أعتذر عن هذا المقال الذى قد لا يأتى على هوى الكثير من القراء نظراً للصبغة القانونية التى تغلفه، ولكنى أعتبر ذلك المقال من أهم ما كتبت لكونه يعالج مشكلة الفساد الذى أصبح ينمو ويترعرع يوماً بعد يوم ولكن هذه المرة تحت رعاية وبفضل الكتاب الدورى رقم 20 لسنة 2010 الذى أصدره الدكتور صفوت النحاس– رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة وصاحب مقولة إن 400 جنيه تكفى الفرد شهرياً– ولكن ما علينا دعنا من المرتبات التى لا تشغل مسئولى الحكومة نهائياً ونعود للكتاب الدورى الخاص بضوابط وتنظيم تقديم الشكاوى الذى أكد فيه الدكتور صفوت النحاس على ضرورة قيام الشاكى بتقديم شكوى مكتوبة تتضمن اسمه ووظيفته وعنوانه وتحديد موضوع الشكوى أسبابها وطلباته والمستندات المؤيدة لشكاواه وعدم تضمين الشكوى عبارات غير لائقة أو تهجم أو تطاول على القيادات الإدارية، كما أكد على ضرورة تسليم الشكوى إلى مكتب خدمة المواطنين إما باليد أو بالبريد بخطاب موصى عليه بعلم الوصول وأشار سيادته فى كتابه أن نتيجة عدم استيفاء الشروط السابقة عدم الالتفات إلى الشكوى المكتوبة التى لا تحمل توقيع وعنوان مقدمها وعدم الالتفات إلى الشكوى التى ترد عن طريق المكالمات الهاتفية أو الشكاوى التى يبدو من ظاهرها أنها أعدت من عدة نسخ أرسلت إلى جهات مختلفة فى ذات الوقت فتقوم جميع الجهات التى قدمت إليها بحفظها دون إخطار الشاكى، كما هدد الكتاب الدورى الشاكى باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضده فى حالة تضمين الشكوى عبارات غير لائقة أو تهجم أو تطاول على القيادات الإدارية، وقبل أن أوجه أى انتقادات لذلك الكتاب أود أن أشير إلى أن كتاب الدكتور صفوت النحاس متفق وصحيح القانون والمادة 63 من الدستور التى نصت على حق كل فرد مخاطبة السلطات العامة كتابة وبتوقيعه، ولكن بعيداً عن القوانين واللوائح والتعليمات والكتب الدورية التى هى من صنع البشر ويجوز بل يجب تعديلها حتى تتماشى مع متغيرات العصر وما طرأ على مجتمعنا من ظواهر لم يكن لها وجود فى الماضى، أود أن أسأل الدكتور صفوت النحاس ماذا يفعل مواطن شريف أو موظف مغلوب على أمره فى حال اكتشافه لمخالفة أو واقعة فساد.. هل يظن سيادته أن ذلك المواطن المصرى بما يعانيه من ضعف واحتياج وقلة حيلة يستطيع مواجهة أباطرة الفساد فى ذلك الوطن الذين لا هم لهم سوى التنكيل واضطهاد الشرفاء الذين يحاولون كشف الفساد و هل يمتلك الجميع نفس القدرة والشجاعة والجرأة على المواجهة وهل سيتحمل الضغوط التى قد يتعرض لها، وليسمح لى دكتور صفوت بأن أضرب مثالا أرجو أن يتقبله بصدر رحب ماذا لو اكتشف موظف يعمل تحت رئاسة سيادته مخالفة ارتكبها الأخير وسولت له نفسه أن يتقدم بشكوى هل سيتركه يهنأ بحياته ويكرمه أم سيقف له بالمرصاد؟ أعلم أن الرد "بابى مفتوح للجميع وأنا لا أسكت على أى واقعة فساد"، ولكن الجميع يعلم أن هذه الادعاءات مجرد شعارات رنانة لا أكثر لمجرد الاستهلاك الإعلامى ولكن الحقيقة التى يجب أن نعترف بها أن المواطن الشريف سيفكر مليون مرة قبل أن يتخذ مثل هذه الخطوة ويرمى نفسه إلى التهلكة ويواجه الفساد والافتراض الثانى الذى تبادر إلى ذهنى ولكنه للأسف لم يتبادر لذهن دكتورنا الكبير ما حال المواطن الذى كتب شكوى موضحا بها وقائع فساد ومدعمة بالمستندات اللازمة ولكنه خاف أن يذكر اسمه خشية الانتقام منه وهذا حقه، وما يحتمه العقل والمنطق إذ ليس من العقل والحكمة أن أواجه طوفان الفساد وحيداً وأعتقد أنه سيخرج على مجموعة من مؤيدى المنشور قائلين "إن الراجل يواجه بنفسه ويضرب فى الوش مش فى الضهر "وردى عليهم أن الرجال أو النساء على حد سواء عليهم مقاومة ومحاربة الفساد ولكن لن نطلب منهم أن يعرضوا مستقبلهم ومن الوارد حياتهم أيضا للخطر فزمن العنترية ذهب وولى وأصبحنا نسمع عنه من أجدادنا ونقرؤه فى كتب التاريخ.
أكثر ما أضحكنى فى ذلك الكتاب اشتراطه قيام الشاكى بتحديد موضوع شكواه وأسبابها وطلباته والمستندات، وكنت أنتظر أن يشترط أيضا على الشاكى أن يبحث شكواه وينتهى لنتيجة البحث ولا مانع من إلقاء القبض على المشكو ضده ومحاسبته.
سيدى الدكتور صفوت هذا الكتاب ولا فى الأحلام وإذا أمرت أن تطاع فأمر بما هو مستطاع والغريب أن الدكتور صفوت استند فى أسباب إصدار ذلك الكتاب الدورى لزيادة الشكاوى الكيدية وكثرة الشكاوى التى ترد للجهات الإدارية ولكن الدكتور صفوت اتخذ الطريق السهل ووضع عراقيل وعقبات فى طريق الشاكى الذى يخشى المواجهة وتقريبا منع الالتفات للشكاوى كلية لأن أغلب الشكاوى ترد من مجهول وسيادته على ثقة من ذلك وذكرنى ذلك الكتاب بظاهرة انتشار البلطجة فى الشارع فبدلاً من محاربة هذه الظاهرة يتم إلغاء الشارع لأنه أسهل وأيسر ومن منطلق أن "الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح" واسمحوا لى أن أسأل هل يتفق ذلك الكتاب مع ما تنادى به الدول المتقدمة ولجنة الشفافية والنزاهة بضرورة محاربة الفساد لأنه سبب رئيسى لانهيار اقتصاد أى دولة.. وأين القانون الذى سمعنا أنه سيصدر – وإن كنت لا أظن ذلك– وفكرته توفير الحماية القانونية للشاكى وهل يظن الدكتور صفوت إنه بذلك الكتاب يحارب الفساد ويقضى عليه أم أنه يسقيه ليترعرع وينمو أكثر وأكثر نتيجة للتربة الخصبة التى توافرت له ووأد سبل القضاء عليه، كما أن ذلك الكتاب يخالف ما أعلنه المستشار تيمور مصطفى كامل، رئيس هيئة النيابة الإدارية بتخصيص خط ساخن للإبلاغ عن وقائع الفساد تليفونيا وأحمد الله على عدم تطبيق النيابة الإدارية للكتاب الدورى الصادر من جهاز التنظيم والإدارة لكونها الأمل الذى يتعلق به أى مواطن شريف أو من له مظلمة أو تعرض لظلم.
دكتورنا الفاضل أرجو أن تعيد نظر فى ذلك الكتاب الدورى العقيم وتبحث عن طريقة أخرى لحماية الفاسدين أحمد إسماعيل أحمد محمد، المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة الإسماعيلية.
أحمد إسماعيل محمد يكتب: كتاب دورى يراعى الفساد
الأربعاء، 20 يوليو 2011 06:51 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو محمد سعيد
كتاب دورى يرعى الفساد
عدد الردود 0
بواسطة:
ربيع احمد عبد الرحيم
روعه الكلام
عدد الردود 0
بواسطة:
rofida ahamed
ردود فعل
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد عز الدين
مقال منطقى جدا
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد رضوان
ربنا معاك
ما شاء الله عليك..ربنا معاك
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم علام - الاسكندرية
حسبى الله و نعم الوكيل