قانون "الغدر" يثير انقساما بين القوى السياسية

الجمعة، 22 يوليو 2011 08:37 م
قانون "الغدر" يثير انقساما بين القوى السياسية الدكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد
كتبت نورا فخرى ونرمين عبد الظاهر ومحمد إسماعيل وعلى حسان ومحمد أحمد طنطاوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تباينت ردود فعل القانونيين والسياسيين تجاه قانون الغدر، الذى أعلن رئيس الوزراء تعديله، ودراسة إمكانية تطبيقه، اقترح الدكتور ثروت بدوى، أستاذ القانون الدستورى، أن يعطى لمجلس القضاء الأعلى، السلطة فى تشكيل محاكم الغدر لمحاكمة رموز النظام السابق، بعيداً عن يد السلطة التنفيذية، المتمثلة فى "الحكومة أو المجلس العسكرى"، على أن تتشكل من قضاة مدنيين، وذلك حتى تسقط حجة أى دولة أجنبية لعدم استرداد الأموال المنهوبة من الخارج تحت دعوى "عدم عدالة المحاكمة".

وشدد بدوى لـ"اليوم السابع"، على ضرورة حيادية وموضوعية وتجرد محاكم "الغدر"، إذا اضطرت الظروف للعمل بها، مضيفا "إذا كان القانون سيطبق وفقاً لتلك الآليات ويقتصر على تجريم وقائع معينة أو فساد سياسى فمرحباً به، ولكن مع شرط أن تجرى المحاكمات أمام القاضى الطبيعى، حتى لا يشكك فى نزاهة المحاكمات".

وقال بدوى، إن قانون الغدر إذا راعى مبادئ حيادة وسلامة التحقيقات والمحاكمات أمام القضاة الطبيعيين، فإن ذلك لن يعيق استرداد الأموال من الخارج، لكنها قد تعطى حجة لبعض الدول إذا جرت المحاكمة وفقاً لمحاكم "استثنائية".

من جانبه، أعرب الدكتور أيمن نور، مؤسس حزب الغد والمرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية القادمة، عن رفضه لتطبيق قانون الغدر أو أى قوانين استثنائية عبر محاكم عسكرية أو مدنية عسكرية مشتركة، مضيفا "كان أولى لشرف أن يتجه نحو تطبيق وتفعيل القانون الطبيعى وتعديله إذا لجأ الأمر، دون الاتجاه لفكرة المحاكم الاستثنائية التى لا حاجة لها إذا كانت هناك نوايا جدية نحو تطبيق القانون".

وأضاف نور، أن القانون الطبيعى يكفى إذا توفرت الإرادة السياسية الحقيقة لتطبيقه، واصفاً عودة قانون الغدر بـ"الرجوع إلى الخلف".

وأشار نور، إلى أن مطالبات معتصمى التحرير بتفعيل "الغدر" تأتى تحت ضغط شعورهم باليأس، من تفعيل القانون الطبيعى بعد مرور شهور طويلة دون حدوث شىء، متسائلا: "هل سنحاكم على جرائم أخلاقية قبل الجنائية؟".

وأكد سامح عاشور، رئيس الحزب الناصرى، تأييده لتطبيق قانون "الغدر"، بشرط وضع ركائز تضمن نزاهة إجراء تطبيق القانون، منها وضع أركان تحدد مستندات الجرائم، بالإضافة إلى إعطاء المتهم أحقية الدفاع عن نفسه، موضحاً أن أى ثورة ينتج عنها إجراءات غير مألوفة، ومنها استخدام قانون "الغدر"، والذى سبق تطبيقه فى "العراق"، لا يؤثر على الدول التى تبحث عن الاستقرار والحرية، قائلا: "الإجراءات الثورية لا تؤثر على سمعة دولة تبحث عن الديمقراطية".

وأشار رئيس الحزب الناصرى إلى أن آثار سمعة مصر بعد استخدام القانون ستأتى بريحها من الدول الأوروبية، التى تنتظر أفعال تلك الدول لإدانتها، وعلى رأسها مصر، لمكانتها الكبيرة، فى حين تتجاهل تلك الدول إدانة بعضها مستخدمة نفس القرار، مشيراً إلى أن تلك الشائعات لن تكون عاملاً على مسار مصر، خاصة أن أى ثورة يكون لها حرية أخذ القرارات لحين وصول بلدها إلى الاستقرار.

وهو ما اتفق معه الدكتور عصام الإسلامبولى، حيث أكد على ضرورة تطبيق القانون، أملا فى استعادة الحياة النظيفة إلى مصر، من خلال ضمان حكومة ومؤسسات نظيفة يبعدها عن النظام السابق "الفاسد"، مشيرا إلى أن القوى السياسة طالبت بتطبيق الأمر فور سقوط نظام الرئيس السابق، كما أكد الإسلامبولى على عدم تأثير هذا القانون على سمعة مصر فى الخارج، مشيراً إلى أن فرنسا كانت أولى الدول التى وضعت قانوناً يشابه ذلك وقامت بتطبيقه فور الانتهاء من الحرب العالمية الثانية، موضحا أن عقوبة القانون سياسية وليست جنائية حتى تكون هناك أى انتقادات من أى من الدول، مطالباً النيابة العامة باتخاذ القرار الفورى بتطبيق القانون بصفتها المخولة بالأمر.

من جانبه، أكد صلاح عيسى، رئيس تحرير جريدة القاهرة، أنه ضد التفكير فى إحياء قانون الغدر، مع أى أحد سواء من النظام السابق أو لأى نظام تالى، وتجربة مصر مع مثل هذا النوع من المحاكمات والقوانين الاستثنائية سيئة جدا، ولم تنجح على الإطلاق، بل تصدر فقط لتصفية آثار الماضى، ثم تتحول إلى سيف مسلط على رقاب من وضعوها، حيث تستغله قوى سياسية ضد بعضها البعض.

وقال عيسى: "أخشى أن يكون الدكتور عصام شرف هو أول ضحايا إحياء قانون الغدر، عندما تنتهى حكومته الانتقالية، وتسلم الراية إلى حكومة جديدة تبرز مساوئها، وتؤكد أن شرف أضاع مطالب الثورة وضلل الثوار، فعند ذلك سيتعرض للمحاكمة بقانون الغدر الذى أيقظه مرة أخرى بعد سنين طويلة"، مضيفا: "من غير المنطقى أن ننادى بمحاكمة كل إنسان أمام قاضيه الطبيعى، وإلغاء المحاكم الاستثنائية والعسكرية، ثم نعود مرة أخرى لقانون الغدر، الذى يحاكم السياسيين أمام المحاكم العسكرية، فهذا كلام غير منطقى، ويقوم على نفس الأسس التى قامت عليها عدد من القوانين سيئة السمعة فى فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، ونحن بالفعل جربنا مثل هذا النوع من المحاكمات والقوانين، ولم يجلب علينا سوى الكوارث، لأنه يطبق أولا على أعوان النظام السابق ثم يطبقه الثوار على بعضهم البعض.

وأشار عيسى إلى أن هناك مصالح انتخابية لإصدار هذا القانون من بعض القوى السياسية، والحل العملى لهذا كان إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بنظام القائمة النسبية، وإلغاء النظام الفردى الذى يسمح لدخول المال والبلطجة والسلطة والعائلات التى تمتلك عصبيات قبلية وبإمكانها إنجاح مرشحيها.

وأكد الدكتور عاصم الدسوقى، القيادى الناصرى، أن العودة إلى قوانين ثورة يوليو ومحاكمة المسئولين عن إفساد الحياة السياسية، باعتبار هذه إجراءات طبيعية فى أوقات الثورة، التى هى فى الأصل أمر استثنائى فى تاريخ الشعوب، ويجب أن تتبعه عدد من الإجراءات الاستثنائية، مثل محاكم الغدر والمحاكمات الاستثنائية، وذكر أن الثورة الفرنسية أعدمت الآلاف خلال فترة كبيرة أثناء وبعد الثورة، لأن الثورة ظرف استثنائى، يجب أن تتخذ فيه العديد من الإجراءات الاستثنائية، مشيراً إلى أن محاكم الغدر خطوة جيدة من الحكومة، نتمنى أن تتحقق، حتى نضع حداً لكم المغالطات التى ظهرت فى الفترة الماضية حول حقيقة فلول النظام السابق، والمندسين لإحباط الثورة والقفز عليها.

فيما طالب المستشار أنور الرفاعى، أحد أبرز خبراء القانون فى مصر، بضرورة سرعة تطبيق قانون "الغدر"، المعروف بقانون الإفساد السياسى، الذى مازال سارياً حتى اليوم، ولم يصدر قرار بإلغائه، ولكنه كان مغفلاً ومتروكاً فى الأدراج، موضحاً أن القانون هو الأكمل والأشمل والأفضل، كما أنه يضمن السرعة فى المحاكمات، منتقداً تفريغ الدوائر القضائية لمحاكمة المسئولين، واصفاً تلك الخطوة بالخطأ الكبير.

وأضاف الرفاعى، أن القانون سوف يعمل على سرعة عجلة المحاكمات حتى لا تهدى ثغرات البراءة للمتهمين، مؤكداً أن قانون الغدر رقم 344 لسنة 1952 والذى طبق بعد ثورة 52 لمعاقبة جميع المتهمين فى الجرائم السياسية، وأن كثيراً من المتهمين يحصلون على البراءة بسبب عدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الثانية بقانون الكسب غير المشروع، مشيراً أن القانون يهتم بالجرائم السياسية، وعلى رأسها إفساد الوعى الانتخابى للجمهور المصرى، حيث أصبح المعيار المادى هو الاختيار الأول للمرشحين وقدرة المرشح على تقديم الخدمات، وإنفاق المبالغ المالية لكسب ثقة الناخب، موضحاً أن ذلك ما قام به رجال الحزب الوطنى على مدى الثلاثين عاماً الماضية، ويجب أن يخضعوا لقانون الغدر ليحاسبوا على ذلك.

وأشار الرفاعى أن قانون الغدر يحتوى على 9 مواد، وتشمل تلك المواد معاقبة كل من أفسد الحياة السياسية فى مصر، لافتاً أن الدكتور عصام شرف قرر أمس، الخميس، مخاطبة وزير العدل لتطبيق قانون الغدر، لأنه أصبح مطلباً شعبياً، لأن القوانين الحالية تتيح البراءة لــ¾ المتهمين المحتجزين على ذمة القضايا الحالية، ولم يحاسبوا على جرائمهم السياسية، بالإضافة إلى التحكم بالسوق والأسعار وما قام به أحمد عز بالتلاعب فى أسعار الحديد، لافتاً أن القانون يشمل تلك العقوبات، معتبراً أن القانون يحاسب كل من كان فى وظيفة عامة أو لديه صفة نيابية أو مسئولا وجميع الوزراء والبرلمانيين السابقين وغيرهم ممن كانوا فى كوادر سياسية، لدورهم فى إفساد الحياة السياسية فى مصر.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة