محمد عبد المجيد يكتب: ومن الثورة ما قتل!

الأربعاء، 20 يوليو 2011 08:42 ص
محمد عبد المجيد يكتب: ومن الثورة ما قتل!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على الرغم من ضبابية الحكاية إلا أنها تدعونا إلى التأمل!

المواطن الذى كان خارج المسرحية ولم يكن موضوعا أو شخصا من شخوصها أصبح الآن على خشبة المسرح وداخله الإحساس القوى أنه يستطيع التغيير وأنه أحد أبطال العرض الذى تتابعه كل القنوات والإذاعات الرسمية منها قبل الثورية!

لا أعرف كلما استمعت لآراء المواطنين فى البرامج من قلب ميدان التحرير شعرت بالفرح والخوف فى الوقت ذاته، وسر فرحى أننا أصبحنا نملك القدرة على التعبير وبداخلنا الإحساس أننا أشخاص مهمون، أما خوفى فسره أن العفريت الذى تحرك بداخلنا أصبح خطرا الآن على الوطن.

إن الوضع المتأزم والذى يعجز كل الخبراء والمحللين أن يشرحوا لنا الخطر المتوقع من ثوار لا يستجاب لمطالبهم من سلطة تفكر بعقلانية وتعرف أنها لا تستطيع إرضاء كل الثوار، إذ ليسوا كلهم على قلب رجل واحد ولا يستطيعون الاتفاق على مبادئ واحدة ولعل جمعة الإصرار التى اضطر فيها المختلفون إلى التنازل عن مطلب الدستور أولا حتى يحشدوا أكبر عدد ممكن خير دليل.

السؤال الآن: من يعتصم بميدان التحرير؟

هل هم النخبة المثقفة الذين يضغطون على المجلس العسكرى لعمل محاكمات ثورية؟ أم مواطن ملىء بالغضب من حياة اقتصادية سيئة وحياة اجتماعية مليئة بالمشاكل فجاء للميدان ليخرج تلك الطاقة المكبوتة لمن اعتقد أنه مسئول عما يعانيه؟

أم مواطن شعر بإمكانية أن يفعل ما يشاء فى أى مكان يشاء دون أن يعترضه أحد، أن يأتى مثلا بخيمة وينصبها فى ميدان التحرير وينام فيها ويبدو أن القرار مسبق ولن يكون لديه أدنى استعداد أن يغادر الخيمة حتى لو ظهر رئيس الوزراء المحترم عصام شرف ليعلن قرارات هامة وتحقيق لكثير من المطالب لتجدهم يرفضون حتى قبل أن ينهى الرجل حديثه ويعلقون فى صوت جماعى تمثيلية تمثيلية!!

وعلى الجانب الآخر تجدهم فى السويس يهددون بوقف الملاحة فى قناة السويس! فى تجاوز خطير بما يهدد الوطن بشكل حقيقى. إلى أى معترك مظلم نحن ذاهبون؟ وما هو المتوقع من صدام نرجو ألا يحدث فى وطننا الشامخ؟

إن شخصية المعتصمين تحتاج منا إلى قليل من التأمل لنعرف فقط أن المشكلة ليست فى تحقيق المطالب فكلما تحقق واحد ارتفع سقف المطالب إلى مطلب أكثر منه صعوبة ومن ثم فنحن أمام ثائر لا يرضى وعدم الرضا إحساس داخلى ملىء بالغضب ومن ثم يجب على النخبة المثقفة، ودوما أحب أن أطلق عليهم هذا الاسم، أن تحتوى غضب الناس لا أن تستعين به!

إنهم لا يسألون أنفسهم وماذا بعد؟ يطلبون باستقالة رئيس الوزراء، وماذا بعد الاستقالة؟، يأتى رئيس وزراء آخر ليعيد الكرة من جديد ونسوا أن الرجل فى 100 يوم حقق الكثير فى حدود المتاح والممكن بالنسبة إليه، وبعد ذلك يأتى رئيس الوزراء الجديد ليفشل فى إرضاء الثوار ليطلبوا استقالته أيضا! وهكذا تلك الدعوة التى أقرأها بمعنى آخر وهى الدعوة لاضطراب الأمور فى مصر وحتى لا تستقر الأوضاع ومزيد من التدهور الاقتصادى.

يطالبون أيضا بذهاب المشير لكن السؤال وماذا بعد؟ النخبة المثقفة، وهى ليست كيانا واحدا، لكن الصوت المتطرف فيها هو الأعلى صوتا، عميت (مع الاعتذار للكلمة) عن رؤية الوضع الأمنى الذى تحملت القوات المسلحة العبء الأكبر فيه ويريدون مزيدا من الانفلات الأمنى بتحييد موقف الجيش أو إقصائه من المشهد وهو الخطر بعينه.

دعوات مريبة عندما تخرج فى ذلك التوقيت الصعب تجعلنا ندعو النخبة المثقفة بالقيام بدور فاعل فى تهدئة الناس وتوعيتهم بأن أمان الوطن أهم بكثير من صراعات تقودنا للهاوية.

الملمح الثانى لشخصية الثائر هو عدم قدرته أو عدم رغبته أن ينظر بعين الغد لما يصنع وكأن الحاضر هو ما يعنيه وليس مستقبله، لا يعرف مثلا أن اعتصامه وتوقفه عن العمل ووقفه للإنتاج يؤثر على طعامه غدا وهى مشكلة لا أعرف لماذا لا يعيها الإعلام ويوجهها إلى العامة فى البرامج وسيكون ذلك أفضل من البث المباشر للميدان.

لماذا لا يقولون لهم إن الاستثمارات تهرب من مصر لعدم استقرار الأوضاع؟ وأننا نصرف من الاحتياطى النقدى الأجنبى وكأننا نأكل من لحم الحى، كما يقول المثل الشعبى.

لماذا لا يقولون لهم إن اعتصامكم يجعلنا لا نستطيع دفع عجلة الإنتاج للأمام حتى تستطيع الدولة دفع المرتبات ودعم السلع الأساسية للمواطن والارتقاء به ماديا.

إن المطالب المشروعة لا بد أن يكون لها آليات للطلب ولا تكون بتلك الصورة فلا توجد مشكلة فى التظاهر يوم الجمعة، لكن أن يكون لها وقت تنتهى عنده فمثلا الساعة الثامنة حتى يستطيع الناس العمل يوم السبت، لكن بتلك الصورة هل نتوقع أن تحدث النهضة فى مصر؟

أليس للمعتصمين عمل يذهبون إليه؟ أليس لهم أولاد يسعون فى إطعامهم أم تواكلوا وفرحوا بشخصية الثائر الذى لايهدأ.

إن الثورة المصرية حدث فريد وحكاية من الحكايات التى أذهلت العالم وانظروا فى ليبيا ماذا يحدث؟ وفى سوريا؟ وفى اليمن؟، لكن فى مصر آية من آيات الخالق لأنها أرض الكنانة التى حفظها الله نراها استطاعت تغيير واقعها بشكل سلمى كامل وبأقل الخسائر فى الأرواح والمال وهكذا سيكتب التاريخ عنها فى كتاب الإنسانية، لكن مهلا لا نفسد ذلك لأن ما بعد الثورة إنتاج وليس اعتصاما!

هكذا نفهم كيف تنمو الدول فلن يحدث نمو وتقدم لدولة ينام مواطنوها فى خيم داخل الميادين ويوقفون عجلة الإنتاج فيها، التقدم يساوى العمل ولا يمكن أن يساوى استمرار الغضب ولا يمكن أن يساوى الاعتصام.

الملمح الثالث هنا فى تقديرى أن الثائر المعتصم يعتد برأيه ويرفض ما عداه ويحاول تطبيقه بالقوة إن أمكن فهو بدأ من رفض الرأى الآخر ومحاولة إقصائه إلى محاولة التهديد بوقف قناة السويس مثلا، من الرفض البسيط إلى التهديد القوى وهو ملمح أراه خطيرا وغير صحى على مستقبل الوطن وهو ملمح أراه فى الرفض الكامل لكل الخطوات، بل وعدم الاستعداد للتنازل للتلاقى والوقوف على أرضية واحدة للحوار.

هذا التعصب لا ينبع عن إيمان حقيقى للقضية فإذا كانت القضية مصر فعلينا أن ننسى أحزابنا ومرجعياتنا فمصر أم حنون وليس على الأبناء العقوق.

إن الملامح التى رأيتها سلبيات أتمنى أن يتلافاها الثائرون حتى يعودوا إلى الحق ولو وضعوا وراعوا الله فى الوطن لمن المؤكد أنهم سيتعاملون بشكل مختلف. إننى فى الختام أدعو العقلاء فى هذا الوطن أن يكونوا إيجابيين فى دعواهم فمصر تحتاج الآن للعقلاء وأرباب الرأى أن يقوموا بدورهم فى التهدئة والمضى قدما بالوطن إلى بر الأمان ومن فى أعلى السفينة إذا وجد من أسفلها يثقب فيها ثقبا عليه أن يأخذ على يديه ولا يدعه فيغرق من فى أسفلها ومن فى أعلاها!.





مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد نظمى

معاك حق

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرية

مقال رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

علاء

النخبه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة