تمر مصرنا الحبيبة بفترة انتقالية غريبة ومتغيرة وصعبة ويبدو أنها ستكون طويلة، ونقول انتقالية لأنه يبدو أن سلطة الحكم تنتقل من فرد احتكرها ثلاثين عاما إلى فرد آخر لم يكن مستعدا لها فقال إنه لا يريدها ولكنه سوف يحتفظ بها فترة حتى يجد من يستحقها!
ونقول إنها فترة صعبة لأن أهدافها وكثيرة مترابطة ومتداخلة وتتعدد الآراء حول أولوياتها ولا يكاد يتفق على تفاصيلها أخوان فى بيت واحد!
ونقول إنها متغيرة لأن الشعب المصرى كله تقريبا يتعرف على نفسه من جديد، فلم يكن يتصور أنه يمكنه هدم أركان المعبد الفولاذى الذى حكم مصر ثلاثة قرون بالحديد والنار، وفوجئ الشعب بما لديه من قدرات خارقة، فالبعض استكثر على نفسه النعمة واكتفى بما تحقق وآثر الشكر والعرفان، والبعض بالغ فى آماله قليلا وطالب بالمزيد ولكنه لا يستعجله، ومن بقى يطلب الكمال فى أسرع وقت ويريد خريطة زمنية لبدء الحساب، وكل هؤلاء تتغير مواقفهم صعودا وهبوطا فى أماكنهم، لذلك فتغيير المواقف سمة الجميع!
وبسبب كل ذلك فإن هذه الفترة صعبة على الجميع، ويختلف الأفراد والجماعات فى تقبل صعوبتها بين التحمل الصبور وبين الرفض الجسور!
لذلك فمن أنسب الدعوات اليوم التحلى بالحكمة وإسداء الموعظة الحسنة، وابتعاد المتلونين والمتغيرين من الساحة، وتفضيل المصالح العامة عن الفوائد الحزبية، وإعلاء شأن الوطن الذى أرخى الجميع شراعه منذ حين، فلن نقتسم الوطن ولكننا سنبنيه، ولن نتنازع ونحن ضعفاء فنفشل وتذهب ريحنا ولكننا سنتوحد فيما بيننا ونقف كالبنيان المرصوص.