن تأخذه بنسب متفاوتة.
ومعلوم أن الديمقراطية تخطئ وقد تعالج أخطاءها، فمثلاً انتخب الناس من بينهم مرشحاً رئاسياً أو نيابياً ثم أثناء ممارسة دوره ومهامه التى انتخب من أجلها، وبعد رقابة أعماله وتقييمها نجد أنه لم يستحوذ على القبول المطلوب من ناخبيه، فيقومون بتغييره فى أقرب انتخابات وهكذا.
وعموماً فإن التغيير يبدأ من النفس بحملها على الحق والعدل والإحسان وصرفها إلى ما ينفع ويفيد المجتمع الذى تنتسب إليه ولا يعودها على الكسل وترك العمل لأنها كما قال الشاعر:
والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم.
واصرف هواها وحاذر أن توليه إن الهوى ما تولى يصم أو يصم.
وراعها وهى فى الأعمال سائمة وإن هى استحلت المرعى فلا تسم.
والثورات حينما تقوم من سباتها فإنها يجب ألا تغفل عن واجباتها فتعد العدة للبناء قبل إصدار قرار الإزالة، وأن يكون لديها خطة لتفقد مواضع اللبنة أو الحجارة لتثبيت الدعائم على نحو صحيح، فإن معاول الهدم كثيرة، وقد لا تحتاج إلى جهد بقدر ما تحتاج حجارة البناء إلى أن تكون متينة تتحمل ما يقوم عليها من بنيان.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن خضر
كلنا سلامه الرقيعي
عدد الردود 0
بواسطة:
ابناء العريش
النائب المحترم سلامه الرقيعى
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد الشنابى
النائب المحترم ( سلامة الرقيعى )
عدد الردود 0
بواسطة:
الاستاذه
ومعلوم أن الديمقراطية تخطئ وقد تعالج أخطاءها،