كاتب: برامج المرشحين للرئاسة تخلو من "الثقافة"

الأحد، 17 يوليو 2011 02:34 م
كاتب: برامج المرشحين للرئاسة تخلو من "الثقافة" جانب فعاليات مؤتمر "الثقافة المصرية.. تحديات التغيير"
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتقد الكاتب فتحى عبد السميع، عضو اتحاد الكتاب، خلو برامج الأحزاب الجديدة والمرشحين لرئاسة الجمهورية من الثقافة، فى حين أن هناك من يبحثون عن أية شعارات تميزهم، ويضعونها على الورق بغض النظر عن إيمانهم بها، وهو ما يفسر لنا أن غياب الوعى بدور الثقافة واسع الانتشار، ويكشف حجم الكارثة التى زرعها النظام السابق، بتشويه معنى الثقافة فى الأذهان، ومن ثم لفظتها الأحزاب الجديدة عن جهل، أو عن شعور بأن الحديث عن الثقافة لا يجذب الناس إليها.

وأوضح عبد السميع خلال الندوة الأولى التى عقدت في الحادية عشر من صباح اليوم، الأحد، بمقر الاتحاد بالقلعة، ضمن فعاليات مؤتمر "الثقافة المصرية.. تحديات التغيير" أن غياب الأمن أثبت أن مشكلة مصر ليست فى الجريمة، بقدر ما هى فى الثقافة، وهو ما يعنى أن وزارة الثقافة لا تقل عن أهمية وزارة الداخلية ويجب أن تحظى ما تحصل عليه الداخلية، بعدما استطاع النظام السابق أن يجعل من "الثقافة" شيئًا لا أهمية له فى حياتنا، لدرجة أن الغالبية العظمى لن تشعر بشىء لو استيقظت ذات صباح ولم تجد شيئًا اسمه وزارة الثقافة.

وأضاف عبد السميع أنه بدلاً من استغلال الوضع الجديد، وفتح الباب على مصراعيه لتقوم وزارة الثقافة بدورها الحقيقي، يتم تهميشها وإضعافها، وطردها خارج اللعبة، والتعامل معها بنفس منطق النظام السابق، الذى أظهر للعيان معتمدًا القوة فى الحفاظ على مكانته من خلال الجهاز البوليسى القوى، إلا أن اعتماده الأساسى كان على الثقافة، وهذا ما تم على عدة مستويات، منها: إخراج المثقف الحر والثورى من الحياة العامة، وتدجين ورعاية نوع من المثقفين لا يشكلون خطرًا على النظام، وتفريغ المؤسسات الثقافية من محتواها، كالتعليم والإعلام والثقافة، والشباب، وتهميش دورها الحقيقى فى بناء الإنسان داخليًا، والإبقاء عليها كديكور أجوف، وترسيخ قيم ثقافية معينة تؤهل المجتمع لتحقيق أهداف خاصة للعصبة الحاكمة، ولدينا مثال على ذلك بفكرة التوريث، التى لو درسناها لرأينا كيفية حدوث الثورة الثقافية.

وأشار عبد السميع إلى أن التعامل مع ملف "التوريث" لم يتم بشكلٍ مباشر بالاعتماد على القوة وحدها، بل سبقته ثورة ثقافية هادئة تهدف إلى مد جذور الفكرة فى الأرض، عبر آلية الهدم والبناء، وقامت أولاً بهدم ثقافة ثورة يوليو التى حطمت مبدأ التوريث في الحكم، وثانيًا بترسيخ ثقافة التوريث فى كافة مناحى الحياة، وهكذا رأينا التوريث يشكل ملمحًا من ملامح عصر "مبارك"، فابن الجامعى يصبح جامعيًا، وابن اللواء يصبح ضابطًا، وهكذا ظهر مصطلح أبناء العاملين وشاع فى قاموس كل المصالح الحكومية، أى أن فكرة التوريث تم تجذيرها ثقافيًا فى المجتمع، حتى باتت قلة نادرة هى التى تشك فى نجاح ملف "التوريث".

وأوضح عبد السميع، إن "الثورة الثقافية" تعنى ببساطة تغيير ثقافة نظام سابق، وإحلال ثقافة نظام جديد يلبى حاجات الشعب الثائر، والتركيز على منظومة القيم الثقافية التي تدعم أهداف الثورة وتطلعاتها ومحاولة ترسيخها فى ثقافة المجتمع عبر كافة الوسائل المتاحة والممكنة، ومدّ جذور الثورة فى الأرض، وهذا يشكل أكبر حماية للثورة، ويضمن عدم حدوث نكسة لا مفر منها إن ظلت الثورة كيانًا سطحيًا، أو حدثًا عابرًا، لا يمد جذوره فى عقول الناس، ولذا فإن هدم ثقافة النظام السابق جزء لا يتجزأ من الثورة ودليل على نجاحها، فما يمكن هدمه فى حركة انفعالية ساخطة، يمكن أن يعود مرة أخرى بقوة ثقافته الناعمة والجبارة فى نفس الوقت.

وشدد فتحى على أن ثقافة الأفراد هى العامل الحاسم فى مصير الثورة، وأضاف: نحن نغفل أو نتغافل عن هذا العامل المهم، ويظهر ذلك فى مظاهر كثيرة، وعلى سبيل المثال، شغلنا الحديث عن الدستور، والانتخابات الحرة النزيهة، كما لو أن ذلك هو غاية الثورة، رغم أن تجاربنا تقول إن الدستور قابل للتعطيل والتغيير فى فترة ما، ومن خلال استفتاء ودعم جماهيرى يطالب بولاية الزعيم الفاسد إلى الأبد، أى أن الدستور لا معنى له بدون ثقافة الناس، وفى نفس الوقت غاب اهتمامنا بالناخب الحر النزيه، بما يعنى أن الانتخابات النزيهة يمكن أن تسفر عن نجاح نفس تركيبة الأشخاص الذين أفرزتهم الانتخابات المزورة، وربما أسوأ، فالفيصل ليس سلامة الإجراءات ونزاهتها، بل ثقافة الناخب.

وقال إن الثورة الثقافية مشروع كبير، يحتاج إلى تجهيزات كثيرة، وفى مقدمتها تشكيل مجلس محترم من المثقفين، ويحظى بدعم كبير، ويتولى ملف الثورة الثقافية، بدايةً من رصد جميع المظاهر الثقافية التى لا بد من هدمها، والمظاهر الثقافية التى لا بد من دعمها، وصولاً لوضع الآليات الفعالة لتحقيق الثورة الثقافية، فى إطار تتكاتف فيه جميع مؤسسات الدولة، والكيانات الأهلية، وضرورة مشاركة الأحزاب والمرشحين للرئاسة، ومؤسسات المجتمع المدني في طرح تصوراتهم عن الثورة الثقافية، وخططهم لتنفيذها.

وأوضح أن كيفية قيام الثورة الثقافية أمر يحتاج إلى عمل جماعى، يطرح للنقاش على نطاق واسع، يعتمد على بعض الأمور الضرورية لقيامها وهي الوعي بأهمية الثقافة ودورها الهام، والضرورى للغاية، فى خروج مصر من مستنقع التخلف، وإبداع نموذج حضارى له خصوصيته، فبدون هذا الوعى لا مجال للحديث عن الثورة الثقافية، واتخاذ كافة الوسائل للتخلص من ثقافة النظام السابق، وتحريمها تحريمًا شعبيًا ورسميًا، باعتبارها الخطر الأكبر على الثورة ومكتسباتها، وهذا هو الدليل الوحيد على فض التعارض بين السلطة والثورة.

يذكر أن ما يدور من نقاشات حول "الثورة الثقافية وتحديات التغيير"، وتوصيات سيخرج بها المشاركون سوف تكون أحد ركائز "وثيقة كتاب مصر" التى سيتقدم بها الاتحاد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة حول تصورات مبدعي ومفكري مصر حول الدولة المدينة بعد ثورة 25 يناير، وكان الاتحاد قد اختار موقع "اليوم السابع" وطرح أفكار الوثيقة الأولى لاستقبال آراء ومقترحات قراء الجريدة ومناقشتها خلال الجلسات.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة