40 مليون دولار ضختها أمريكا «هيئة المعونة» من أجل الإصلاح الديمقراطى فى مصر بعد الثورة، مما يعنى تراجعها عن القرار، الذى اتخذته إدارة أوباما منذ 2008 بعدم دعم الديمقراطية فى مصر حرصا على مشاعر الرئيس السابق.
المبلغ الجديد الذى أعلنت عنه السفيرة الجديدة فى القاهرة أفقد العمل التطوعى والوطنى براءته، ونصبت به واشنطن فخا للروح الجديدة، التى أشعلت الثورة، التى كان من أهدافها بالإضافة إلى الإطاحة بنظام الوقوف ضد التبعية الأمريكية وضد النفوذ الإسرائيلى الاستيطانى الذى تدعمه واشنطن.
وفى ظل غياب الأمن والرقابة والرؤية عند القائمين على حكم البلاد لم يسأل أحد: أين ذهبت هذه الأموال وماذا يُراد بها بالضبط، فى وقت وقفوا فيه موقفا محترما ضد الاقتراض الخارجى؟
إن الأموال الأمريكية والأوروبية والخليجية التى تنهال على العمل العام فى مصر هذه الأيام تفتح الباب أمام قوى لا تريد الخير لنا، نزلت الأسواق لشراء الذمم وتأصيل الخلافات وتشكيل ميليشيات «مدنية» تطالب بالإصلاح البلاغى من خلال المؤتمرات المكيفة ومحاربة الفساد والحديث عن حقوق الإنسان ومحو الأمية وتمكين المرأة ومقاومة الختان، تلك الأهداف النبيلة التى لا تستطيع أن تقف ضدها، ويجند «الذين قبضوا» الشباب والشابات تحت لافتاتها.
لقد أثبتت التجربة أن الذين أثروا على حساب الخواجة والمشايخ لم يكن لهم أى تأثير على ما حدث فى مصر، وأن الفطرة النقية لشباب الثورة هى التى أحدثت التغيير، ودعم الديمقراطية بأموال أجنبية هو اختراق للوطن حتى لو كان المدعومون من المعارضين لمبارك ونظامه، وأمريكا لا تقدم المعونة حبا فى المحروسة، فالإطار التشريعى الأمريكى للمعونة بـ«شقيها العسكرى والاقتصادى» يضعها ضمن المعونات التى تقدم لأغراض تخدم الأمن القومى الأمريكى، مثلها مثل إسرائيل وباكستان وكوريا الجنوبية وتايوان، إدوارد ووكر الذى كان سفيرا فى مصر فى ثمانينيات القرن الماضى قال: «إن المعونة توفر لمصر مخرجا سهلا لتجنب الإصلاح، إنهم يستخدمون الأموال لإنعاش مشروعات بائدة ولمقاومة الإصلاح».
وكان إيليس أحد رؤساء مكتب هيئة المعونة الأمريكية فى القاهرة فى الثمانينيات قد لفت انتباه مؤتمر لمديرى مكاتب المعونة الأمريكية فى العالم إلى أن ما يتقرر فى واشنطن «يبدد أموال المعونة على مشروعات استعراضية لا تفيد الاقتصاد المصرى»، فرد رئيس هيئة المعونة بأن هدف الأموال الأمريكية ليس تنمية الاقتصاد المصرى، إنما تمويل مشروعات «يراها الناس»، ليعلموا أن الولايات المتحدة تساعد بلدهم.
أعلم أن المصريين هذه الأيام أكثر معارضة للتدخل الأجنبى من أى وقت مضى، ولكن غياب المساءلة وترهل تفكير النخبة القديمة، وتراجع الحديث عن فكرة الاستقلال الوطنى بمفهومها الواسع، سيصنع «أو صنع» أثرياء مناضلين يشكلون الرأى العام على مزاج مموليهم، على الطريقة الأمريكية أو الوهابية أو الأوروبية أو القطرية أو الشرق أوسطية، وكأن الثورة استبدلت نخبة ضللت الناس بنخب كونية ذات صوت عالٍ تعمل مع كفيل مختلف، وكأن المصريين عاجزون عن تمويل المجتمع المدنى بأموالهم؟، أما «الرش الجامد» على الإعلام الخاص هذه الأيام فيحتاج يوما من أول النهار.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن
طيب والمستندات التى تظهر عمالة 6 ابريل
عدد الردود 0
بواسطة:
Dr. Nagy
مطلوب الشفافية