شهدت مكتبة دار العين بالإسكندرية حفل توقيع ومناقشة رواية (صدفة بتجمعنا) الصادرة عن دار العين للأديب السكندرى د.محمد عزب، و أدار فيها الحوار الناقد الشاب د.حسام عقل أستاذ كلية التربية جامعة عين شمس، والذى استهل حديثه بالحوار حول الرومانتيكية، وأنها كانت المدخل الرئيسى لتعامله مع الرواية ف (توماس هيتمان)، حينما يقول إن البشر الآن أصبحوا كالقطيع الإليكترونى يكسر لدينا كل وجود عن الروح والعاطفة وداخل هذه التيمة يمارس محمد عزب لعبته حين يجنح إلى الرومانتيكية فى زمن لا يعرف الرومانتيكية، كما أن منطق المؤلف فى النص يميل إلى منطق الرومانتيكيين الكبار فى السرد.
عن فكرة العنوان يقول د.حسام عقل "العنوان مستوحى من منطقتين جماليتين فهو يلقى بنا فور قراءته لأغنية (صدفة) لعبد الحليم، وكذلك أغنية شهيرة لأنغام وهذا بدورة تضافر مع الجو العام، للنص لأن الصدفة كانت هى الشرارة الأولى أيضا لتفجر أحداث الرواية، نقطة أخرى تحدث عنها د.حسام حين تطرق لمسألة التاريخ فهو يرى أن الرواية استلهمت أحداث التاريخ المصرى لتقوم بعمل حالة تماهى بين ما هو متخيل وما هو واقع، ما هو تاريخى وما هو معاصر ورغم إلا أن هذا الأمر كان من الممكن أن يربك النص و يستعصى على الكاتب إلا أنه كان قادرا على الإلمام بتلابيب السرد.
ولم ينفلت منه بنيان الرواية فكان متوازنا لا يسقط فى فخ التاريخ ولا يشوهه وهنا أستطيع أن أقول _ والكلام على لسان د.حسام_ أن محمد عزب نجح فيما أخفقت فيه الأديبة سلوى بكر فى روايتها (أدماتيوس الألماسى).
فى سياق آخر انتقل الحديث عن الرواية إلى اللغة فلغة الرواية تنأى عن الألفاظ المنمقة والقديمة وتتجاوز منطق الأكلشيهات إلى ممارسات لغوية تشكل مفردات خاصة بعالم الكتابة لدى المؤلف كما أن النص مفتوح على مساحات من الشعرية حين يكتب المشهد القصصى داخل الرواية وكأنه قصيدة ينقصها الوزن وكذا على مساحة كتابة اليوميات والبوح منتقلا أسلوبه اللغوى إلى درجات تختلف واختلاف الحالة المروى عنها فالإهداء كمثال استطاع ان يكسر به المؤلف الحائط الرابع ويورط معه القارئ داخل النص منذ لحظاته الأولى، ربما حشد كل هذه المشاعر وألعاب الكتابة والتاريخ قد يشكل عبئا على النص فيجعله كصندوق الدنيا الذى ترى فيه العالم كله ولكن به مقطع ناقص قد لا تدركه وفى ذات اللحظة ربما جعل هذا النص نفسه مرتكز معبرا عن قوة كاتبه.
محمد عزب روى عن أجواء كتابة الرواية وكيف أن الناشرة د. فاطمة البودى حين التقته مصادفة فى معرض الرياض وعرض عليها الفكرة أعجبت بها وشجعته ودعمته إلى أن ظهرت الرواية للنور، وأنه لم يكن يتوقع أن ينجز هذا العمل الذى بدأه بفكرة بسيطة مستلهمة من قصة من الأدب الإنجليزى القديم لشاعر اسمه (كأجراس) والذى كتب قصائد كثيرة عن محبوبته التى تعيش فى الإسكندرية أثناء الحرب العالمية فواتته الفكرة فى أن يمزج روح هذه النص القديم بمستحدثات الزمن الذى نحياه لتتخلق الرواية وتنضح لتصبح (صدفة بتجمعنا) التى يتمنى أن يقرأها ضيوف اللقاء الذين استمتعوا بمناقشة د.حسام عقل ويمنحونه رأيهم عنها.