معصوم مرزوق

الليلة يا عمدة..!!

السبت، 02 يوليو 2011 05:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المشاهد الطريفة التى التصقت بالذاكرة، مشهد الفنانة سناء جميل فى فيلم «الزوجة الثانية»، وهى تُكشر عن أنيابها قائلة لزوجها العمدة: «الفنان صلاح منصور»: «الليلة يا عمدة..!!»، ثم احتجاجه وهو «يكز» على أسنانه قائلاً: «هى حبكت؟».
تمثلت هذا المشهد، وكأنه يتكرر بأشكال أخرى فى بعض المطالبات والاحتجاجات التى تشهدها مصر مؤخراً، حيث تبدو ضاغطة ومُلحة، وكأن بعضها لمجرد الضغط وإثبات الوجود بغض النظر عن موضوع المطالبة أو إمكانية تحقيقها.
«الليلة يا عمدة».. لا بد أن تنتهى محاكمات الفساد والمفسدين.. «الليلة يا عمدة».. لابد من رفع الأجور.. «الليلة يا عمدة» لابد من كتابة الدستور.. «الليلة يا عمدة» لا مفر من عقد حوار وطنى.. «الليلة يا عمدة».. لا جدوى من الحوار الوطنى.. الليلة يا عمدة.. الليلة يا عمدة.
و«العمدة» فى هذه الحالة مطالب بأن يلبى، ليس فقط احتياجات زوجة واحدة، بل آلاف الزوجات اللائى ظهرن فجأة، وكل واحدة تجذبه فى اتجاه، بينما العمدة مثل الفنان صلاح منصور يحاول الفلفصة لتنفيذ خطته أو أى خطة ولكن هيهات.
وبافتراض أن «صحة» العمدة تسمح له بتلبية كل هذه الرغبات المتقاطعة، فهل يمكن تخيل استطاعته تلبيتها فى وقت واحد أو فى زمن معقول؟.. أغلب الظن أن «العمدة» سوف «يبرك» مثل الجمل متقطع الأنفاس.
لا شك أن «سناء جميل» كانت تطالب بحقها المشروع، إلا أن المشكلة كانت فى «التوقيت»، لأن مشروعية المطالب لا تعنى بالضرورة آنية التنفيذ، فأنت تطالب بأن تتحرك من ميدان السيدة زينب إلى ميدان التحرير، وهذا مشروع، ولكن كيف يكون مشروعاً أن تطلب أن يتم ذلك «قبل أن يرتد إليك طرفك»؟ أو بمعنى آخر أن تغمض عينيك وتفتحها لتجد أن الانتقال قد تم؟!.. إن ذلك ممكن فقط بواسطة «عفريت من الجن».. التنفيذ هنا يتطلب «زمناً» لا مفر عنه، وتخطيطاً للرحلة، وإعداداً لوسائل الانتقال.. إلخ.
وأكاد أجزم بأن الإلحاف فى الطلب بشكل لا يأخذ فى الاعتبار عنصر الزمن قد يُلحق شبهة عدم المشروعية بمطلب شرعى، فإذا ألحت زوجة مثلاً على نفقة من زوج معسر أو مفلس، فإن «النفقة» وهى شرعية، تصبح غير مشروعة فى هذه الحالة.
لقد ساد الفساد واستشرى أحقاباً طويلة، ولا يمكن عقلاً ولا منطقاً إصلاح كل ما فسد خلال هذا الزمن الطويل فى وقت قصير، وإذا كانت الثورة قد نجحت فى هدم البيت الذى كان آيلاً للسقوط، فإنه لا يُعقل أن نتصارع حول ما تبقى من أحجار هذا البيت، ونحن لا نزال فى العراء، بل يجب أن تكون مهمتنا الأولى هى تنظيف الأرض وتمهيدها توطئةً لوضع القواعد «القانونية والسياسية والاقتصادية والثقافية»، وتجهيز الأساسات والتأكد من الخلط السليم للمونة، والنسب الصحيحة للحديد فى الأعمدة، قبل الشروع فى البناء، وذلك كله فى إطار خطة تشبه الرسم الهندسى للبناء الجديد.
أخشى أنه لو استمر شعار: «الليلة يا عمدة» طويلاً، أن يموت العمدة تحت وطأة الضغط، حينذاك لن تكون ليلة، وإنما ليالى ربما امتدت لسنوات من المعاناة والشتات حتى نستقر على «عمدة» جديد لضبط حياتنا والبدء من جديد.
أظن أنه يجب أن نوطّن أنفسنا على تحمل اختبار الصبر الإيجابى حتى نجتاز هذه المرحلة الانتقالية الصعبة، ولن يكون ذلك إلا بالتخلى عن الأنانية الذاتية وضيق الأفق وصراع الديكة حول جيفة السلطة، ولا يليق بمجتمع أنجز ثورة فريدة أن ينطبق عليه ذلك المثل القديم الذى كان البعض يردده: «آه يا بلد ما لهاش عمدة».





مشاركة




التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد بدر نصار ...صحفي

كاتب روعة

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد الشيخ

شهوات زائفة

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

قليلا من الصبر وكثيرا من الصمت

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد محمد

الكعكة لم تنضج بعد

عدد الردود 0

بواسطة:

ايمان احمد عبد العظيم

مقاله موضوعيه - ولكن!!

عدد الردود 0

بواسطة:

معصوم مرزوق

تعقيب مختصر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة