أنا من مواليد ثورة 1952 .. بعد ولادتى بأيام احترقت القاهرة .. ولم تمض شهور معدودة حتى تفجرت الثورة التى كان طليعتها شباب مصر من أبناء القوات المسلحة، واحتضنها الشعب المصرى بكل فئاته ..
لا أريد أن أتحدث عن التاريخ .. فرغم شيخوختى، ما زلت أتطلع إلى المستقبل، ولكن بعض التاريخ قد يصلح بعض العقول ..
إن كل ثورة تخلق أعداءها .. وهؤلاء قد يتوارون تقية أو يهادنون وينافقون تملقاً وتسلقاً ، ولكنهم دائماً يتحينون الفرصة للانقضاض والانتقام .. ولم تكن ثورة 52 استثناءً على هذه القاعدة ..
ولعل المتابع المدقق يلاحظ الحملة الممنهجة ضد الثورة ، والتى بدأت على استحياء فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى، ثم تزايدت انفتاحاً مع الانفتاح السداح مداح الذى ساد بعد ذلك .. حيث أطلت كل الرؤوس التى توارت، وخرجت أشباح الماضى من قبورها ، واصطف أعداء هذه الثورة كى يهدموا بناءها الشامخ حجراً حجراً ..
لقد كانت ثورة 52 استمراراً وتتويجاً لكفاح الشعب المصرى منذ ثورة عرابى، بهدف استعادة مصر للمصريين ، لذلك فقد أعلنت منذ يومها الأول أنها ضد سيطرة رأس المال على الحكم ، ضد الإقطاع والاستعمار .. كانت واضحة فى انحيازها للفقراء والمعدمين، لذا فأن مبادئ العدالة الاجتماعية كانت أساس الحكم، وأهم بنود العقد الاجتماعى الذى ارتضاه الحاكم والمحكومون ..
وفى سبيل تحقيق هذه الأهداف، خاضت الثورة معارك طاحنة ضد أعدائها المحليين والإقليميين والدوليين ، وهى ترفع شعار كل المصريين : "ارفع رأسك يا أخى، فقد مضى عهد الاستعباد" ..
ولعل القارئ يلاحظ معى أن نفس المبادئ التى رفعها ثوار يناير 2011 ، متطابقة مع مبادئ ثورة يوليو 1952 .. أى أنها إعادة إحياء وتواصل واستمرار لكفاح الشعب المصرى من أجل حريته وكرامته وإرساء مبادئ العدل الاجتماعى ..
ويجب أن نلاحظ أيضاً أن أعداء ثورة يناير ، يسارعون فى التخفى والمهادنة والتملق والتسلق توطئة للانقضاض حين تحين الفرصة ..
يا أبناء ثورة يناير .. شباب مصر وقلبها النابض .. أنتم تحملون اليوم رايات رفعها آباؤكم وأجدادكم، وخاضوا من أجل رفعتها معارك دامية ، حين تكالب القريب والبعيد على ثورة الضابط الفلاح الأصيل أحمد عرابى ورفاقه .. وحين تدافعوا لإجهاض حمل ثورة 1919 ، وتفريغها فى حلبات الفساد السياسى بإشراف القصر الملكى ودار المندوب السامى .. وحين اجتمع شياطين الثورة المضادة وحلفاؤهم فى الشرق والغرب كى يحطموا الثورة التى قادها الضابط الشاب جمال عبد الناصر ..
انكم تواجهون نفس التحدى وعليكم الاستعداد، سيحاولون اختراق صفوفكم وتمزيق جمعكم، سيركزون على إغرائكم بأنكم بداية تاريخ مصر، وإهالة التراب على صفحات مصر المشرقة فى التاريخ .. سيقولون لكم أن شهداء مصر فى حروب 56 و 67 وحرب الاستنزاف والعبور ماتوا فى حروب فاسدة ، سوف يحاولون الفصل بينكم وبين امتدادكم الأصيل لثورة 1952 .. ولعل ذلك ما يدفع البعض اليوم للدعوة بإلغاء الاحتفال بثورة يوليو وإحلال ثورة يناير محلها ..
يا شباب مصر .. لقد كانوا شباباً مثلكم من حملوا أرواحهم على أكفهم كى ينفذوا إرادة شعب مصر للقضاء على الفساد والتبعية والظلم الاجتماعى .. وكانوا شباباً مثلكم من استشهدوا فى ميادين القتال دفاعاً عن شرف الوطن فى 56 و67 وحرب الاستنزاف ومعركة العبور ..
أن تاريخ نضال مصر لم يبدأ بكم ، ولن ينتهى معكم ..
ولا يفوتنى أن أتقدم لشعب مصر بخالص التهنئة بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو 1952 ، متذكراً معهم هؤلاء الشباب الأبطال الذين ثاروا فى مثل هذا اليوم من عام 1952 ، ومؤكداً لأرواح من فارقونا أن شباب اليوم يحمل نفس الراية التى لن تسقط أبداً .. فمصر بخير ، طالما كان شبابها بخير .. وكل عام وأنتم بخير ...
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ثروت
تاريخ نضال المصريين لم يبدأ بكم ولن ينتهي معكم
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد الله
بدأ الجهاد الاكبر
عدد الردود 0
بواسطة:
طلعت جبر
لا تدنسوها
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريه
اللى هيقول نلغى يوليو هنلغيه من سجل الاحياء لانه ليس بمصرى