إن الاهتمام بالأراضى الزراعية أمر بديهى لا يقبل الجدل والنقاش، حيث إنه لولا وجود تلك الطبقة الرقيقة من القشرة الأرضية "التربة" لما وجد النبات والحيوان وبالتالى لا حياة للإنسان ولذا فإن الاهتمام بالأراضى الزراعية هو اهتمام بحياة الإنسان، حيث إن الأرض الزراعية هى بمثابة ثروة قومية تتوارثها الأجيال المتعاقبة، لذا يجب المحافظة عليها وحمايتها ورعايتها وتجريم ومعاقبة كل من يعتدى عليها بالتلويث أو الإهمال أو التبوير أو أن يبنى عليها، فالسؤال هل نحن شعب يحافظ على هذه الثروة أم لا؟
الإجابة بكل أسف لا نحافظ عليها!!!!!، حيث أثبتت الدراسة التى أجريتها على محافظة الفيوم، وذلك عن طريق استخدام أنظمة المعلومات الجغرافية GIS وصور الأقمار الصناعية فى صورة خرائط تفصيلية للمنطقة، حيث تم استعراض المناطق السكنية فى عام 1986 وعام 2006 ولقد أثبتت الدراسة أنه فى هذه الفترة والتى تقدر بـ 20 عاما تم تحويل 1800 فدان من أراض ذات جودة إنتاجية عالية إلى مناطق سكنية، أى أن ما يقرب من 90 فدانا يتم تحويله سنويا من أراض قديمة جيدة الخصوبة وذات الجودة العالية إلى مناطق عمرانية، وهذا ما يمكن أن نسميه الزحف العمرانى، وبالتالى فإن ذلك يعتبر تأثيرا مباشرا يهدد ثروتنا القومية.
والأدهى والأخطر من ذلك أنه فى أغلب المراكز والقرى التى توجد بمحافظة الفيوم هو أنه لايوجد بها شبكات صرف صحى جيدة وبالتالى يتم عمل مساحة معينة داخل المنزل وتكون تحت سطح الأرض والتى يصرف إليها مخلفاتهم الصحية والتى تسمى لديهم بالباكابورتات والتى يتم نزحها بعد امتلائها ووضعها بعد ذلك فى المصارف الزراعية والمشكلة أنه فى حالة نقص مياه الرى قد يلجأ بعض المزارعين إلى استخدام هذه المياه الموجودة فى المصارف وما بها من مخلفات لرى المحاصيل الزراعية، وأنهم قد يضعوا هذه المخلفات الآدمية إلى الارض مباشرة، ومن هنا يمكن القول إن التأثير غير المباشر للمناطق السكنية خطير جدا لأنه بذلك يهدد صحة وحياة الإنسان والحيوان، حيث ارتفع عدد السكان المصابين بالفشل الكلوى ليصل إلى 800 حالة وعدد الأمراض السرطانية ليصل إلى 20 حالة وعدد المصابين بالجهاز التنفسى ليصل إلى 22000 وذلك من إجمالى عدد سكان يصل إلى 2.5 مليون نسمة، وبالتالى فإن تدهور وتلوث الأراضى الزراعية ذات علاقة وطيدة بتدهور صحة الإنسان.
وأخيراً دعنا نضرب هذا المثال وهو أن رجلا كان جالسا على الشاطئ وإذا به يسمع رجلا آخر يقول أنقذونى سأغرق سأموت فأسرع ذلك الرجل الجالس وأنقذه وإذ به يسمع رجلين يقولان أنقذونا سنغرق سنموت وإذا بنفس الرجل الذى لا يوجد غيره فى المكان يهرع لينقذهما ثم سمع صوت ستة أفراد يقولون أنقذونا ففزع الرجل ووقع من طوله.
الخلاصة أن هذا الرجل شغل فكره واستغل طاقته فى التعامل مع الحالة فى حد ذاتها ولو أنه قد شغل تفكيره فى من يلقى بهذه الأفراد فى البحر ثم ذهب إليه ومنعه لحل المشكلة، وهو ما كان يحدث قبل الثورة، حيث إن مليارات الجنيهات تصرف من قبل وزارة الصحة على معالجة العديد من الأمراض مثل الفشل الكلوى وغيرها، وإنى أتساءل لماذا لا يوجد تخطيط متكامل من قبل كل من وزارة الزراعة، الصحة ووزارة البئية لكى نستأصل المشاكل من جذورها، وذلك بداية من تلوث الأرض والمياه، حيث إن التخطيط المتكامل والعمل الجماعى قد يدفع وبسرعة إلى تقدم ورقى مصرنا الحبيبة، فهل يحدث ذلك بعد الثورة المصرية ويحل التخطيط بدلا من التخبيط.
سـامح قطب يكتب: الأراضى الزراعية ثروتنا القومية
الأربعاء، 20 يوليو 2011 09:21 ص