نقلاً عن اليومى..
فور أن تولى فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب مشيخة الأزهر، تسابق الجميع فى تفاؤله بإعادة الاعتبار لهذه المؤسسة الدينية العريقة، وذلك على خلفية أن الرجل يمتلك القدرة على ذلك، وأنه إلى جانب كونه عالماً أزهرياً مرموقاً، لديه الرغبة فى الاستقلال بقراره عن نظام مبارك الذى تغول فى هذه المؤسسة بهدف اخضاعها إلى سياساته وتجلى ذلك أكثر فى عهد الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر الراحل، ودفع هذا التغول البعض إلى التحفظ على إمكانية أن ينجح الطيب فى رسالته، بالرغم من أنه شخصياً مؤهل لها، ولما جاءت ثورة 25 يناير توجهت الأنظار من جديد إلى هذه المؤسسة العريقة، بغرض الإمساك بفرصة التجديد الشامل فيها.
وبدا أن القائمين على أمر المؤسسة الدينية الأكبر فى العالم الإسلامى قد استوعبوا درس الرفض الشعبى لوجود الأزهر فى كنف سلطة مبارك، فأصبح واضحًا أن هؤلاء يريدون أن يكونوا بعيدين عن القرارات السياسية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بصفته القائم على حكم البلاد، وبدا واضحًا أن الأخير يرفض بدوره أن يلعب دور الوصى على المؤسسة الدينية، وأن يتفادى استمرار الخلط الذى حدث فى وقت سابق بين الأزهر والسلطة، بل إن المجلس العسكرى بادر إلى العمل على تحقيق المطالب الخاصة باستقلال الأزهر وانتخاب شيخه بدلاً من تعيينه، حيث أقر تشكيل لجنة من العلماء والقانونيين على رأسهم المستشار طارق البشرى لإعداد قانون جديد للأزهر، تمهيدًا لعرضه على مجلس الشعب القادم.
موقف المجلس العسكرى يلقى قبولاً واسعًا بين رجال الأزهر، فيقول الدكتور محمد رضا محرم الأستاذ المتفرغ، وعميد كلية الهندسة بجامعة الأزهر السابق، إن المجلس العسكرى نجح فى إرجاع الحقوق إلى المستبعدين أمنيّا من الأزهر، وذلك بعد إصدار قرار بتغيير قيادات الجامعة، التى كثيرًا ما تعاونت مع جهاز أمن الدولة «المنحل»، وتعاملت مع طلابها وأساتذتها، وفقًا للرضا أو الرفض الأمنى لهم.
يضيف محرم أن الأزهر الآن لا يسعى للتقرب من المجلس العسكرى، لمعرفة مسؤوليه أن فترة حكم المجلس فترة انتقالية، ولكن يسعى مسؤولو الأزهر للتقرب من التيارات السياسية الأبرز بعد الثورة، وخاصة التيار الليبرالى، والإسلامى، لافتًا إلى أنه فى الوقت الذى أصدر فيه الأزهر وثيقة تدعو إلى دولة مدنية ديمقراطية تحترم المواطنة، وأكد مسؤولوه على عدم وجود دولة دينية فى الإسلام، فإنهم فتحوا قنوات للحوار مع جماعة الإخوان المسلمين، التى تعبر عن تيار سياسى دينى. ويرى محرم أن مسؤولى الأزهر يسعون إلى تفادى تكرار أخطاء الماضى، مشيرًا إلى أنهم عمدوا إلى كسب ود الثوار، وتأييد الثورة، فى تبدل واضح لموقف المؤسسة الدينية من الثورة قبل سقوط النظام، موضحًا أن الأزهر يبتعد الآن عن الفتاوى التى من شأنها إثارة الغضب والاستياء لدى الشارع المصرى، والعربى، والإسلامى، لافتًا إلى أن آخر تلك الفتاوى تمثلت فى إجازة ترك المسلم صلاة الجمعة، إذا تأكد من وجود خطر على نفسه أو ماله أو بيته»، وهى الفتوى التى صدرت قبل ساعات من جمعة الرحيل، والتى خلع على أثرها الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، وسقط النظام.
ويستطرد محرم: إن سجل الأزهر فى تبعيته للسلطة ممتد إلى عقود طويلة مضت، مشيرًا إلى إصدار شيخ الأزهر الراحل «عبدالرحمن تاج» فتوى فى عام 1954 بإسقاط الجنسية عن الرئيس السابق محمد نجيب، لأنه «يتعاون مع قوى خارجية ضد بلاده»، مضيفًا أنه فى عصر السادات أيد شيخ الأزهر جاد الحق على جاد الحق اتفاقية «كامب ديفيد»، فيما كان للشيخ الراحل محمد سيد طنطاوى النصيب الأكبر من تلك الفتاوى المثيرة للجدل، كالفتوى الخاصة بجواز بناء الجدار العازل على الحدود بين مصر وغزة، وفتوى عدم جواز إطلاق صفة شهيد على منفذى العمليات التفجيرية فى إسرائيل، والتى أطلقها طنطاوى فى أوج اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.
مقاومة ومطالب إصلاحية
فتاوى الأزهر ومواقفه المساندة للسلطات، كانت تلقى إلى جانب الرفض الشعبى، مقاومة من داخل الأزهر ذاته، وكان أبرز مثال لذلك جبهة علماء الأزهر، ومواقفها المناهضة لممارسات قيادات الأزهر.. يقول الدكتور محمد مختار المهدى «عضو الجبهة» إن ضغوط السلطة الحاكمة كانت تدفع علماء الأزهر إلى تبنى الروايات الأضعف، وإطلاق الفتاوى بناء عليها، وهو ما كان يهدد بإضعاف دور الأزهر كمؤسسة دينية وسطية.
ويحمل الداعية الشاب عصام خالد ما يصفه بـ «فتاوى الأزهر التفصيل» المسؤولية عن انتشار فوضى الفتاوى على الفضائيات، مفسرًا ذلك بأن غياب ثقة المواطن بالمؤسسة الرسمية كان يدفعه إلى اللجوء إلى شيوخ الفضائيات.
وقف النظام السابق بالمرصاد لكل المحاولات التى استهدفت تعديل القانون المنظم لشؤون الأزهر، والمعمول به منذ عام 1961 ويحمل رقم 103، ولعب مجلس الشعب بأغلبيته المصطنعة دورًا بارزًا فى إجهاض مشروعات القوانين المقدمة فى هذا الشأن، وآخرها ما تقدم به النائب الإخوانى السابق على لبن عام 2002، والذى تضمن مشروعه اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب، وإعداد كادر خاص بمعلمى الأزهر، وإعادة النظر فى المواد المقررة على طلبة الأزهر، التى تصل إلى 24 مادة، فى مقارنة بطلبة المدارس الحكومية، ويقول لبن: «عطل جهاز أمن الدولة المنحل صدور القانون لصالح أمريكا وإسرائيل، بعدما وافق مندوب شيخ الأزهر»، موضحًا أن مشروع القانون عرض على اللجنة الدينية بمجلس الشعب، ونوقش خلال أكثر من جلسة، ولم يلق أدنى اعتراضات، لتتوقف المناقشات بعدها تمامًا.
من التحرير.. إلى الفيس بوك
الجديد بعد ثورة يناير أن تيارات الإصلاح الجديدة بالأزهر تسعى الآن إلى عرض رؤيتها لإصلاح المؤسسة الدينية عبر ميدان التحرير وعلى صفحات الفيس بوك، رافعة شعار «الشعب يريد إصلاح الأزهر»، كما يعمل ائتلاف «النهوض بالأزهر» على التنسيق بين عدد من الرموز الإسلامية المختلفة، سواء من داخل الأزهر أو من خارجه، من أجل الاتفاق على عدة إصلاحات ضرورية، على رأسها إسقاط القانون 103 لسنة 1961، والذى أدى تطبيقه إلى تعيين شيخ الأزهر من قبل الدولة، بدلاً من انتخابه.. يقول عبدالرحمن الدسوقى عضو الاتحاد العام لعلماء المسلمين، ومنسق الائتلاف: الهدف الرئيسى الآن للائتلاف هو استقلال الأزهر، بعيدًا عن السلطة، حتى لا يتم تعيين شيخ الأزهر الجديد وفقًا للتيار السياسى الغالب، فلا يجوز أن يوصف شيخ الأزهر بأنه ليبرالى أو إخوانى أو علمانى، كما لا يجوز أن يتحرك رأس المؤسسة الدينية وفقًا لأهواء الساسة، بل يجب أن يعود الأزهر إلى دوره فى مراقبة أداء الدولة، وتصحيح مسار الحاكم، ومراجعته، دون خوف.
ويشير الدسوقى إلى أن الائتلاف يضم حتى الآن عددًا من أبرز الرموز كمحمود مزروعة، وعبدالحارس الفرماوى، وعبدالمنعم البرى، إضافة إلى ذلك وضع ائتلاف النهوض بالأزهر خطة طموحة لعودة هيئة كبار علماء الأزهر، التى من المقرر أن تنتخب رئيس الأزهر القادم، فى حالة إسقاط القانون 103، لتضم الهيئة 50 من أبرز علماء العالم الإسلامى.
أما حركة دعم استقلال الأزهر فتضع على رأس مطالبها عودة الأوقاف إلى مؤسسة الأزهر، لتحقيق استقلاله المادى، ويرى نشطاؤها أن تحقيق ذلك من شأنه أن يؤدى إلى إضعاف قبضة الحاكم على الأزهر.. يقول المستشار عبدالغنى الهندى منسق الحركة إن حكومة ثورة 23 يوليو كانت تعلم الدور المهم الذى يلعبه الأزهر فى توجيه الحياة السياسية المصرية، وكيف أن علماء الأزهر كانوا دائمًا ما يقودون الحركات الاحتجاجية، مثلما حدث فى ثورة عرابى، وثورة 1919، وما سبقهما من التصدى للحملة الفرنسية، والتى أعدم خلالها عشرات من علماء الأزهر، مؤكدًا أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عمد إلى تجفيف منابع الأزهر، لإسكاته وتطويعه، عن طريق استيلاء الإصلاح الزراعى عام 1956 على 137 ألف فدان من الأوقاف التى كانت تابعه للأزهر، وقدر وقتها الفدان بـ 20 ألف جنيه، وبعدها بسنوات صدر قانون 103 لسنة 1961، والذى حول الأزهر إلى إحدى المؤسسات التابعة للدولة، لافتًا إلى أن ميزانية الأزهر وصلت خلال حكم مبارك إلى 5 مليارات جنيه، «تدفعها الدولة بيد، وباليد الأخرى توجه فتاوى المؤسسة الدينية، وتعمل على إضعاف المناهج التعليمية التى تدرس لطلابها، بما يتناسب مع الضغوط الخارجية».
بعد الثورة.. الأزهر لن يعيش فى جلباب النظام .. قيادات المؤسسة الدينية استوعبت درس «مبارك».. وأبعدت نفسها عن المجلس العسكرى
الأحد، 17 يوليو 2011 09:05 ص
أحمد الطيب شيخ الأزهر
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق محمد عبد الرحمن
الازهر حر بعد الثورة !!!
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الانصاري
الازهر قلعة العلم
عدد الردود 0
بواسطة:
Dr. Mahmoud
فى المشمش
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد علي عبيد الشيخية
املنا كلنا شيخ الازهر
عدد الردود 0
بواسطة:
هدير
الأزهر أكبر مؤسسة دينية فى العالم الإسلامى
عدد الردود 0
بواسطة:
سامح
و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا
عدد الردود 0
بواسطة:
ازهري
حتى الازهر ؟؟؟؟؟!!!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
إمام عادل
عدد الردود 0
بواسطة:
Farida
يارب
عدد الردود 0
بواسطة:
اسامه
استقلال الازهر