هل من معين؟ هل من منقذ؟ البحار بلانهاية، والأفق ممتدة بلا غاية، ويمسك بشىء لا يعلم ما سر حياته حتى الآن رغم أنه لا يتقن الغوص، ولم يتعلم العوم، لكنه رغم ذلك يشعر أنه مع الأحياء، الأمواج ترفعه، ثم تعود لتضعه، رغم صعوبة الموقف، إلا أنه استشعر جمال نور القمر على صفحة الماء، وصفاء بياض السحاب وهو يسبح فى السماء، عجيب أنه فى تلك المخاطر ويفكر فى تلك الأشياء، تمر برأسه الذكريات، ويحاسب نفسه على ما فات، ويسأل نفسه هل يعاقبه الله على آثامه، أم يغفر له الزلات، سمع قبل ذلك عن تلك اللحظات، لحظة أن لا يدرى أهو حى أم يستعد ليصبح مع الأموات، صعبة جداً تلك اللحظات، لا تدرى هل أنت على أعتاب فرصة جديدة، أم أنها ثوان لتبدأ أصعب حساب، أياً ما كان سيعترف بكل الأخطاء، ويدرك أنه لن يستطيع الهرب، بل إنه فى تلك اللحظات، أقرب ما يكون للصدق مع الذات، لا يخشى ضياع العمر، ولا فوات الأمنيات، حقاً صغيرة تلك الدنيا، لا تستحق الحرص عليها وأن تنسينا ما هو آت.
رغم كل ذلك يشعر بسعادة خفية، بقرب حقيقى مع تلك القوة، قوة القرب من الله، عجيب ذلك الإنسان، لا يلجأ لخالقه إلا حين ييأس من كل المخلوقات، لأول مرة يستشعر، أن لو اجتمعت كل الأمواج، وحاصرتك البحار والسماوات، وأمر الله بحفظك، لا تخشى كل ذلك ولا تخاف مما هو آت، حين تسلم نفسك لربك، حين ترضى بكل قدرك، وتثق فى أن الخير من الله آت، حين تنادى بصدق، يا الله يا منجى من المهلكااااااااات.
وفتح عينيه فإذا به يرى أشياء عجيبة، نعم هى أرض، نعم هى سماوات، لكن ثمة شىء غريب، تلك السحب بأشكال قلوب متناغمة، وأشجار تلف بعضها بعضاً، هل دخل الجنة؟ هل انتهت حياته؟ لكنه يشعر بالجوع، إن كان فى الجنة ستأتيه الملائكة بالطعام، وإن كان فى حلم لا يعلم متى سيستيقظ، أو أنه حقاً فى منام.
تلمس أعضاءه، وحرك قدميه، ورفع رأسه، ونظر حوله، فإذا بشىء يمسك بيديه، ارتعد منه خيفة، فإذا بها ابتسامه جميلة، ورجل يقول له: مظهرك يقول إنك من بلاد بعيدة، هيا قم فهذا ليس بمقامك، بهذا الجانب يمكنك أن تمتلك البداية.
الشاب: من أنت؟
الرجل: حارس ذلك المكان
الشاب: أين أنا، وما هذا المكان الغريب، السحب فى شكل قلوب، والصخور ليست كالصخور، والزهر ينتج بعطر كالبخور، هل أنت من الملائكة؟ وهل دخلت الجنة؟
ضحك الرجل ضحكة كبيرة وقال للشاب: أنت فى مكان على الأرض، لم يصل إليه بعد فساد البشر، مازالت المياه بنقائها، ومازال النبات الأخضر، ربما معنا أحببت الحياة، وربما وضعت نفسك فى خطر.
الشاب: أى خطر؟
الرجل: هذا ليس بوقت أسئلتك، هذا وقت إغاثتك ونجدتك، إن أضعت وقتك، فلا تلوم إلا نفسك، بدايتك من تلك الناحية، هيا اذهب.
الشاب: ألن تأتى معى؟
الرجل: ولمن أترك مكانى؟ هناك ستعرف طريقك إن فطنت لما حولك ووصلت لصحيح المعانى
الشاب: ومن الذى سيفهمنى، ومن ذا الذى سينقذنى؟
الرجل: مازلت تضيع وقتك، لكن سأعتبره آخر سؤال، إن لم تبدأ بإنقاذ نفسك، فإنقاذ أى إنسان لك محال، وإن صدقت فى سعيك، ستجد المعين فى الحال.
وذهب الرجل دون أن يلتفت للشاب ونظر الشاب للاتجاه الذى أشار به الرجل، حائراً خائفاً لكن ما باليد حيلة، ليس أمامه إلا الذهاب إلى هناك وعندما وصل....
محمود كرم الدين محمود يكتب: يا منجى من المهلكات
الخميس، 21 يوليو 2011 09:40 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
أصعب حساب مع النفس
عدد الردود 0
بواسطة:
shrouk elsayed
كلمات رائعة استاذ محمود
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام كرم الطوخى
شكراً جزيلاً
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد احمد
اللة اللة اللة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمان محمد البستانى
تحياتى اليكى استاذ محمود كرم الدين
عدد الردود 0
بواسطة:
samah emad
فى منتهى الجمال والروعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Emmy Ali
ما أروع أن نتوجه إلي خالقنا .... فهو خير معين
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود كرم الدين محمود .. الكاتب
شكراً سحر الصيدلي
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود كرم الدين محمود .. الكاتب
شكراً shrouk elsayed
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود كرم الدين محمود .. الكاتب
شكراً عصام كرم الطوخي .. شكراً اليوم السابع